فتحت عودة ملف تعامل الكويت مع المقيمين الأجانب باب الانتقادات على مصراعيه بعد أن شرعت السلطات في تنفيذ خطط ترحيل المخالفين لقانون الإقامة، والذي ضمنته بحزمة حوافز للتخلص منهم سريعا في ظل تحميل البعض منهم انتشار وباء فايروس كورونا بالبلاد، الأمر الذي قد يتسبب في إثارة المنظمات الحقوقية العالمية نتيجة هذا التمييز، الذي اعتبره البعض غير مبرر. الكويت – بدأت السلطات الكويتية الأربعاء في تنفيذ أولى مراحل برنامجها المتعلق بترحيل العمالة الوافدة المخالفة لقانون الإقامة بعد أن أجبرتها أزمة جائحة فايروس كورونا المنتشر في جميع أنحاء العالم على ذلك. واستغلت الكويت هذه الفرصة للتخلص من أكثر من 150 ألف أجنبي مقيمين بالبلاد بشكل غير قانوني بعد أن تجاوزوا على الأرجح مدة إقامتهم المسموح بها، في وقت تكافح فيه الحكومة من أجل تركيز جهودها نحو السيطرة على الوباء. وذكرت وسائل إعلام محلية أن الجهات المعنية بدأت باستقبال الأجانب المخالفين لقانون الإقامة، والذين سلموا أنفسهم طواعية لوزارة الداخلية وقد تم وضعهم داخل مدارس أعدت لهم على وتم تزويدها بكل الظروف الملائمة للسكن. ونقلت صحيفة الأنباء المحلية عن مصدر أمني رفيع لم تكشف عن هويته قوله إنه “تم تحديد خمسة أيام لجمع الوافدين من الجنسيات الفلبينية والمصرية والهندية والبنغالية والسريلانكية”. وأوضح المصدر أن هذا الفرز جاء استنادا على إحصائيات رسمية لدى وزارة الداخلية تؤكد ضخامة أعداد المخالفين من هذه الجنسيات الخمس. ويفترض أن يبدأ ترحيل المقيمين غير القانونيين بداية من الاثنين المقبل على أن تستمر العملية حتى الثلاثين من هذا الشهر، لكن البعض يرجح أنها ستطول بالنظر إلى عدم امتثال بعض المقيمين لقرارات الدولة. وفي محاولة لحث المقيمين غير القانونيين على الامتثال لقرارات السلطات، ألغت وزارة الداخلية الغرامات المقررة على الوافدين المخالفين لقانون الإقامة، في حال سفرهم إلى بلدانهم خلال شهر أبريل الجاري، وفق ما هو مخطط. وقال وكيل وزارة الداخلية الكويتية المساعد لشؤون الإقامة اللواء طلال معرفى الأسبوع الماضي إنه “تقرر إعفاء الوافدين الزائرين والمتواجدين داخل الكويت من الغرامات المترتبة عليهم خلال هذه الفترة”. وأشار إلى أن الوافدين الزائرين، الذين انتهت مدة تأشيرات الزيارة التي دخلوا بموجبها إلى البلاد، سواء أكانت تجارية أم سياحية أم عائلية خلال فترة العطلة، يمكنهم مغادرة البلاد من دون دفع الغرامات عند إعادة فتح المجال الجوي. ورغم أن الكويت تبرر خطوتها بمكافحة الوباء، إلا أن الكثير من المتابعين للشأن الكويتي والمنظمات الحقوقية العالمية ترى في هذا الأمر محاولة لاقتناص الفرصة بتعلة انتشار كورونا حتى تنفذ خططها المتعلقة بتقليص أعداد الوافدين. وتمرّ الكويت كغيرها من دول الخليج بأزمة اقتصادية حادة في أعقاب تراجع أسعار النفط، وقد زاد فايروس كورونا من تعقيد المشاكل بشكل أكبر، ولذلك تجد الحكومة نفسها في موقف محرج للغاية في هذا الصدد وهي تسابق الزمن من أجل محاصرة عدد المصابين. وكثيرا ما تنفي السلطات الكويتية وجود اضطهاد ممنهج للعمال الوافدين، لكن منظمات حقوقية ووسائل إعلام عالمية تورد قصصا مختلفة بين الفينة والأخرى توضّح تواتر التعديات على حقوق العمال، وتبيّن أن من القضايا ما يرتقي إلى مرتبة العبودية المعاصرة والاتجار بالبشر. وسجّلت الكويت 317 إصابة بفايروس كورونا المستجد، بينها حالات لعمال وافدين، وقد تعافى 80 منهم بينما لم تعلن عن أيّ وفاة ولم تصدر أيّ تصريحات رسمية حول وجود نقص في أسرة المستشفيات. وتقدّم الكويت العلاج مجانا للمصابين بفايروس كورونا المستجد من مواطنين ووافدين. ويشكل الأجانب نحو 70 في المئة من السكان البالغ عددهم حوالي أربعة ملايين نسمة. وإلى جانب الانتقادات الدولية، تتعرض الكويت بسبب موقفها من العمالة الوافدة سيلا من الانتقادات الداخلية من قبل بعض المواطنين، حيث كتب ناشط على حسابه في موقع تويتر يقول “كيف نكون دولة الإنسانية.. ونطالب برمي البشر في البحر؟”. وقال آخر “كم هو عدد الكويتيين الذين يعيشون في الخارج؟ وهل يجب تطبيق النظيرة على هؤلاء؟”. وكان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الكويتي أنس الصالح، قد وجه الأسبوع الماضي تحذيرا للمقيمين في البلاد من الإبعاد فورا، إذا خالفوا تعليمات وزارة الصحة.
مشاركة :