تكاليف التأمين الصحي أصبحت عبئًا على موازنة الدولة

  • 6/16/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

كتبت - منال عباس: تقدّم أعضاء مجلس الشورى أمس، خلال الجلسة الأسبوعية في دور الانعقاد الثالث والأربعين برئاسة سعادة السيد محمد بن مبارك الخليفي رئيس المجلس، بطلب مناقشة عامة لتكاليف التأمين الصحي. وفي بداية الجلسة تقدم الخليفي بالتهنئة للأعضاء بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك، منوهًا بأن جلسات المجلس خلال الشهر الكريم ستكون في الساعة العاشرة صباح الاثنين في كل أسبوع.. بعد ذلك استعرض سعادة السيد فهد الخيارين، سكرتير عام مجلس الشورى، طلب المناقشة الذي أشار إلى سعي القيادة الرشيدة والحكومة لدعم الخدمات الصحية وتعزيزها، حيث كان النصيب الأكبر من مخصصات الموازنة العامة للدولة لقطاعي الصحة والتعليم، لما يُمثله هذان القطاعان من أهمية بالغة للتنمية المستدامة. وجاء في طلب المناقشة أنه "في الآونة الأخيرة وبتوجيهات كريمة من سمو أمير البلاد المفدى، تم إنشاء نظام التأمين الصحي ليشمل في بدايته المواطنين القطريين، رغبة في إشراك القطاع الخاص في هذا النشاط الحيوي ولتوفير أفضل الخدمات الطبية للمواطنين، إلا أنه من واقع الممارسات العملية وبكل أسف سعت بعض المرافق الطبية الخاصة، مستشفيات وعيادات، إلى استغلال هذا الأمر من خلال المبالغة في الأسعار التي تفرضها على خدماتها، ما أصبح يشكل عبئًا مكلفًا على الموازنة العامة للدولة التي تدعم وتغذي شركة التأمين الصحي وذلك في ظل غياب الرقابة والمتابعة من قبل القائمين على هذه الشركة". وجاء على لسان الأعضاء: "وانطلاقًا من مسؤوليتنا جميعًا في هذا المجلس، فإننا نقدّم هذا الطلب ونرفع هذا الأمر إلى مجلسكم الموقر للتوجيه بالنظر فيه ومناقشته والخروج بالتوصيات المناسبة لكل ما من شأنه حفظ المال العام وتحقيق المصلحة العامة لبلادنا الغالية". خلال قراءته مقترح أعضاء المجلس مناقشة الموضوع.. المعضادي: تقديم الخدمات الطبية تحول لتجارة تقوم على الجشع "صحة" ساهمت في رفع تكاليف العلاج دون مبرر تكلفة زراعة سن واحدة كانت 7 آلاف ريال.. وأصبحت 11 ألفًا تقدّم عضو مجلس الشورى السيد راشد المعضادي بمقترح شامل يؤكد فيه ضرورة مناقشة نظام التأمين الصحي، وقام أعضاء المجلس بالتوقيع على الطلب الذي قام المعضادي باستعراضه في جلسة يوم أمس أمام مجلس الشورى. وقال المعضادي: من هذا المنبر أرفع لمقام حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى أسمى آيات الشكر على توجيهات سموه الكريمة بشمول المواطنين بنظام التأمين الصحي وتوسيع دائرة الرعاية الصحية المجانية التي تقدمها الدولة للمواطنين، وقد سعت الحكومة الموقرة لوضع هذه التوجيهات موضع التنفيذ من خلال إنشاء الشركة الوطنية للتأمين الصحي المملوكة للحكومة بالكامل وخصصت لها الموارد المالية اللازمة التي تقدر بمليارات الريالات. وأضاف: وبعد مضي قرابة السنتين على تطبيق هذا النظام، لوحظ أن هناك العديد من المستشفيات والعيادات الخاصة قامت برفع أسعار خدماتها الطبية بشكل مبالغ فيه، وأصبحت تكاليف العلاج أضعافًا مضاعفة، وهو أمر تحولت معه عملية تقديم الخدمات الطبية إلى تجارة تقوم على الجشع واستغلال ظروف المرضى، من خلال المبالغة في نوع الخدمات وزيادتها قدر الإمكان للحصول على أكبر عائد مادي ممكن وبأسعار مرتفعة كثيرًا دون أي وازع ديني أو أخلاقي أو مهني، وفي غياب مستغرب من الجهات الرقابية وفي مقدمتها الشركة الوطنية للتأمين الصحي، التي ساهمت هي أيضًا في ذلك، عن طريق وضع أسقف مرتفعة لبعض العلاجات دون مبرر. واستعرض المعضادي بعض الأمثلة الواقعية لهذه الممارسات من خلال مقارنة أسعار نظام "صحة" ومتوسط أسعار شركات التأمين الوطنية، قائلاً: "تكلفة عملية زراعة سن واحدة في السابق كانت من 5 إلى 7 آلاف ريال، وبعد إنشاء شركة التأمين الصحي أصبحت التكلفة 11،250 ريالاً.. أما عملية ختان الأطفال فكانت تكلف 8200 ريال، وحاليًا تكلف 14200 ريال، وعملية استئصال اللحمية كانت في السابق بمتوسط سعر يبلغ 6 آلاف ريال، فيما قدر نظام "صحة" تكلفتها الآن بـ22 ألف ريال، وعملية استئصال الجيوب الأنفية بالمنظار كانت في السابق بمتوسط سعر يبلغ 14700 ريال وقدرها نظام "صحة" الآن بـ36200 ريال. وتابع: لقد حاولت شخصيًا التواصل من خلال استعلامات الشركة مع مسؤول قطري، وكلما سألت موظفًا يقوم بتحويلي إلى مسؤوله الأعلى وهو غير قطري، وآخرهم، وهو الرابع، من جنسية غير قطرية وهو مديرهم المسؤول وأبلغوني بأنه سيعاود الاتصال ولكن هذا لم يحدث، وتساءل: أين نصيب المواطنين القطريين من وظائف هذه الشركة ؟. بالإضافة إلى أن اللجنة الطبية داخل هذه الشركة المسؤولة عن تقدير الحالات العلاجية وتحميل المستفيد بعض تكاليف العلاج بنسبة معينة لبعض العلاجات التي تستدعي ذلك وليست لديها معايير منضبطة، فتارة تحمّل المريض نسبة من علاج حالة معينة ولا تحمل مريضًا آخر ذات النسبة على الرغم من تشابه الحالة المرضية لكليهما، كما أن هناك حالات مرضية لا يغطيها التأمين الصحي، ومن الواضح ومما لا يدع مجالاً للشك بأن الشركة الوطنية للتأمين الصحي تعاني من نقص الخبرة في هذا المجال وهذا يدفع للتساؤلات وهي: ما هي الأسس التي قامت عليها عملية تسعير الخدمات الطبية لمنتفعي "صحة"؟ ومن المسؤول عن التعاقد مع مزوّدي الخدمة بهذه الأسعار المبالغ فيها؟ ومن المستفيد من استنزاف موارد الدولة بهذا الشكل؟ وكيف يمكن إيقاف هذا النزيف في أقرب وقت ممكن لتجنب تكبد الدولة المزيد من الخسائر؟ ولماذا تم إنشاء هذه الشركة التي تكلف مئات الملايين لتشغيلها بينما هناك مجموعة من الشركات الوطنية العاملة في مجال التأمين الصحي ولديها الخبرة والإمكانيات والأدوات وستتحمّل المخاطر في هذا الجانب؟ كما أن هذا يتنافى مع توجيهات سمو الأمير المفدى - حفظه الله - بعدم منافسة الحكومة للقطاع الخاص. وأضاف إن تولي هذه الشركات الوطنية إدارة التأمين الصحي بدلاً من شركات حكومية من شأنه أن يسهم في دعم وتنشيط دور هذه الشركات، وبما يعود على الاقتصاد الوطني بالمنفعة، كما أن هذا يتفق مع رؤية قطر الوطنية 2030م التي من أهم أهدافها النهوض بالقطاع الخاص ومساهمته في عملية التنمية كشريك يعتمد عليه. وقال: هذه الممارسات الخاطئة في غياب الرقابة الواعية قد رتبت مليارات الريالات على الخزينة العامة للدولة، وما زال الأمر كذلك، واستبيح معه هدر المال العام بغير وجه حق، ومن هذا المقام أرجو من مجلسكم الموقر، لما يحمله من أمانة المسؤولية التي أقسمنا عليها جميعًا، دراسة هذا الموضوع والتشاور بشأنه للوصول إلى التوصيات المناسبة التي تحفظ المال العام، وإنني لعلى يقين من أن الحكومة ورئيس مجلس الوزراء الذي نشهد له بالكفاءة والإخلاص والتفاني - لن يألوا جهدًا في التصدي لمثل هذه التعديات واتخاذ ما يلزم من إجراءات الحفاظ على المال العام ومحاسبة كل من تسبّب في المساس به. مراقب مجلس الشورى: ندعم رعاية وعلاج المواطنين.. لكن دون إهدار للمال العام استعرض السيد محمد عبدالله السليطي، مراقب المجلس، نقاطًا ومحاور هامة، وتوجّه في البداية بالشكر إلى الحكومة والمجلس الأعلى للصحة على إقرار نظام التأمين الصحي.. وقال: "نحن جميعًا من حيث المبدأ والمضمون مع نظام التأمين وندعمه ولكننا مع توظيف الأموال في رعاية وعلاج المواطنين بدون مبالغة وإهدار للمال العام وتلاعب في فواتير العلاج والخدمات الصحية التي يتلقاها المواطن". وأضاف: حقيقة، وللأمانة، فإن العلاج والرعاية في القطاع الصحي العام والحكومي أفضل بكثير وأعلى مستوى في النوعية والكادر والأطباء والخدمات والإمكانيات والأجهزة والتمريض والأدوية من القطاع الخاص، وللأسف يذهب المواطن إلى القطاع الخاص نظرًا للازدحام في مستشفيات القطاع العام، ونحن لا نملك معلومات دقيقة واضحة موثقة وأكيدة، عن حجم المبالغ التي صرفت في موازنة هذا العام ومقدارها لبند التأمين الصحي، وهذه مهمة اللجنة التي سيحال لها الموضوع للدراسة والاستفسار عنه. وأوضح السليطي أن الهدف من إجراء طلب المناقشة هو ترشيد هذا الإنفاق وتقويمه وجعله يسير في القنوات الصحيحة والمعقولة والمتوازنة بدون مبالغة. وتقدم السليطي إلى مجلس الشوري واللجنة التي ستدرس موضوع التأمين الصحي وتتمثل في أن تجربة النظام التأمين الصحي جديدة ومستحدثة وبحاجة إلى متابعة ومراجعة وتعديل وتقويم في هذا النظام لإنجاحه واستمراره في خدمة المواطنين، موضحًا ضرورة أن يقوي مبدأ وقواعد الرقابة الصحية والمالية والمحاسبية عبر إيجاد اللوائح والتعاميم والقرارات والأوامر الإدارية التي تحكم وتراقب أوجه الصرف الصحيحة السابقة واللاحقة، والتصديق عليها. اللبدة: المبالغة في الأسعار جعلتنا نتمنى ألا يكون هناك تأمين صحي أكد السيد اللبدة، في مداخلة له، ضرورة مناقشة هذا الموضوع وأن يأخذ حقه من البحث لأنه يمسّ بمقدرات الدولة، داعيًا في الوقت نفسه أهمية التأني في دراسة مشكلات التأمين الصحي. وقال: "كنا نتمنى التأمين الصحي، والآن نتمنى ألا يكون هناك تأمين صحي بسبب المبالغات في الأسعار، وعدم الأمانة من الجهات المختصة، وارتفاع التكاليف بكافة المجالات العلاجية"، ودعا إلى ضرورة تشكيل لجان لدراسة هذا الموضوع، ولتحديد وضبط أسعار الخدمات العلاجية. مقترح بإنشاء هيئة تقييم مستقلة للتحقيق في تجاوزات التأمين تضمنت المقترحات