من غير الممكن تجاهل الدور الذي لعبه جمال بن عمر ، المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن ، في الأحداث والنكبات التي حلت بمسيرة تنفيذ قرار الأمم المتحدة المبني على المبادرة الخليجية ، والتي تلاها مخرجات لحوار وطني يمني واسع حقق نتائج حملت آمالاً كبيرة لاستقرار قادم ونظام حكم سليم لليمن . وأعتقد أنه سيكون من المفيد القيام بدراسة متأنية لذلك الدور والمواقف التي أقدم عليها المبعوث الدولي إلا أن هذا العمود ليس المنبر البحثي المناسب لذلك . استهدفت المبادرة الخليجية دعم اليمنيين في إعادة بناء دولتهم . وتبنت الأمم المتحدة تلك المبادرة وأوكلت إلى أمينها العام اختيار مبعوث إلى صنعاء للمساعدة على تنفيذ تلك المبادرة وكان اختياره هو جمال بن عمر . وتفاءل الكثيرون به ، وكانت له أدوار إيجابية حتى وصلت المبادرة إلى مخرجات الحوار الوطني ، وحينها بدأ يشوب دور بن عمر في اليمن غموض أدى إلى تساؤلات حول هدفه الحقيقي من توجيه الصراع في تلك الفترة إلى مجهول غير واضح . وتكرر تغييره لطاقم مستشاريه ولقاءاته غير المعلنة مع أطراف لا ثقل كبير لها في تلك المرحلة . وفوجىء الجميع بموقفه المتهاون حينما أخذت جماعات منسوبة إلى الحوثيين تتقدم إلى صنعاء وبعدها احتلالهم الفعلي لها واعتقالهم حكومتها وعلى رأسها رئيس الجمهورية الشرعي . واستمر تمدد الجماعات المسلحة المحسوبة على الحوثي إلى مناطق يمنية أخرى بقوة السلاح والقوات العسكرية التي ظهر أن الرئيس المعزول علي عبد الله صالح لم يتخلَّ عن إدارتها سراً حتى بعد أن انسحب من القصر الجمهوري . وفي نفس الوقت فتحت طهران جسراً جوياً من إيران إلى صنعاء يحمل آلاف الأطنان من السلاح والذخيرة وعشرات الخبراء الإيرانيين وانهمر على البلاد عشرات من مقاتلي الحرس الثوري الإيراني وأعضاء حزب الله اللبناني للمشاركة في توجيه المعارك ضد الشعب اليمني . بينما وقف بن عمر صامتاً ، بل وأحياناً مسهلاً وميسراً للحوثيين . أمرُ بن عمر في اليمن بحاجة إلى بحث وتمحيص إلا أنه تسبب في ضرر كبير تعاني منه البلاد حتى الآن ، فالمواقف التي اتخذها أدت إلى نمو الحوثيين وساعدتهم على التحول إلى حاكم عسكري لليمن ، وساهمت في إعادة مقاليد القوات المسلحة اليمنية إلى علي عبد الله صالح ، وحققت للإيرانيين تبجحهم بأن صنعاء واحدة من أربع عواصم عربية يهيمنون عليها وشجعت بعضهم على إعلان عودة الإمبراطورية الفارسية .. وكان لابد والوضع كذلك أن تنطلق « عاصفة الحزم « لإيقاف إيران عند حـــدها وتوفير الفرصة لليمنيين لتحرير أنفسهم من قبضة الحوثي وصالح . لماذا تصرف بن عمر بهذا الشكل؟ وهل كان يحمل أجندة خاصة به ؟ أم أنه ينفذ توجيهات تلقَّاها ؟ ومن قام بتوجيهه ؟ أسئلة ستجيب عنها الأيام القادمة في جنيف وعلى الأرض باليمن ، إلا أن المأساة أن مواقفه السلبية أدت إلى إدخال اليمن في دوامة عنف لم يكن أحد يتوقعها عندما أعلن عن تعيينه مبعوثاً للأمين العام للأمم المتحدة ، وربما كان يمكن إيقاف انهيار العملية السلمية لو أنه استخدم مكانته المعنوية وأدان تجاوزات الحوثيين منذ أن وصلوا عمران وأصر على الإدانة العلنية . adnanksalah@yahoo.com
مشاركة :