أحبوا بلدهم فأحبه الناس

  • 6/16/2015
  • 00:00
  • 39
  • 0
  • 0
news-picture

فهـد حثلين الهديب كلما عُدت له بزيارة متوسطة الفترة، تشاهد تغيُّرات تشد انتباهك، وتجذبك أن تُعاود الزيارة مرة أخرى، لا بل وأنت موجود تُفكر في الزيارة المقبلة، تشعر بأنك اخترت بلداً يستحق الزيارة، بلداً تعشقه المشاعر والأحاسيس، يعطيك الانطباع بأنه تم بناؤه، وتشييد كل ما فيه ابتداء من البنية التحتية إلى ناطحات السحاب لأجلك أنت! كي تستمع بوقتك، وتكون في سعادة تامة أنت ومرافقوك، بلد تشعر أن أهله من طفله إلى حاكمه، مروراً بأثريائه، ومقاوليه، يحبونه، بل يعشقونه، ويقدسون مَنْ جمعهم، ووحدهم تحت راية واحدة، وضمن كيان تجمعه الوحدة، وتحتويه المحبة والمودة، بلد أحبه أهله، وسخّروا له أنفسهم، وجهدهم، وأموالهم، وذممهم، وضمائرهم، بلد أحبه أهله، فأحبه واحترمه الناس، تجد في كل زاوية، وركن، وفي كل شارع، ومبنى تم تشييده، ومشروع تحت التنفيذ، محبة أهل البلد له، نظام وانتظام في الطريق، نظافة تشد الانتباه، احترام للنظام كاحترام الصغيرِ الكبيرَ من مختلف الجنسيات، والديانات، والألوان، ترى الجمال على الأرض، وترى الابتسامة على وجوه الناس، وكأنها فرض مفروض عليهم، كأنها شرط من شروط العيش والتعايش في هذا البلد. في زيارتي الأخيرة كانت ترافقني عائلتي، وسألتني أصغر بناتي سؤالاً عفوياً، ولكنه كبير: «بابا هذا البلد أليس لديهم شرطة؟ ليس عندهم مرور، ولا سيارات نجدة، وكل شيء يمشي بالتمام والكمال، وبنظام وانتظام.. مثل الساعة». قلت يا ابنتي إنهم أحبوا بلدهم فأحبه الناس، وجعلوا الاحترام والنظام أساساً فبقي للناس أن يسيروا بهذا الاتجاه، وبالمقاس، إنهم ببساطة أحبو بلدهم. سألت أحد قائدي «التاكسي» بعد أن قال لي: لو سمحت اربط حزام الأمان. قلت: هل عليك مخالفة؟ قال: نعم 400 درهم. قلت: ألا توجد «واسطة» تخفّضها. قال: رجال الأمن هنا من عدة جنسيات، ولا أحد يتهاون في تطبيق النظام مهما كان، وتحت أي ظرف. وأضاف: البلد تأسس على النظام، واحترام الناس، والكل يحترم نفسه، ولا يضره شيء، وعندما يأتي الزائر يعلم، ويعرف أن سعادته بالتزامه نهج الدولة، وهو احترام النظام. كلام طيّب كلام جميل! أما مشاريعهم على مختلف أنواعها، وكثرتها، فتديرها أيدٍ أمينة، وضمائر حية، وذمم تخاف الله، وتطلب الحلال، وتبتعد عن الحرام، فالمقاول الذي تُرسى عليه المناقصة لا يدفع «رشوة»، وليس لديه «واسطة» من رفيق، وصاحب نفوذ، بل يأخذ المشروع مَنْ لديه ذمة، وسجله حافل بالأمانة والصدق. تذكرت شوارع بلادنا، والطرق السريعة، والجسور والمنشآت في كافة القطاعات، فتحسَّرت وأنا أسير على الطريق راكباً «التاكسي» رابطاً الحزام، وأرى منظراً جميلاً، وطريقاً نظيفاً، وكأن السيارة واقفة وهي تسير، فلا حفريات، ولا شقوقاً في الطريق، نظام ونظافة واحترام. إنها

مشاركة :