رسوم المدارس الخاصة «معادلة» تحتاج إلى إعادة «احتساب»

  • 4/5/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

محمد إبراهيم لا يختلف اثنان على أن للمدارس الخاصة الحق في تحصيل رسوم ما تقدمه من خدمات تعليمية، ولها أيضاً الحق في المطالبة بها، لا سيما أنها تلعب دوراً كبيراً في مسيرة بناء الأجيال. ولكن مع صدور قرار استمرارية «التعلم عن بعد» حتى نهاية العام الدراسي الجاري، نجد أن الرسوم الدراسية في الفصل الدراسي الثالث، «إشكالية»، ترمي بظلالها على مجتمع التعليم الخاص، إذ اعتبر أولياء أمور أن رسوم مدارس أبنائهم، خلال هذا الفصل، «معادلة» تحتاج لإعادة «احتساب»، لاسيما أن هناك خدمات لم تعد موجودة في ظل التعليم الافتراضي. في المقابل، ذهبت إجراءات المدارس إلى ثلاثة اتجاهات؛ إذ قرر البعض استرجاع رسوم خدمات النقل المدرسي والخدمات الأخرى التي لم ينتفع منها الطالب، والبعض الآخر رفض الاعتراف بحق ولي الأمر في استرداد قيمة الخدمات التعليمية التي تم سدادها، وذهبت تطالب الأهالي بسداد ما تبقى عليهم من رسوم لهذا العام، استحدثت مدارس أخرى مبادرات تقدم تخفيضات على الرسوم تصل إلى 30% لمساعدة الطلبة وأولياء الأمور في ظل الظروف الراهنة.وأكد خبراء وتربويين أنه لا يجوز استرجاع الرسوم الخاصة بالتعليم، لاسيما أن الطالب يحصل على تعليم جيد، وفق آليات وضوابط ومعايير عالمية، مشيرين إلى أن من حق ولي الأمر استرداد رسوم الخدمات التي لم يحصل عليها الطالب، مؤكدين أهمية تدخل الجهات المعنية لحسم تلك الأمور. الجهات المعنية، تدخلت لمنع أي اشتباك في هذا الشأن، وألزمت المدارس باسترجاع قيمة رسوم النقل المدرسي، وعدم مطالبة أولياء الأمور بسدادها خلال الفصل الدراسي الثالث، فيما ظلت جهات ساكنة دون تحرك أو تدخل حاسم، على الرغم من تلقيها شكاوى من أولياء الأمور حول تلك الإشكالية. «الخليج» تناقش مع الخبراء والميدان التربوي بمختلف فئاته، إشكالية رسوم الفصل الدراسي الثالث، وكيفية التعامل معها بشكل يحقق العدالة بين جميع الأطراف، ضماناً لاستقرار العملية التعليمية في ظل تداعيات انتشار فيروس «كورونا» المستجد (كوفيد-19). رسوم خدمات لم تنفذ البداية كانت من خلال مكالمات هاتفية، أكد فيها أولياء الأمور «ميثاء آل علي، وإيهاب زيادة، ومحمد طه، ومهرة حمدان، وسناء عمادي»، أنه لا يحق لمدارس أبنائهم تحصيل رسوم خدمات، لم ينفع بها أبنائهم، لاسيما أن التعلم عن بعد، أسهم في تقليص العديد من الخدمات «مدفوعة الثمن»، موضحين أنهم سددوا كامل الرسوم الدراسية منذ بداية العام، التي اشتملت على عملية التعليم والتعلم، وخدمات النقل المدرسي والرعاية المدرسية والصحية، والانتفاع بمرافق المدرسة. وأضافوا أن التعليم الافتراضي، ألقى بمسؤولية إعداد البيئة التعليمية على عاتق الوالدين في البيت، فأصبح ولي الأمر المسؤول عن توفير أجهزة التعلم، والكهرباء والمياه والإنترنت، والمتابعة، والإشراف، والرعاية التعليمية والصحية، وجميعها خدمات سبق وأن سدد رسومها أولياء الأمور إلى المدارس. وأكدوا أنه لا يجوز أن يدفع أولياء الأمور تلك الرسوم مرتين، الأولى للمدارس في بداية العام والثانية في البيوت منذ تطبيق التعلم عن بعد، مطالبين الجهات المعنية بالتدخل السريع لإعادة احتساب رسوم الفصل الدراسي الثالث، بحيادية تحقق العدالة بين جميع الأطراف، واسترجاع رسوم الخدمات التي لم ينتفع بها الطالب، لاسيما أن الرسوم الدراسية تتراوح بين 15-35 ألف لكل طالب من أبنائهم. تفاوت الإجراءات وفي وقفة مع عدد من المدارس الخاصة في مختلف إمارات الدولة، وجدنا تفاوتاً في إجراءات التعامل مع تلك الإشكالية، مما يؤكد عدم وجود آليات ومعايير موحدة، في هذا الشأن، لنجد اختلاف الآراء بين ثلاثة فرق في الميدان. أكد الفريق الأول ويضم مديري المدارس «خلود فهمي، ووليد فؤاد لافي، وطارق.