لم تعد أخطار الإرهاب مقتصرة على مناطق قصيّة من العالم، وإنما باتت تهددنا هنا داخل المملكة المتحدة والعالم الغربي بأكمله. لقد شهدنا وقوع هجمات في شوارع أوروبا، وحدوث تدمير واسع النطاق في الشرق الأوسط، وهي منطقة تتميز بأهمية حيوية لمصالحنا وأمننا. وفي الوقت الذي لا تتفق فيه الدول حول ماهية الإرهاب، يبقى هناك إجماع حول أن الجماعة التي تطلق على نفسها «الدولة الإسلامية في العراق والشام» تمثل تنظيمًا إرهابيًا. وتكشف الممارسات الوحشية من قطع للرؤوس وزيجات قسرية، وإعدامات جماعية عن أن هذه الجماعة ليست سوى تنظيم متطرف يتورط في أعمال الإرهاب. بيد أن المشكلات التي نواجهها مع هذه الجماعة لا تنتهي بتعريفنا لأعضائها كإرهابيين، على الرغم من أن ما تصف به عدوك يمثل جزءا مهمّا من جهود إلحاق الهزيمة به. وقد يتساءل البعض: «ما أهمية الاسم؟»، لكن الأسماء يمكنها أن ترفع من شأن شخص ما، وتضفي عليه شرعية لا يستحقها. من جانبي، أعتقد أنه على مدار فترة طويلة، ومنذ توالي المكاسب السريعة التي حققها هذا التنظيم في مختلف أرجاء شمال العراق وغربه وشرق سوريا، سمحنا ببقاء الأسماء المتنوعة ما بين «تنظيم الدولة الإسلامية» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام» و«الدولة الإسلامية في العراق وسوريا» داخل قاموسنا العام. ونعاين يوميًا على صفحات جرائدنا وشاشات قنواتنا التلفزيونية الواقع الأليم لستة ملايين إنسان أجبروا على العيش في ظل إرهاب ما يدعى «الدولة الإسلامية». وتكشف المذابح التي ارتكبتها الجماعة في العراق وسوريا بوضوح عن أنها ليست إسلامية ولا دولة. إن قيام دولة يستدعي وجود اعتراف قانوني ودولي، إلى جانب أراض محددة ذات سيادة. كما أن هذه الجماعة تفتقر إلى شعب دائم وأراض محددة ومؤسسات دولة. إضافة إلى ذلك فإنها لا تعترف بالقانون الدولي ولا بالمواثيق والأعراف الدولية، ولا حتى معاهدات الأمم المتحدة، بالإضافة إلى أنها لم تلقَ اعترافًا من جانب أي دولة أخرى بالعالم. إن ما تفعله هذه الجماعة هو تشويه دين سلمي لصالح مآربها العنيفة المتطرفة. لذا، فإن إطلاق «الدولة الإسلامية في العراق والشام» على هذه الجماعة لا يحقق سوى منحها شرعية بربطها بالإسلام. ويتسبب ذلك في تضليل الناس ودفعهم للتفكير في هذه القضية كقضية دينية، بينما هي في واقع الأمر قضية جنائية ذات دوافع سياسية، علاوة على أنه يجذب أولئك الذين قد يسعون، بسبب جهلهم وسوء فهمهم، للانضمام إلى هذه الجماعة بسبب اسمها وارتباطها بالإسلام. ومثلما أوضح البروفسور جيمس بروننغ، من جامعة أوهايو، فإن: «تأثير الأسماء ينبع من الكيفية التي يتوقع بها الآخرون أن يروك». ولكي نوقف وقوع مزيد من الأفراد في قبضة هذه الجماعة الشريرة، يجب أن نجردها من هذا الارتباط بالإسلام. ومن خلال تجولي بمختلف أرجاء البلاد وزيارتي لمجتمعات ومساجد مختلفة، وجدت أن مسألة اسم هذه الجماعة كثيرًا ما يجري طرحها. ويرغب الناس في أن تطلق وسائل إعلامنا وقادتنا على هذا التنظيم الأسود ما ينبئ بحقيقته، بدلاً من السماح له بربط نفسه بالدين. وقد لاقت هذه النقطة ترحيبًا من قبل وزير الخارجية، عندما أثرتها أمامه داخل البرلمان. وقد اقترح ضرورة أن تطلق «بي بي سي» والمنافذ الإعلامية الأخرى اسمًا مغايرًا على تلك الجماعة. لقد حان الوقت كي نطلق على هذه الجماعة اسمًا يعكس بصورة واضحة وكاملة طبيعة أعضائها الإرهابيين. إذن، ما الاسم البديل الذي يمكن أن نطلقه على هذه الجماعة الوحشية؟ العام الماضي، أقرت فرنسا الاسم الشائع لهذه الجماعة داخل الشرق الأوسط - «داعش» - الذي يمثل اختصارًا للأحرف الأولى بالعربية من «الدولة الإسلامية في العراق والشام»، كما أن هذا الاسم قريب من كلمة «داعس» التي تعني «شخص سحق شيئًا بقدمه»، وكذلك «داحس» التي تشير إلى «الشخص الذي يثير الشقاق بين الآخرين». وفي الوقت الذي ستمثل فيه إعادة تسمية تلك الجماعة «داعش» خطوة للأمام، خصوصا بما تحظى به من تأييد دولي، فإن آخرين تقدموا بمقترحات أخرى. على سبيل المثال، بعثت مجموعة من الجمعيات البريطانية المسلمة البارزة بخطاب إلى رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في سبتمبر (أيلول) الماضي، اقترحوا خلاله استخدام اسم «الدولة غير الإسلامية» للمعاونة في الحد من معدلات التحول للراديكالية داخل المملكة المتحدة. كما أعتقد أن علينا دراسة الفكرة التي اقترحها الأمير تركي الفيصل، رئيس مركز الملك فيصل للأبحاث والدراسات الإسلامية والسفير السابق لدى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وخلال محاضرة استضفتها داخل البرلمان، أشار الأمير تركي إلى أنه علينا إعادة تسمية الجماعة لتصبح «فاحش». وقال: «عندما نشير إلى شخص بهذه الكلمة، فهذا يعني أنه يأتي بالفواحش، سواء قولاً أو فعلاً». وبالتأكيد توحي أفعال تلك الجماعة أن هذا الاسم سيكون أكثر ملاءمة لها، خصوصًا بالنظر لسبيها النساء وعدوانها على الأبرياء. وتكشف الأحداث الأخيرة أنه لا تلوح في الأفق بوادر نهاية للقتال الدائر ضد هذا التنظيم الإرهابي، إلا أنه يجب خوض حرب أفكار بالتوازي مع الحرب المستعرة على الأرض. ولا ينبغي أن نسمح لتلك الجماعة باكتساب الشرعية التي تسعى وراءها عبر استخدام اسم «الدولة الإسلامية». لقد آن الأوان كي نقر اسمًا مغايرًا، ويبدو «فاحش» مقترحا منطقيا بالنسبة لي. * عضو في مجلس العموم البريطاني والمستشار السابق لبي نظير بوتو رئيسة وزراء باكستان الراحلة.
مشاركة :