واشنطن (رويترز) - قالت ثلاثة مصادر أمريكية إن خفضا مزمعا للمساعدات الأمريكية لأفغانستان بقيمة مليار دولار سيستقطع من الأموال المخصصة لقوات الأمن الأفغانية في خطوة يقول خبراء إنها ستقوض قدرة كابول على محاربة حركة طالبان وكذلك موقفها التفاوضي مع الحركة في أي اتفاق سلام. وأعلن وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو عن هذا الخفض في 23 مارس آذار وهدد بخفض مماثل العام المقبل في محاولة لإجبار الرئيس الأفغاني أشرف غني ومنافسه السياسي عبد الله عبد الله على إنهاء خلافاتهما التي أسهمت في عرقلة جهود السلام التي تقودها واشنطن في البلاد. وبعد ما يقرب من 20 عاما من القتال مع طالبان، تبحث الولايات المتحدة عن طريقة لإخراج نفسها من تلك الحرب وتحقيق السلام بين الحركة المسلحة، التي تسيطر فعليا على أكثر من 40 بالمئة من أراضي البلاد، والحكومة التي تدعمها واشنطن. وأحجم بومبيو ومسؤولون أمريكيون آخرون عن نشر تفاصيل لكيفية تنفيذ هذا الخفض. ورفضت وزارة الخارجية التعليق على تلك الخطط. وقال معاونان في الكونجرس، طلبا عدم ذكر اسميهما لحساسية الأمر، إن مسؤولين من وزارة الخارجية أبلغوا الكونجرس بأن المليار دولار التي سيتم تخفيضها ستأتي من 4.2 مليار دولار تخصصها وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) لقوات الأمن الأفغانية بما يشكل نحو ثلاثة أرباع ميزانيتها السنوية. وقال أحدهما ”فكرة أنهم سيخفضون تمويل قوات الأمن تتعارض مع مصالح الأمن القومي الأمريكي“ موضحا أن تلك الأموال مطلوبة للحفاظ على قدرة الحكومة المدعومة من واشنطن على قتال طالبان وعلى موقفها التفاوضي في محادثات السلام. ويستخدم أغلب التمويل في الإنفاق على الرواتب والغذاء والوقود والعتاد والبنية التحتية دعما لقوات الأمن وقوات الشرطة الوطنية في أفغانستان. وخصص الكونجرس بين العامين الماليين 2002 و2009 ما يزيد على 86.4 مليار دولار للمساعدات الأمنية الأفغانية وفقا لتقرير الخدمات البحثية في الكونجرس الصادر في 11 مارس آذار. وقال المصدر الثالث وهو مسؤول عسكري أمريكي سابق طلب أيضا عدم ذكر اسمه ”هذا هو التمويل الوحيد الكبير بما يكفي لاستقطاع مثل هذا المبلغ منه“. والمساعدات الأمريكية الموجه لأغراض مدنية أقل بكثير إذ طلبت وزارة الخارجية هذا العام 532.8 مليون دولار من أجل دعم الاقتصاد الأفغاني بشكل عام إضافة لمكافحة المخدرات ودعم إنفاذ القانون. وأعلن بومبيو عن الخفض لدى عودته من كابول بعد أن أخفق في إقناع غني وعبد الله بإنهاء خلافهما بشأن الانتخابات الرئاسية التي جرت في سبتمبر أيلول 2019. ويزعم كلا الرجلين أن الفوز كان حليفه هو في الانتخابات وعقدا مراسم أداء يمين منفصلة للمنصب. وقال بومبيو إن قرار الخفض يمكن التراجع عنه إذا حل الرجلان خلافتهما التي عرقلت تشكيل وفد أفغاني للتفاوض على السلام مع طالبان بعد عقود من الحرب. وبدا أن تهديده قد أفضى لبعض النتائج. وأعلن غني في 26 مارس آذار عن تشكيل فريق تفاوض يشمل حلفاء لعبد الله وصدق الأخير على ذلك في 31 مارس آذار. كما وافق مسؤولون من الحكومة وطالبان على البدء في الإفراج عن السجناء لدى الجانبين وهو شرط مسبق وضعته طالبان في الاتفاق الموقع مع أمريكا في 29 فبراير شباط من أجل انسحاب مرحلي للقوات الأمريكية من أفغانستان. وترى لوريل ميلر وهي مسؤولة سابقة في وزارة الخارجية الأمريكية اختصت بالشأن الأفغاني أن خفض مليار دولار سيستغرق وقتا لحين الشعور بأثره لكنه سيضر بعمليات الأمن الأفغانية ومعنويات أفرادها. وأضافت ميلر التي تعمل حاليا مع مجموعة الأزمات الدولية، وهي مؤسسة بحثية، أن الخفض سيتيح المجال لطالبان للبدء في مفاوضات السلام وهي في ”موقف أقوى“. * قلق بالغ قال مسؤول في وزارة الدفاع الأمريكية إن الإدارة ما زالت تنظر البنود التي سيشملها الخفض لكنه تحدث عن ”قلق بالغ“ في البنتاجون بشأن خفض التمويل الموجه لقوات الأمن الأفغانية. وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه ”لا نريد حقا أن نفعل ذلك“ لكنه اعترف أن الاستقطاع من ذلك التمويل يبدو منطقيا في ضوء الفائدة التي يحققها لواشنطن. وقال المسؤول ”هذه هي النقطة المؤسفة. هذا ما يهتمون به كثيرا“ مضيفا أن هناك محادثات داخلية عما إذا كان هناك تقدم كاف قد تحقق بما يدفع بومبيو لسحب التهديد بخفض التمويل. وقال المسؤول العسكري الأمريكي السابق إن الخفض المقترح يعكس إصرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على إعادة القوات الأمريكية للبلاد من أطول صراع في تاريخ الولايات المتحدة. ولدى سؤاله عن رأيه في أثر خفض مليار دولار هذا العام وأخرى العام المقبل على قدرة القوات الأفغانية على قتال طالبان رد بالقول ”سيدمرهم ذلك“.
مشاركة :