م، وخالد.ع»، استرجاع مبالغ محصلة من أولياء الأمور، نظير بعض الخدمات على رأسها خدمات النقل المدرسي، نظراً لعدم انتفاع الطلبة بتلك الخدمات، لكن أوضحت تلك الإدارات عدم أحقية ولي الأمر في استرداد رسوم التعليم في هذا الفصل أو تقليصها، بسبب غياب حصص الأنشطة؛ إذ إن الأمر خارج عن إرادة المدارس، فضلاً عن أنه لا مساس بمستحقات المعلمين؛ بل بالعكس يتم صرف حافز لهم نظير جهودهم في تلك الفترة. علاقة تكاملية الفريق الثاني، ضم رضا خان، الرئيس التنفيذي لمؤسسة النجاح التعليمية، الذي أكد إطلاق مبادرة لتخفيض الرسوم الدراسية بنسبة 20% العام الدراسي الجاري في مدارس المجموعة، لتخفيف الأعباء عن الأهل، الذين يدرس أبناءهم في مراحل التعليم المختلفة، بعد التحديث الأخير من هيئة المعرفة والتنمية البشرية بدبي، باستمرار تطبيق نظام التعلم عن بعد، حتى نهاية العام الدراسي الجاري، معتبراً أن نجاح أية مؤسسة مرهون بالعلاقة التكاملية بين إدارات المدارس وأولياء الأمور، فضلاً عن المسؤولية المجتمعية لكلاهما خلال وقت الأزمات والطوارئ.ويرى إيان والاس، مدير مدرسة هورايزن الإنجليزية، ودارين غيل، مدير مدرسة هورايزون الدولية، أهمية التركيز على التعليم الافتراضي في تلك الفترة لتحقيق مخرجات جيدة، دون التفكير في الضغط على أولياء الأمور لسداد المزيد من الرسوم، مؤكدين أن تلك المرحلة تحتاج إلى تكاتف مختلف طوائف المجتمع بأفراده ومؤسساته، للمحافظة على مستقبل الأجيال، معتبرين أن التعلم عن بعد خطة إغاثة، تدعم الأهل والطلاب والميدان لتجاوز تلك الظروف الصعبة، وما تقدمه مدارسهما من مبادرات مجتمعية لأولياء الأمور نوعاً لرد الجميل لدولة الإمارات. مبررات واقعية الفريق الثالث ضم عدداً من مديري المدارس «فضلوا عدم ذكر أسمائهم»، إذ لم يقدموا أسباباً واقعية حول احتفاظهم بالرسوم الدراسية والخدمية المستحقة لأولياء الأمور، ولم يقدموا أية مبررات لإصرارهم على عدم أحقية ولي الأمر بالمطالبة باسترجاع رسوم الخدمات التي لم ينتفع بها الطلبة، مستندين إلى أن تلك الظروف قاسية وحرجة وينبغي أن يتحملها الجميع، مشيرين إلى أهمية تحصيل الرسوم الدراسية لتغطية نفقات الميزانيات التشغيلية التي تسهم في استمرار العملية التعليمية، ورفضوا إفادتنا بالفوائد المادية التي تكتسبها المدارس الخاصة من التعلم عن بعد، الذي قلص الكثير من النفقات التشغيلية، بما في رواتب وبدلات ورسوم كانت تدفعها الإدارات خلال التعليم الاعتيادي. أحقية المدارس جمعنا أورقنا وما تم رصده في الميدان، والتقينا الجهات المعنية من خلال لقاءات عن بعد، للوقوف على جهودهم وحلولها لتلك الإشكالية؛ إذ أكدت هيئة المعرفة والتنمية البشرية في دبي، عدم أحقية المدارس في مطالبة الأهالي بسداد رسوم النقل المدرسي، في الفصل الدراسي الثالث، وفي حال قام ولي الأمر بالدفع المسبق، فعلي مزود الخدمة الاتفاق مع ولي الأمر على آلية الاسترداد. وحول قلق بعض أولياء الأمور لعدم قدرتهم على تسديد رسوم الفصل الثالث، أفادت بأنه ينبغي عليهم، الاستمرار بتسديد الرسوم المدرسية خلال فترة التعلم عن بعد. وفي حال واجهتهم ظروف مالية صعبة، تسببت بتعثرهم في سداد الرسوم المستحقة، ينبغي على إدارات المدارس والأهالي العمل سوياً للوصول إلى تسوية مقبولة لكلاهما الطرفين، والوقوف صفاً واحداً في مواجهة التحديات الراهنة. استرداد الأقساط، وأكد عدم أحقية أولياء الأمور في استرداد الأقساط الدراسية عن المدة التي تم تعليق الدوام فيها؛ إذ إن الطلبة يتلقون خدمات التعلم عن بعد، وجاء قرار التعليق ليركز على