تحقيق: راندا جرجس تعتبر التهابات المعدة عاملاً مشتركاً بين مجموعة من المشكلات التي تستهدف الجهاز الهضمي مثل داء كرون، وداء الساركويد، والالتهاب المعوي، حيث إن السبب الرئيسي في الإصابة ينجم عن الإفراط في استخدام المسكنات، وتتراوح الإصابة من حادة إلى مزمنة، وفى العقود الأخيرة أصبح المنظار أداة التشخيص الأهم في الكشف عن هذه الأمراض وفى بعض الحالات علاجها أثناء القيام بهذا الإجراء، وفي السطور المقبلة يخبرنا الخبراء والاختصاصيون عن هذه الأمراض تفصيلاً والدور الذي يلعبه التنظير بدقة.يقول الدكتور شريف حسن أخصائي الأمراض الباطنية والغدد الصماء إن التهابات المعدة تعني تهيجاً في البطانة الداخلية، نتيجة تلف الغشاء المخاطي الذي يحميها من أثر حمضها القوي، وتتراوح الإصابة بين حادة ومزمنة وتحدث خلال أيام أو شهور، ومن أسباب التهابات المعدة الضغوط النفسية التي تؤدي إلى زيادة إفراز الأحماض، وهرمون الكورتيزول وكذلك الاستخدام المفرط لبعض المسكنات ومضادات الالتهابات التي تؤثر سلباً في المعدة، بالإضافة إلى الإفراط في شرب الشاي والقهوة وتناول الأطعمة الغنية بالمواد الحارة، بالإضافة إلى الالتهابات الجرثومية.يضيف: تعتبر البكتيريا الحلزونية من أشهر الالتهابات التي تصيب جدار المعدة وتسبب الإصابة بنسبة 70% من قرح المعدة، وهناك بعض من الفيروسات التي تؤدي إلى الالتهابات وخاصة ضعاف مناعة الجسم. أعراض وعلامات يوضح د.شريف أن أعراض التهابات المعدة فقدان الشهية، التجشؤ، حرقة البطن وبالتحديد الجزء الأعلى وأسفل الصدر، الانتفاخات، الآلام الشديدة في حال الجوع، فقدان الوزن، وفي بعض الحالات يحدث قيء وغثيان، ويعتمد التشخيص على التاريخ المرضي، أعراض المرض، ثم تجرى فحوص مخبرية، واختبارات البكتيريا الحلزونية، عن طريق التنفس أو الدم أو البراز، وربما يكون لدى المريض نقص في الحديد وبعض الفيتامينات مثل (B 12) بسبب سوء امتصاص الطعام وعدم وصوله بنسب معتدلة إلى الجسم، ويكون التشخيص النهائي باستخدام المناظير. نصائح طبية يوصــــي د.شريف ببعـــض النصائح لتجنب الإصابة بالتهابات المعدة كالابتعاد عن الأغذية المزودة بالمواد الحافظة والحرارة، عدم التدخين، الاعتدال في تناول الشاي والقهوة، استخدام أدوية التهابات المعدة بحذر لأن الحمض له فوائد عديدة، والعلاج بحسب السبب سواء كان فرط تناول المسكنات أو التعرض للضغوط النفسية، الأغذية الضارة، وجود التهابات بكتيرية وفيروسية، كما يمكن استخدام مثبطات المعدة لمدة تتراوح من 4 إلى 6 أسابيع، وكذلك مضادات الحموضة، لمدة لا تقل عن شهر. داء كورون تذكر الدكتورة رحاب علي السيد أخصائية الطب الباطني أن داء كورون من الالتهابات المعوية المناعية المزمنة التي تصيب الجهاز الهضمي وتستهدف أي جزء منه، وتظهر الأعراض في صورة نوبات متكررة من الالتهابات، ما يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة والآلام بالبطن، الإسهال، فقد الشهية، نقص الوزن، وجود دم بالبراز وقرح متكررة بالفم، ويمكن أن ينجم عنها انسداد معوي ويصاحبه قيء متكرر، بالإضافة إلى بعض العلامات التي تؤثر في أعضاء الجسم كالتهاب المفاصل، العينين، حصوات الكلى والمرارة، ويمكن أن يصيب الجلد في صورة عقد حمراء مرتفعة أو متقرحة في الساقين. فئة مستهدفة تشير د.رحاب إلى أن داء كورون يصيب الرجال والنساء على حد سواء، ويستهدف الفئة العمرية بين 20-30 سنة، ويكثر بين ذوي الأصول البيضاء، وتزيد احتمالية الإصابة لمن لديهم أقارب من الدرجة الأولى مصابون، وحتى الآن لم يكتشف سببه ولكن ترجح عوامل مشتركة منها خلل المناعة حيث يصدر رد فعل لنوع معين من جراثيم المعدة والأمعاء، والوراثة حيث تحدث طفرة في نوع من الجينات، وأيضاً البيئة حيث تزيد نسبة المرضى بين سكان المدن والمدخنين، وعند استخدام البروتينات الحيوانية وتناول الأغذية المشبعة بالدهون وبعض الأدوية. تدابير علاجية تفيد د.