معاقبة ومحاسبة كل من يخالف ويتجاوز من العيادات الخاصة التي تتلاعب بالفواتير وتبالغ في الأسعار وحرمانها من التعامل معها ومعاقبتها، كما تمّ اقتراح تشكيل لجنة على مستوى مجلس الوزراء لدراسة وتقييم الوضع تضمّ ممثلين من وزارتي الصحة والمالية وديوان المحاسبة والاقتصاد وأي جهة أخرى لها علاقة وارتباط بنظام التأمين الصحي، لوضع تصوّر عام لضبط مسار التأمين.. كما تضمنت المقترحات إنشاء هيئة تقييم صحية مستقلة عن المجلس الأعلى للصحة ووزارة الصحة ذات شخصية اعتبارية أو تتبع مجلس الوزراء تضع المعايير وتراجع وتقيّم وتشرف وتحقق في أي أخطاء أو تجاوزات يمكن من خلالها منح التراخيص وفق المعايير والشروط المطلوبة للخدمات والقطاع الصحي الخاص. كما شملت المقترحات دراسة إمكانية إنشاء واستحداث شراكة بين القطاعين العام والخاص الصحي، تستثمر في هذا القطاع أسوة بشركة الميرة ووقود وغيرها من الشركات المساهمة من خلال تأسيس شراكة لإنشاء العيادات والمستشفيات الخاصة والاستثمار فيها لتخفيف الضغط على الإنفاق الحكومي وفي نفس الوقت يستفيد من خبرات القطاع الخاص في الإدارة والابتكار والرشاقة واستثمار إمكانياته وإنتاجياته في القطاع الأهلي تحت إشراف وقيادة القطاع العام لما له من دور وريادة ومراعاة للمصلحة العامة بهدف تقليل ووضع ضوابط وترشيد النفقات. ناصر راشد سريع الكعبي: ميزانية التأمين تجاوزت 10 مليارات ريال انتقد السيد ناصر بن راشد سريع الكعبي تكرار منح مواعيد للمرضى بالتأمين الصحي لاستنزاف المريض ماديًا، وطلب فحوصات وإجراءات ورقية بدون أسباب منطقية، ودعا إلى استدعاء مسؤولي وزارة الصحة لمناقشتهم في مشروع التأمين الصحي، واتخاذ توصيات بهذا الشأن، موضحًا أن ميزانية التأمين الصحي تجاوزت 10 مليارات ريال في موازنة واحدة. وأكد السيد حامد الأحبابي عضو المجلس "أن نظام التأمين الصحي جاء بمكرمة من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى"، ما أثار فرح المواطن القطري، داعيًا إلى عدم إثارة ضجة تؤثر على هذا المشروع لكنه أعرب في الوقت نفسه عن تأييده لما ذهب إليه السيد راشد المعضادي في مداخلته. ارتفاع الإيجارات فاقم الأوضاع وزاد أسعار العلاج أكد مراقب المجلس محمد عبدالله السليطي أن الارتفاع في أسعار العقارات والإيجارات قد فاقم ارتفاع أسعار العلاج والخدمات والسلع؛ ما أدّى إلى رفع أسعار فواتير العلاج سواء كانت فعلية أو مصطنعة، وبالتالي لا بد من مواجهة هذا التضخم وضبط أسعار الإيجارات وتخفيضها. وقال: "إن قطر تشهد طفرة في الخدمات الصحية وهي أفضل بكثير من السابق، لكننا لا نزال نطالب بإعادة النظر في الخدمات الصحية بالقطاع الحكومي، وتخصيص مستشفيات للمواطنين وأخرى للوافدين، لأن المواطنين يمثلون أقل من 15% من عدد سكان قطر ويجب أن تكون لهم الأحقية في الاهتمام والرعاية والعناية في وطنهم.. علمًا بأنني لست ضد الإخوة الوافدين وحقهم في الرعاية. ودعا سعادة السيد محمد بن مبارك الخليفي رئيس المجلس، السيد محمد عبد الله السليطي إلى حضور اجتماع اللجنة بهذا الشأن للاستفادة مما لديه من تصوّرات واقتراحات.

مشاركة :