فرنسا تلجأ للقطار فائق السرعة لمحاربة فيروس كورونا

  • 4/5/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

حمل القطار الفرنسي فائق السرعة، الذي عبر مواقع المعارك في الحرب العالمية الأولى التاريخية ووادي لوار المغطى بالقصور، على متنه 20 كريضا بكوفيد-19 الذي يسببه فيروس كورونا المستجد وأجهزة تنفس للمساعدة في إبقائهم على قيد الحياة. القطار فائق السرعة (TGV) الذي تحول إلى وحدة عناية مركزة متنقلة هو مجرد جزء واحد من حشد فرنسا للقطارات والمروحيات والطائرات وحتى السفن الحربية، التي تم نشرها لتخفيف الاكتظاظ في المستشفيات ونقل مئات المرضى والعاملين الطبيين داخل وخارج النقاط الساخنة للفيروس. "نحن في حالة حرب"، هكذا أخبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مواطنيه مرارا.Imageوباء كورونا المستجد كشف عن نقاط ضعف في نظام المستشفيات الحكومي الفرنسي الشهير عالميا بعد عقود من التخفيضات في التكاليف لكن بينما يعتبر الزعيم البالغ من العمر 42 عاما نفسه محاربا ويستغل القوات المسلحة، يتهمه منتقدون بأنه انتظر طويلا جدا للتحرك لمواجهة هذا العدو. ويقولون إن فرنسا، وهي واحدة من أغنى دول العالم والتي تحظى بواحدة من أفضل أنظمة الرعاية الصحية، لم تكن تتعامل بفعالية مع هذه الأزمة. وعندما ضرب الوباء فرنسا، كان ماكرون قد خرج لتوه من أسابيع من الإضرابات المدمرة احتجاجا على إصلاحات نظام التقاعد وسنة من الاحتجاجات العنيفة لحركة "السترات الصفراء" الرافضة للظلم الاقتصادي. والآن يكافح من أجل أن تسير الأمور في واحدة من أكثر البلدان تضررا في العالم. سوق رونجي للأغذية جنوب باريس، أكبر سوق في أوروبا، تحول إلى مشرحة حيث يتجاوز عدد الوفيات في فرنسا 7500. وهناك ما يقرب من 7000 مريض في العناية المركزة، ما أوصل بالمستشفيات الفرنسية إلى طاقتها القصوى. لدرجة أن الأطباء يقومون بتقنين المسكنات وإعادة استخدام الأقنعة. وتسهل الدولة المركزية في فرنسا والرئاسة القوية تنسيق الجهود الاستثنائية لعملية نقل المرضى واحتواء المرض، والتي اجتازت البلاد بل امتدت إلى مناطق خارجية.Imageفرنسا لجأت إلى القطار فائق السرعة وإلى المروحيات والطائرات وحتى السفن الحربية، لتخفيف الاكتظاظ في المستشفيات ونقل مئات المرضى والعاملين الطبيين داخل وخارج النقاط الساخنة للفيروس لكن الوباء كشف عن نقاط ضعف في نظام المستشفيات الحكومي الشهير عالميا بعد عقود من التخفيضات في التكاليف. عندما زار الرئيس مستشفى في باريس في الخطوط الأمامية للمعركة ضد الفيروس، طالبه طبيب أعصاب غاضب بإعادة الاستثمار بشكل كبير، في إشارة إلى كاتدرائية باريس التي تضررت بشدة من حريق قبل عام، ما دفع بتعهدات فورية ضخمة بتقديم الأموال العامة والخاصة لإعادة الإعمار. وقال الدكتور فرانسوا سالاشاس "عندما كان الأمر يتعلق بإنقاذ نوتردام، تم نقل الكثير. هذه المرة يتعلق الأمر بإنقاذ المستشفيات العامة، التي يتصاعد منها الدخان بنفس السرعة التي كانت بها نوتردام تقريبا". يعتقد الكثيرون أن ماكرون لم يتوقع الشدة التي يمكن أن يصل بها الفيروس ويضرب مثالا شخصيا سيئا. وقد وجهت انتقادات مماثلة لقادة العالم الآخرين بما في ذلك رؤساء المكسيك والبرازيل والولايات المتحدة. في فبراير، قابل ماكرون بشكل متكرر رئيس الوزراء الإيطالي في زيارة إلى نابولي لإظهار أنه لا يوجد ما يدعو للخوف. في ذلك الوقت كان الفيروس ينتشر بالفعل بسرعة عبر فرنسا، لكن الفحوص المحدودة تعني أن السلطات الصحية لم تكن تعرف بعد حجم الكارثة.Imageفرنسا واحدة من أغنى دول العالم وتحظى بواحدة من أفضل أنظمة الرعاية الصحية، لم تكن تتعامل بفعالية مع أزمة كورونا، بحسب الكثير ممن ينتقدون استجابة السلطات لكوفيد-19 في أوائل