عطاء الإمارات بلا حدود

  • 4/5/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

تصدرت الإمارات العربية المتحدة، على مدار أعوام، قائمة الدول المانحة للمساعدات الإنسانية الخارجية في العالم قياساً إلى دخلها القومي، فجعلت من العمل الإنساني منهجاً وسلوكاً، حاملة إرث المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي وضع الدولة منذ تأسيسها على طريق الخير ومساعدة المحتاجين. ومن هذا المنطلق، كان التحرك السريع دوماً باتجاه مناطق الأزمات الإنسانية والتفاعل الفوري مع مختلف المشكلات من كوارث طبيعية إلى لجوء وفيضانات وفقر ومجاعات، فامتدت أيادي الإمارات البيضاء إلى كثير من دول العالم، ومن بينها سوريا وإيران وماليزيا، لاسيما في خضم وباء كورونا المستجد (كوفيد - 19) الذي أرهق دول العالم أجمع دون تفريق، وهو ما أكده خبراء ومحللون لـ «الاتحاد». ومثلت الإمارات بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، والدعم والمتابعة الحثيثة لصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، نموذجاً للعطاء الإنساني. وعلى خط النار، ووسط الدمار الشامل الذي خلفته حرب طاحنة أكلت من سوريا الأخضر واليابس، كان للإمارات العربية المتحدة دور رئيس في تخفيف معاناة ضحايا الصراع الدامي الذي دخل مؤخراً عامه العاشر مخلفاً مئات الآلاف من القتلى، والجرحى، وملايين النازحين، ومثلهم من المهاجرين، فكانت الإمارات هناك منذ البداية، توفر المأوى، وتضمد الجروح، وتخفف من تبعات كارثة إنسانية تصنف على أنها الأسوأ في العصر الحديث. وبحسب وزارة الخارجية والتعاون الدولي، اقترب إجمالي المساعدات الإماراتية التي تم تقديمها إلى سوريا منذ عام 2012 حتى الآن من أربعة مليارات درهم إماراتي، تضمنت عدداً من القطاعات الإنسانية والتنموية، وساهمت في تلبية الاحتياجات الضرورية وتوفير الخدمات الأساسية في قطاعات التعليم والصحة والإسكان والكهرباء، وغيرها من الأنشطة. وفي هذا الصدد، قال قصي الجاموس، مدير مؤسسة «بوليشماركس» للاستشارات الاقتصادية، والتي تتخذ من الولايات المتحدة مقراً لها، «إن هذه المبادرات تعكس القيم الإنسانية الراقية والشيم العربية الأصيلة، وهي سمات ومبادئ راسخة لدى دولة الإمارات، قيادة وشعباً». وأضاف لـ«الاتحاد»: «ليس أدل على ذلك من وجود ما يزيد على 40 مؤسسة إنسانية إماراتية رفيعة المستوى لا تألو جهداً في مد يد العون إلى الشعوب المنكوبة والفقيرة». وتابع الخبير الاقتصادي: «كانت الإمارات في طليعة الدول التي هبت لمكافحة فيروس إيبولا في أفريقيا قبل نحو ست سنوات، ودأبت على مدار عقود لمساندة أكثر من 70 دولة في مختلف القضايا الإنسانية دون انتظار أي مقابل»، لافتاً إلى أن ذلك جعلها في طليعة دول العالم في المجال الإنساني، وفرض احتراماً عالمياً لاسم الإمارات وللإنسان الإماراتي. وقال الجاموس: «تميزت الجهود الإماراتية بأنها لم تقتصر على الأعمال الإغاثية فحسب، بل تجاوزتها نحو سلسلة واسعة من الأعمال الإنمائية وبرامج القضاء على الفقر، وبناء المستشفيات والعناية بالطفل، وتوفير المياه، وبناء مراكز لأبحاث الأمراض النادرة». برامج إعادة الاستقرار ودعمت الإمارات برامج إعادة الاستقرار في سوريا بمبلغ 183.7 مليون درهم إماراتي من خلال التعاون مع الشركاء الدوليين، حيث