إجازة الربيع مع مراعاة عدم تأثر أيام التمدرس، موضحة أن التعلم عن بعد مشمول ضمن الرسوم المدرسية المدفوعة للفصل الثاني من العام الدراسي. وعليه، لا يحق للمدارس فرض أي رسوم لتطبيق التعليم الافتراضي. التربية والتعليم أما وزارة التربية والتعليم، فألزمت جميع مؤسسات التعليم في الدولة، «الحكومية والخاصة» بتطبيق التعلم عن بعد حتى نهاية العام الجاري، ويعامل معاملة التعليم الاعتيادي «المتحقق بالحضور إلى المؤسسة التعليمية»، في جميع القوانين والقرارات واللوائح، خلال الفترة المشار إليها، على أن يلتزم الجميع باستمرارية التسجيل، خلال التطبيق، وفي حالة عدم الالتزام يعتبر الطالب منسحباً من العام الدراسي. قراءة تحليلية وفي تواصلنا معه، للوقوف على قراءة تحليلية دقيقة، لواقع الميدان التربوي في الوقت الراهن وحتى نهاية العام الدراسي الجاري 2019-2020، وفقاً للقرارات الأخيرة بشأن تسيير العملية التعليمية على مستوى الدولة، أكد الخبير التربوي الدكتور وافي الحاج، أن «التعلم عن بعد»، في مختلف مراحل التعليم، يركز حالياً على المواد الأساسية، التي تضم «العربية، والإنجليزية، والرياضيات، والعلوم بأنواعها، والاجتماعيات، والإسلامية، والفيزياء والكيمياء والأحياء»، مقابل توقف تام لدراسة جميع المواد المساندة والأنشطة مثل: «التربية الرياضية والفنون والموسيقى والدراما» وغيرها. البيئة المدرسية وحول البيئة الدراسية، أفاد بأنها انتقلت بكامل محتوياتها إلى البيوت، التي أصبحت فصول افتراضية، تسبح في مدارها العلوم والمعارف، تحت إشراف ولي الأمر، الذي بات مدير المدرسة، والمشرف المسؤول عن متابعة أبنائه، وفي بعض الأحيان المعلم، ووقع على عاتقه أيضاً تجهيز البيئة المناسبة للدراسة، فضلاً عن تحمله استهلاك الكهرباء والمياه والخدمات الأخرى، التي زادت من أعبائه المادية، مع وجود المسؤوليات الجديدة. وفي نظرته إلى المدارس الخاصة، أكد أن تطبيق منظومة التعلم عن بعد، أفرز توفيراً كبيراً من الميزانيات التشغيلية في مدارس التعليم الخاص؛ إذ ذهبت معه نفقات «استهلاك الكهرباء والمياه، والإنترنت، والصيانة، ورواتب وبدلات بعض الكوادر منها سائقي الحافلات والمشرفين، ومعلمي التربية الرياضية والأنشطة» والفنون، والمسرح، والرسم، والموسيقى، ومشرفي الأقسام، والمختبرات، وعمال الخدمات المساندة، وبعض منسقي المواد، نظراً لعدم وجود الطلبة داخل المدرسة. إعادة احتساب وحول أهمية إعادة احتساب الرسوم الدراسية للفصل الدراسي الثالث، أكد أنها تقتصر فقط على الخدمات التي لم ينتفع بها الطالب في تلك الفترة، ولا يحق لولي الأمر استرداد أي رسوم خاصة بالتعليم؛ إذ إن الطالب يتلقى تعليمه بشكل كامل، وحذر أولياء الأمور من الإصرار على السير قدماً في اتجاه إعادة جزء من الرسوم المدرسية؛ إذ يؤثر ذلك سلباً في الإدارات، ويتعثر عليها الوفاء بالتزاماتها، وسيؤدي ذلك إلى توقف العملية التعليمية، في وقت يبحث 1.37 مليار طالب وطالبة حول العالم عن وسيلة لاستكمال دراستهم بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا. من الميدان علمت «الخليج»، أن إدارات مدارس، منحت معلميها وبعض كوادرها الأخرى، إجازة ثلاثة أشهر بدون راتب، ولم تسدد لهم راتب شهر مارس، بحجة عدم تحصيل الرسوم الدرسية، فيما خفضت إدارات أخرى رواتب كوادرها في مختلف التخصصات إلى 50%، بسبب تداعيات انتشار فيروس كورونا. غير مسؤولة أكد الخبير التربوي الدكتور وافي الحاج، أن المدارس التي تستغل الأزمة، في إنهاء خدمات كوادرها، وتخفيض رواتب البعض، وإجبار البعض الآخر، على الإجازة بدون راتب، تستحق عقوبات رادعة، معتبراً تلك السلوكيات غير مسؤولة، تضع العملية التعليمية في مأزق حقيقي.

مشاركة :