مارس، قام بجولة في دار للمسنين حتى عندما أعلن أنه لا يجب على العائلات زيارة الأقارب المسنين. وفي نفس اليوم ذهب مع زوجته إلى مسرح في باريس حيث غرد مالك المسرح بقوله إن الرئيس يريد أن يثبت أن "الحياة مستمرة". وفي ذلك الوقت، كانت أعداد الإصابة بالفيروس تتضاعف في البلاد كل يومين. في منتصف مارس، بينما كان كوفيد-19 يدمر إيطاليا المجاورة، مضت فرنسا في الجولة الأولى من الانتخابات البلدية على مستوى البلاد. وتجولت السيدة الأولى بريجيت ماكرون على ضفاف نهر السين، التي كانت تكتظ بمواطني باريس الذين كانوا يستمتعون بيوم مشمس بالرغم من توصيات التباعد الاجتماعي. لكن في 16 مارس، غير ماكرون نبرته وموقفه فجأة، معلنا الحرب على الفيروس وأعلن عن إجراءات الإغلاق على الصعيد الوطني. بعد أسبوع، ظهر مرتديا قناع وجه لأول مرة في مستشفى ميداني أنشأته القوات المسلحة خارج مولوز، المدينة الشرقية التي شهدت اندلاع حالات ناشئة عن تجمع إنجيلي استمر خمسة أيام. اضطلعت القوات المسلحة بدور رئيسي، حيث عملت السلطات العسكرية وسلطات المستشفيات على وضع النظام لنقل المرضى إلى المستشفيات والأطباء الذين يعانون من إجهاد أقل إلى مناطق الفيروس المحتاجة للجهود.Imageوصلت الإصابات بكوفيد-19 في فرنسا حتى صباح الخامس من أبريل 2020 إلى 90853 فيما تجاوزت الوفيات 7574 انطلق القطار السريع في أول رحلة طبية يوم 26 مارس. وقام الأطباء الذين يرتدون ملابس واقية بدفع أسرّة متحركة على طول الرصيف الفارغ تقريبا لمحطة القطار في مدينة ستراسبورغ الشرقية مع تردد أصداء تحذيرات السلامة من مكبرات الصوت. داخل العربات ذات الطابقين، تم ضغط المرضى وشبكات الأنابيب والأسلاك على رفوف الأمتعة وصفوف المقاعد. وبمجرد تأمينها، سار القطار باتجاه المستشفيات الأقل تأثرا في الغرب. بالرغم من أن عمليات التعبئة العسكرية تحظى بشعبية على نطاق واسع، فإن الجدل العام انتشر حول قضايا مثل العدد المنخفض نسبيا من الأشخاص الذين يتم اختبارهم للكشف عن الفيروس في فرنسا ونقص المعدات الطبية. أمر ماكرون بطلب جميع أقنعة الوجه للطاقم الطبي بعد أن أصبح واضحا أن فرنسا دخلت الأزمة بأقل كثيرا من الإمدادات اللازمة. قال جان دانييل ليفي من مركز استطلاعات الرأي "هاريس انتراكتيف" إن مسألة الأقنعة هي الآن السؤال ذو الأولوية بالنسبة للفرنسيين، مضيفا أن الجمهور يشعر أن الحكومة "لم تتحمل ما يكفي من المسؤولية" عنها في البداية. لقد كان على فرنسا أن ترسل بعض المرضى للعلاج في ألمانيا المجاورة التي أجرت اختبارات واسعة النطاق على الصعيد الوطني وأكدت حالات أكثر من فرنسا. ماكرون، وهو وسطي، وقع في مرمى نيران الطيف السياسي. قالت مارين لوبن زعيمة اليمين المتطرف لتلفزيون فرانس 2 إن "الحكومة كذبت بشأن استعداد البلاد"، بينما قال زعيم اليسار المتطرف جان لوك ميلينشون إن ماكرون، وهو مصرفي استثماري سابق، "اعتاد على الاعتقاد بأن السوق الحرة سوف تلبي احتياجات البلاد، لذلك انهار إطاره العقلي".Imageفرنسا دخلت الأزمة الصحية بأقل كثيرا من الإمدادات اللازمة وقال ليفي إنه ينظر إلى ماكرون وسط الجمهور الأوسع "على أنه استبدادي نسبيا". وقد آذاه ذلك خلال الحركات الاحتجاجية لكنه ساعد شعبيته الآن لأننا "نريد أن يكون لدينا شخصية قوية في السلطة" لإدارة الأزمة. في الجمعية الوطنية (مجلس النواب)، تبحث بعثة تقصي الحقائق في تعامل الحكومة مع حالة الطوارئ. مع ذلك، أكد ماكرون أثناء زيارته لشركة تصنيع الأقنعة أن الوقت لم يحن بعد للتركيز على الخطأ الذي حدث. وأردف "عندما نخوض معركة، يجب أن نكون متحدين جميعا للفوز بها.. وأعتقد أن أولئك الذين يسعون إلى إرسال أشخاص إلى المحاكمة عندما لم ننتصر بعد في الحرب هم غير مسؤولين".

مشاركة :