أعادت تأهيل قنوات الري لمساحة 13.899 هكتاراً من الأراضي في الرقة، استفاد منها 135 ألف سوري بشكل مباشر، و30 ألف مواطن بشكل غير مباشر. كما ساهمت المساعدات الإماراتية بإعادة ري 4000 هكتار من الأراضي، استفاد منها 60 ألف مواطن في دير الزور. ووقعت الإمارات، في يناير الماضي، اتفاقية تعاون مع الوكالة الفرنسية «أكتيد»، يتم بموجبها تقديم مساعدات إنسانية وإغاثية للسكان المتضررين من الصراع بتمويل بقيمة 7.3 مليون درهم، في إطار جهودها المستمرة لدعم الأشقاء السوريين. وأعرب لودوفيك بوي، سفير فرنسا لدى الدولة، عن ترحيبه بالاتفاقية قائلاً: «إنها مثال أنموذجي للتعاون الإماراتي الفرنسي في المجال الإنساني، ويسرنا في هذا الصدد التقدم بالشكر إلى الإمارات على إسهاماتها السخية كافة». ودأبت الإمارات على حضور اجتماعات المانحين لسوريا منذ اندلاع الأزمة، ولم تكتف بالوفاء بالتزاماتها التي تعهدت بها بل تجاوزتها، إدراكاً منها لحجم المأساة التي يعيشها السوريون، لاسيما النازحين واللاجئين. ومع بلوغ الأزمة ذروتها، تبرعت الدولة في 2016 وحده بزهاء 530 مليون درهم، رغم تعهدها في مؤتمر المانحين السابق الذي عقد في لندن، في فبراير من العام ذاته بـ500 مليون فقط. دولة الإنسانية والخير تبرهن الإمارات دوماً على أنها دولة الإنسانية والخير لجميع دول العالم، لاسيما في الأوقات الصعبة، ولم تستثن إنسانية الإمارات أحداً. فمع اندلاع أزمة وباء كورونا المستجد «كوفيد - 19»، أرسلت الإمارات عشرات الأطنان من الإمدادات الطبية ومعدات الإغاثة إلى إيران لدعمها في مواجهة الأزمة. وفي الثالث من الشهر المنصرم، أرسلت طائرة أولى حملت 7.5 طن من الإمدادات الطبية، وحملت معها 5 خبراء من منظمة الصحة العالمية لمساعدة 15 ألفاً من العاملين في الرعاية الصحية. وفي الثالث والعشرين من الشهر ذاته، أرسلت طائرتين حملتهما بأكثر من 32 طناً من الإمدادات الطبية. وتعليقاً على تلك المساعدات، قالت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي: «لقد أكدت أزمة فيروس كورونا المستجد فعالية نهج المساعدات الإماراتي، حيث تقف القيادة والشعب جنباً إلى جنب مع الدول الأخرى وقت الحاجة». وهكذا كان ديدن الإمارات دوماً في الأزمات، الوقوف إلى جانب الشعب الإيراني، فعندما ضربت السيول إيران العام الماضي، سيّرت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي طائرة إغاثة إلى طهران على متنها 95 طناً من الاحتياجات الإنسانية الضرورية لمساندة المتأثرين من السيول، وذلك في إطار المبادرة الإماراتية السعودية المشتركة للتخفيف من معاناة الشعب الإيراني. إلى ذلك، أشار ريان بول، المحلل السياسي الأميركي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى مؤسسة «ستراتفور» للأبحاث الجيوسياسية، إلى أن للإمارات سجلاً حافلاً في تقديم المساعدات الإنسانية للدول وقت الأزمات، مؤكداً أن ذلك يعزز القوة الناعمة للدولة، ويوطد علاقاتها مع كثير من الدول الأخرى. ولفت ريان إلى أن تقديم الإمارات للمساعدات الإنسانية يقطع الطريق على الجهات الراعية للإرهاب، والتي تسعى إلى استغلال حاجة الدول في مثل هذه الأزمات. وأكد أهمية مساعدة الإمارات للشعبين السوري والإيراني، خصوصاً في ضوء العقوبات الغربية المفروضة على حكومتيهما، منوّها بحاجة سوريا