استطاعت الأيام القليلة الماضية أن تثبت أننا في أشد الحاجة إلى الوعي أكثر من حاجتنا إلى اتخاذ إجراءات و إصدار بيانات ، فلا جدوى من جهد مبذول يهدف الى العبور من ذلك المأزق وكذلك السعي الدائم الذي لا مقصد منه سوى الحفاظ على صحة الإنسان في حالة عجز ذلك الشخص - الذي من المفترض انه المستهدف بتلك الحماية- عن استيعاب حجم الخطر الذي يحاك به، وتخاذله الذي كان واضحًا وغير مبرر بعدم التزامه بالتعليمات ،وتخليه عن اتباع سبل السلامة، و كذلك ضيق أفقه في قراءة المشهد من حوله من خلال سيناريوهات الدول المختلفة، وتغاضيه عن فكرة أن الضرر لا يتعلق به فحسب ، إنما قد يؤذي به غيره بإهماله وتكاسله، ألم يتخيل أن تلك اللامبالاة قد تدفع بنا إلى الهلاك بعد مرور أسابيع من الترقب والتوجس تحسبًا لوقوع أي مستجدات تتعلق بالانتشار وفقدان السيطرة؟ !ثمة مظاهر فجة وعادات مقيتة شكلت خطرًا في الأيام الماضية أقوى من الفيروس متمثلة في سرادق العزاء وإقامة الأفراح في قاعات المناسبات وغيرها من التجمعات التي تستهدف الشباب ومنها الكافيهات و مقاهي الانترنت،على الرغم أنهم من المفترض الفئة العمرية المنوط بها بالوعي والتنوير .لعبت القوى الناعمة دورا كبيرا لتوعية المتلقي من خلال مبادرات مثل مبادرة "خليك بالبيت ، و أن تتبنى أيضا عددا من الأسر المتضررة جراء تلك الأحداث الجارية ، مما قد يكون سببًا في أن يتبنى المشاهد نظريتهم ،ألا وهي المكوث بالمنزل لمجرد مناشدة نجمه المفضل له، وكذلك لأن لغة الحوار بينهما كانت مباشرة وسهلة مما جعله يتقبلها بشكل أسرع عن تلك البرامج التي تقوم على التحليلات المعقدة والتقييمات التي قد تكون مبهمة له بعض الشىء، مما يوضع تلك المبادرات للممثلين والمطربين موضع المسؤولية في إطلاق العديد من المبادرات لمناهضة السلوكيات الخاطئة والعادات السيئة. من أهم الدروس المستفادة من هذه التجربة هو أنه قبل أن نصدر القوانين، ونتخذ الإجراءات ، هو أن نبدأ بإعمال مبدأ العقل لدى الانسان أولًا ، و أن يكون على دراية بكل ما يدور حوله، وأن يكون متفاعلًا مع أحداث الساعة ، وعلى استعداد تام للتعامل مع الأزمات التي تتعرض لها بلاده على حين غرة بشكل أكثر إيجابية و فعالية ، فالإنسان وحده القادر على صنع تقدم مجتمعه أو تأخره من خلال مدى استيعابه و قراءته للأحداث و تكوين رؤيته الواضحة عن أحوال وطنه، فهو وحده القادر على أن يميز بين أوقات الرخاء التي من خلالها يمكنه أن يحقق الازدهار المطلوب ، و بين أن ينأى بعيدًا عن كل ما من شأنه أن يعرقل حركة وسير مجتمعه لاسيما في وقت الأزمات والعثرات.
مشاركة :