تغطية: عبير أبوشمالة أكد جهاد أزعور، مدير إدارة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وآسيا الوسطى لدى صندوق النقد الدولي، أن ما اتخذته الإمارات ودول مجلس التعاون من تدابير في مواجهة التحديات الاقتصادية التي فرضها انتشار فيروس كورونا، كافية لمواجهة تبعات الأزمة على المدى القصير، لافتاً إلى أن حجم الدعم الذي ضخّته الدول المنتجة للنفط في اقتصاداتها كان ضخماً ويتراوح بين 60 إلى 70 مليار دولار، إلى الآن، يشكل الدعم الكافي لسد الاحتياجات الأساسية من رعاية صحية، ولحماية محركات النمو الاقتصادي الأساسية، لكنه لفت إلى أن الوضع ما زال يتطور، وهذا الدعم كاف لمواجهة التبعات قصيرة الأجل، لكن لمعرفة ما سيتطلبه المستقبل علينا أن ننتظر التطورات على مستوى انتشار الفيروس، وقدرة العالم على احتواء انتشاره. وأضاف خلال حلقة نقاش، عن بعد، جمعته مع خبراء من «بلاك روك»، ومعهد «كارنيجي»، قائلاً إن الدول المنتجة للنفط في المنطقة تأثرت على مستويات عدة، مع التراجع في أسعار النفط، والوضع السائد مع تعليق العديد من الأنشطة الاقتصادية لاحتواء انتشار الفيروس، لكنه لفت إلى أن الإمارات ودول المنطقة لديها من المصدّات المالية ما يساعدها على تجاوز تبعات الأزمة. ولفت إلى أهمية أن تكون الدول التي لا تتمتع بمصدّات مالية عالية في المنطقة أكثر تحفظاً في خطط الدعم ورفع الإنفاق تفادياً لتأثيرات أعمق في مرحلة ما بعد الأزمة. وقال إن الصندوق إلى الآن تلقى أكثر من 85 طلب دعم، 14 منها من دول في المنطقة، وتتم مراجعة هذه الطلبات والنظر فيها تباعاً. وأكد أن الصندوق يعمل على توسعة قدراته على الإقراض والتحرك السريع من خلال اعتماد آليات جديدة للإقراض الثنائي، وزيادة حجم صندوق المنح للدول الأشد فقراً والتي تعد الأكثر تأثراً بأزمة «كورونا»، إضافة إلى ذلك يقوم الصندوق بتعزيز قدرات الإقراض لديه من خلال دراسة رفع إمكانية الإقراض للدول الأعضاء من 50% من إسهاماتهم في الصندوق إلى 80، أو حتى 100%. وقال إن الأزمة سوف تدخل على الاقتصاد العالمي العديد من التغيرات، وعلينا أن نتوقع نموذجاً اقتصادياً مختلف نموذج جديد غير الذي عهدناه في الماضي للاقتصاد العالمي. ولفت إلى أن المنطقة عليها ألا تهدر فرص الأزمة وأن تتعلم الكثير من الدروس المستفادة للمرحلة المقبلة. وقال إن الصندوق تلقى بالفعل طلباً من إيران للدعم في مواجهة تبعات الجائحة، لافتاً إلى إن الطلب يتم النظر فيه كأي طلب من دولة من الدول الأعضاء، وأضاف إن الوضع الإنساني في إيران صعب، مع ضعف اقتصادي. الوضع غير مسبوق من جانبه، قال عامر بساط العضو المنتدب لدى شركة الاستثمار الأمريكية العملاقة «بلاك روك»، إن الوضع الذي يواجهه العالم اليوم غير مسبوق، وإن الصدمة الاقتصادية الناتجة عن فيروس كورونا ربما تكون ثاني أسوأ صدمة عالمياً، بعد الكساد العظيم في ثلاثينات القرن الماضي، لافتاً إلى أن الصدمة هذه المرة ستكون أعمق مما شهده العالم في أعقاب الأزمة المالية العالمية عام 2008، وحتى بعد أزمة الإنفلونزا الإسبانية عام 1918. وتوقع أن ينكمش الاقتصاد العالمي بنحو 11% في النصف الأول من العام الجاري، وقال إن الخسائر الاقتصادية من المتوقع أن تصل إلى ما يزيد على 6 تريليونات دولار في النصف الأول من 2020، وأن يفقد الاقتصاد العالمي 25 مليون وظيفة. ولفت إلى أن هناك خسائر لن يستطيع العالم تعويضها بعد الأزمة، وقال إن العالم على أقل تقدير سيخسر 2 إلى 3% من نمو ناتجه المحلي، النمو الذي لن يعود مجدداً، أو يقدر على تعويضه، خاصة مع توقعات بتغيرات جذرية في نمط العيش والإنفاق الاستهلاكي في مرحلة ما بعد الأزمة. ويرى بساط أن التحركات العالمية في مواجهة التبعات الاقتصادية للازمة، ربما ليست بالكافية لكنها إلى اليوم تعتبر غير مسبوقة، مع ضخ أو وعود بضخ 5 تريليونات دولار في الاقتصاد العالمي، ومبادرات من 65 بنكاً مركزياً حول العالم لخفض الفائدة، وقيام 20 بنكاً مركزياً باعتماد سياسات تيسير كمي، وغير ذلك من أدوات التيسير لمواجهة تبعات الأزمة. تعاون عالمي من جانبه، قال موسى نعيم الخبير الاقتصادي لدى مؤسسة «كارنيجي للسلام»، إن التحرك العلمي لم يكن كافياً في مواجهة الأزمة، قائلاً إن الأزمة اليوم غير مسبوقة، وهي تتطلب بالتالي حلولاً غير مسبوقة وتفرض الحاجة لتعاون عالمي المستوى لاحتواء التبعات المختلفة للأزمة على كل الصعد، بخاصة على المستويين الاقتصادي، والاجتماعي. ولفت إلى أن قادة العالم يهدرون الوقت الثمين في مهاترات من نوع جدل الرئيس الأمريكي، وإصراره على إطلاق اسم الفيروس الصيني، أو فيروس ووهان على كورونا، لافتاً إلى أن هذا يضيع الفرصة ولا يصب في مصلحة أي طرف. وأضاف قائلاً إن العالم شهد عام 2008 أزمة مالية صعبة، ووقتها برزت مجموعة لم يكن أحد يسمع عنها، أو لم تكن لها هذه الأهمية في السابق، وهي مجموعة العشرين التي تأسست عام 1999، ووقتها لعب رئيس الوزراء البريطاني جوردون براون دور المنسق العام للمجموعة ليحولها من مجموعة عادية إلى المجموعة المسؤولة عن إنقاذ العالم من تبعات الأزمة المالية في ذلك الوقت. وتحدث عن تبعات الأزمة مبرزاً منها ما تشهده بعض الدول من انتهاز فرصة أزمة «كورونا» وتحويل قادتها لها إلى فرصة للاستيلاء على السلطة والبقاء فيها، لافتاً إلى أن الدول من الممكن أن تتحمل إدارة ديكتاتورية شعبوية لفترة من الزمن، لكنها لن تتحملها مطولاً. وأشار إلى الوضع في فنزويلا قائلاً إنه بات على درجة كبيرة من الصعوبة مع شح الوقود، والعديد من المواد الأساسية، وفي مقارنة مع الوضع في لبنان قال على الأقل لبنان لديه حوكمة، وماء، وكهرباء، وخدمات رعاية صحية، ومواد غذائية، ولا شيء من هذا موجود اليوم في فنزويلا.
مشاركة :