إلى إمدادات ومساعدات إنسانية عاجلة بسبب سنوات الحرب الأهلية العشر التي أنهكت نظامها الصحي. ما بعد كورونا فاجأ وباء «كوفيد-19» جميع الدول بغض النظر عن مدى تقدمها، وعندما لا يكون للوباء لقاح أو علاج، فهو يطرح مشكلة في كل مكان، وحتى للدول التي من المفترض أن لديها بنية تحتية طبية قوية، إذ شكّل لها الوباء أزمة مثل الدول الأخرى التي لا تمتلك مثل هذه البنية التحتية، حسبما يرى الدكتور فيصل جلول، الباحث في «أكاديمية باريس للجيوبولوتيك» بفرنسا. وأضاف جلول لـ«الاتحاد»: «في مثل هذه الظروف، تلعب المساعدات الخارجية دوراً حاسماً في إنقاذ أرواح الناس ومساعدة دول مرتبكة، وهو ما لاحظناه في دول مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، والتي احتاجت أيضاً إلى مساعدات»، مؤكداً ضرورة هذا التعاضد العالمي والنزعة الإنسانية في مثل هذه الأوضاع، ومن هنا تبرز أهمية المساعدات الإماراتية التي قدمتها إلى دول مثل إيران، وتكاتفها مع سوريا لمكافحة هذا الوباء. وتابع: «نحن إزاء دور بالغ الأهمية للإمارات في ظل هذه الأزمة»، داعياً دول العالم إلى أن تحذو حذو الإمارات في تقديم مثل هذه المساعدات الإنسانية للدول الأكثر حاجة إليها. ولفت إلى أهمية المساعدات، ليس فقط في الوقت الراهن وإنما في مرحلة ما بعد كورونا، مؤكداً أنه بعد انتهاء الوباء، لا بد أن تنشأ بين الدول علاقات مختلفة تماماً، على أن يكون للأخلاق والنزعة الإنسانية دور أساسي فيها. حاضرة لتقديم العون وفيما أعلنت الإمارات استعدادها لتقديم الدعم الضروري للدول المحتاجة في ظل وباء كورونا المستجد، قال وزير الخارجية الماليزي داتوك سيري هشام الدين حسين، مؤخراً: «إن الحكومة الماليزية ستتوجه إلى دولتي الصين والإمارات للحصول على الخبرة والمعدات اللازمة للحد من انتشار الفيروس في البلاد». وأكد هشام الدين أن بلاده تسعى للحصول على «معدات طبية مهمة» من الإمارات، مضيفاً: «ناشدتهم لمساعدتنا حيثما أمكنهم ذلك، وتربطنا بهم علاقات صداقة جيدة». وامتدت المساعدات الإنسانية الإماراتية إلى كثير من الدول الآسيوية، ومن بينها ماليزيا، ففي عام 2014، أرسلت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي بتوجيهات من القيادة الرشيدة مساعدات للمتضررين من الفيضانات التي اجتاحت مناطق مختلفة في ماليزيا. وخصصت الهيئة 36 مليوناً و668 ألف درهم لتقديم العون والمساعدة الإنسانية للمتأثرين من الفيضانات. وكانت ولاية باهنج الأكثر تضرراً، حيث أدت مياه الأمطار وفيضانات الأنهار لنزوح 20 ألف أسرة من السكان في إقليم بيكان الذين تضررت مساكنهم وباتوا بلا مأوى. وأعادت الهيئة تأهيل وصيانة أكثر من 20 ألف منزل، مع توفير الاحتياجات الأساسية لتلك المنازل من الأسواق المحلية بماليزيا، وتلمس احتياجات الأسر التي فقدت المأوى، واستفاد من المساعدات 100 ألف ماليزي. ولم تقتصر مساندة الإمارات لماليزيا على أوقات الكوارث الطبيعية فحسب، فكانت الدولة حاضرة لتقديم العون مع احتدام أزمة اللاجئين الروهينجا. وقدمت مؤسسة خليفة بن زايد آل نهيان للأعمال الإنسانية، تبرعات بقيمة مليون دولار (نحو 4.2 مليون رينجت ماليزي)، لتخفيف معاناة لاجئي الروهينجا في ماليزيا، استفاد منها نحو 7000 أسرة، وأكثر من 1000 طالب وطالبة من لاجئي الروهينجا بماليزيا.

مشاركة :