رحاب أن التشخيص يتم عند ظهور الأعراض مثل تقرحات الفم والإسهال المزمن أو دم بالبراز، وهنا يقرر الطبيب خضوع المريض للمنظار، وسحب عينات لفحصها مجهرياً؛ حيث توجد بعض الخلايا التي تدل على المرض، وفحص الأمعاء بالأشعة المقطعية للكشف عن مدى انتشاره، ويعد الكورتيزون العلاج الأساسي حيث تحدد الجرعة من قبل الطبيب بناء على الحالة المرضية، ووصف أدوية مثبطة للمناعة، والمضادات الحيوية للسيطرة على البكتريا، والأدوية المضادة للالتهاب، ويمكن اللجوء للجراحة في حالات الانسداد المعوي أو الناسور أو الخراج أو ضيق الأمعاء. منظار المعدة تشير الدكتورة ربى عبد الرزاق أخصائية الجهاز الهضمي والمناظير إلى أن منظار المعدة استقصاء طبي غير مؤلم، وهو أنبوب مرن يتم إدخاله عن طريق الفم، ومصنع من ألياف مرنة لكي يلائم الأنبوب الهضمي، ويصل طوله إلى 110 سم، وقطره لا يتجاوز 10 مم، مزود بكاميرا عالية الدقة مع إضاءة، ليستطيع الطبيب فحص الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة ابتداء بالفم وحتى الجزء الثالث من الاثني عشر، ويستغرق الفحص في أغلب الحالات أقل من 15 دقيقة، إلا إذا تطلب العلاج، وهناك بعض الإجراءات كإخبار الطبيب عن الأدوية التي يتناولها مثل الأسبرين وغيرها من العقاقير ومنظمات السكري والصيام عن الشراب والطعام قبل الإجراء بساعات قليلة. دواعي الإجراء توضح د.ربى أن الخضوع لمنظار المعدة يتطلب من المريض أن يتمدد على سرير التنظير، ويتم تخدير البلعوم موضعياً ويبقى الشخص واعياً، إلا في حالات يحددها الطبيب، ويستيقظ خلال دقائق بعد الانتهاء من المنظار، ويستطيع العودة إلى المنزل في اليوم نفسه، ويستطيع تناول الطعام خلال ساعات، وتتمثل دواعي الخضوع لمنظار المعدة في الألم البطني، الإسهال والقيء غير المفسر، فقر الدم، حرقة المريء غير القابلة للعلاج، وعسر الهضم والبلع، وآلام الصدر غير القلبي، وكذلك الكشف المبكر عند المرضى ذوي الخطورة العالية لنشوء أورام الجهاز الهضمي مثل مرىء باريت، وبوليبات المعدة والاثني عشر (الزوائد اللحمية). وسيلة تشخيصية تؤكد د.ربى أن منظار المعدة من أهم الوسائل التشخيصية، حيث يتم إدخاله عن طريق الفم ورؤية الجزء العلوي من الأنبوب الهضمي وتقييمه، وسحب عينات من بطانة المريء أو المعدة أو الاثني عشر إذا لزم الأمر، كما يكشف عن الإصابة ببعض الأمراض كالتهاب المريء، قرحة المعدة، سرطانات الجهاز الهضمي، سوء الامتصاص، ويقيم أيضاً علامات فرط توتر الوريد البابي التي تنجم عن تليف الكبد، أو سرطان والتهاب البنكرياس المزمن، كما يعتبر أيضاً علاجياً في حالات:* إدخال أنبوب التغذية إلى المعدة أو الأمعاء الدقيقة عند المرضى الذين لا يستطيعون تناول الغذاء طبيعياً.* علاج الارتجاع الحمضي المعدي المريئي، وإيقاف النزف الهضمي.* طي المعدة لعلاج السمنة المفرطة أو البدانة.* إزالة جسم غريب من المريء أو المعدة، واستئصال البوليبات.* توسيع المريء وربط واستئصال الدوالي. مضاعفات ومخاطر توضح د.ربى أن هناك بعض المضاعفات يمكن أن تحدث نتيجة المنظار الهضمي، حيث إن هناك مرضى يشعرون بآلام خفيفة في الحلق خلال اليومين التاليين، وربما يظهر انتفاخ في البطن (غازات) وتعد هذه الأمور طبيعية، ولكن هناك مخاطر شديدة ولكنها نادرة الحدوث مثل التفاعل الارتكاسي لمواد التخدير كصعوبة التنفس، هبوط في الضغط، النزف الهضمي، انثقاب في المريء أو المعدة أو الجزء العلوي من الأمعاء الدقيقة. الكورتيزون تفرز الغدة الكظرية الصماء الموجودة في الجسم هرمون الكورتيزول، وتتمثل وظيفته في منع الجسم من إفراز المواد التي تسبب الالتهاب، كما يلعب دوراً مهماً في تنظيم الساعة البيولوجية، الشعور بالتوتر، ويعد الكورتيزون مركباً كيميائياً من الهرمون نفسه، وفى السنوات الأخيرة أصبح يستخدم في علاج العديد من الأمراض المزمنة أهمها التهاب المفاصل الروماتيدي، الذئبة الحمراء، بالإضافة إلى انه مضاد للالتهاب وتحجيم تكاثر الخلايا السرطانية، ويستعمل أيضاً كمثبط للجهاز المناعي، كما يفيد في تخفيف أعراض التهابات المفاصل والأوتار، حالات الحساسية التنفسية والجلدية، الالتهابات الكلوية وغيرها العديد من المشكلات المرضية.
مشاركة :