رحيل المؤرخ الموسوعي الإماراتي عمران بن سالم العويس

  • 4/7/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: «الخليج» ودَّعت الساحة الثقافية العربية، أمس الاثنين، أحد أعمدتها، المؤرخ الإماراتي عمران بن سالم بن عبد الله العويس، الذي وافته المنية يوم الاثنين 2020/4/6 عن عمر ناهز 88 عاماً، تاركاً خلفه إرثاً ثقافياً من الأبحاث والمؤلفات التي تنوعت بين التاريخ والأنساب وغيرهما، والتي أصبحت مراجع مهمة على الساحتين الإماراتية والعربية. كان اهتمام عمران بن سالم العويس، وهو سليلُ أسرةٍ عُرف عنها شغفها بالعلم والثقافة والأدب، مُنصبَّاً بالدرجة الأولى على كتب التاريخ والأخبار والأنساب، إلى أن أصبح مرجعاً علمياً في هذا الإطار، خصوصاً في الإمارات ومنطقة الخليج، كما عُرف الفقيد باطلاعه الواسع وقراءته الوافية للمصادر التاريخية العربية والأجنبية، وقد ساعده في ذلك دراسته في الهند، وتعلمه اللغة الإنجليزية. عمران بن سالم العويس هو أحد مؤسسي ندوة الثقافة والعلوم بدبي، وظلَّ عضواً بمجلس إدارتها منذ عام 1987 حتى 2003، وكان يرأس لجنة المكتبة والطبع والنشر التي تشرف على تزويد المكتبة وعلى إصدارات الندوة ومقتنياتها من كتب التبادل والإهداء، إضافة إلى اختياره لشغل منصب عضو مجلس أمناء مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية لدورات عديدة، وكان الفقيد عضواً بالنادي الأدبي الأهلي الذي تأسس عام 1945، نادي النصر حالياً. ونشرت بعض كتاباته في «الديار العُمانية»، التي صدرت في الشارقة في النصف الأول من عام 1964، وفي عام 1989 ألقى عمران محاضرة بندوة الثقافة والعلوم ضمن فعاليات موسمها الثقافي بتاريخ 6- 6- 1989 بعنوان: «ملامح من الماضي في الخليج العربي»، وفي عام 2003 تم اختياره لجائزة شخصية العام الثقافية التي تشرف عليها ندوة الثقافة والعلوم. كما كرّمه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، عام 2017 في ملتقى الراوي. وكان الفقيد واسع الاطلاع على علم الأنساب وتاريخ المنطقة، وسبق أن اختير عضواً في لجنة التراث والتاريخ التي تأسست عند قيام الدولة، وكان نائباً لرئيسها الأول المرحوم أحمد بن سلطان بن سليم، ثم المرحوم الشيخ محمد بن أحمد الخزرجي، فضلاً عن قيام الفقيد بإعداد دراسات وشجرات للأسر العربية التي حكمت بعض البلدان العربية في مصر، المغرب وبلاد الشام، إلى جانب دول المنطقة، إلى أن أصبح مصدراً للمهتمين بالتاريخ والأنساب. مسيرة علمية تكللت بالنجاح وُلد عمران بن سالم العويس في الشارقة عام 1932، وكانت مدرسة الإصلاح التي افتتحها بالشارقة الشيخ محمد بن علي المحمود، محطته العلمية الأولى، تلتها مدرسة الفلاح بدبي، وفي عام 1947 التحق بمدرسة المرحوم عبد الله القرق الخاصة لتعليم اللغة الإنجليزية بدبي. كما نهلَ الفقيد دروساً في اللغة العربية على يد أحد أعلام اللغة والشعر، وهو الأستاذ أحمد القنبري، ليبدأ بعد ذلك محطة علمية جديدة في مدرسة «بربيرتي هاي سكول» بالهند؛ حيث سافر إليها عام 1949، ومنها أكمل تعليمه باللغة الإنجليزية وحصل على ما يعادل الشهادة الثانوية، والتحق في الوقت ذاته بالمدرسة الكويتية التي أنشأتها حكومة الكويت في الهند لتعليم أبناء الجالية الكويتية والعرب المقيمين هناك، وحصل عمران بن سالم العويس على دبلوم اللغة الإنجليزية من المعهد العالي للغات بالهند عام 1958، ليعود بعد ذلك إلى مسقط رأسه في الإمارات. ونعى وزير الدولة للشؤون الخارجية، الدكتور أنور قرقاش، الفقيد في تغريدة على حسابه بموقع «تويتر»، قال فيها: «فقدنا اليوم العم الجليل عمران بن سالم العويس، عضو مجلس أمناء مؤسسة سلطان العويس الثقافية. ‏سنفتقد أدبه الجم، واطلاعه الموسوعي على تاريخ الإمارات والخليج. ‏رحم الله بوراشد، وأدخله فسيح جنانه، وصبّرنا، وصبّر أسرته على هذا الفقد المؤلم». ونشرت وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، نورة بنت محمد الكعبي، تغريدةً على حسابها بموقع «تويتر»، قالت فيها: «فقدت الساحة الثقافية اليوم علماً وقلماً دوّن التاريخ على مدى عقود. عمران بن سالم بن عبدالله العويس في ذمة الله. رحم الله الفقيد وأسكنه فسيح جناته». وقال نائب رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم بدبي، علي عبيد الهاملي ل«الخليج»، إن «الساحة الثقافية الإماراتية عموماً، وندوة الثقافة والعلوم على وجه الخصوص، فقدت اليوم إحدى قاماتها الثقافية المهمة؛ حيث كان الفقيد أحد مؤسسي الندوة وعضواً في مجلس إدارتها لعدة دورات. لقد كان الراحل دمث الأخلاق، طيّب المعشر، وكان يُعطي من الكلام ما قلَّ ودلَّ، ونهلَ من العلم في الشارقة والهند في زمن كان الحصول فيه على العلم ينطوي على الكثير من الصعاب في خمسينات القرن المنصرم، وكان بذلك نموذجاً لابن الإمارات الذي يتكبد المشقة لارتشاف العلم، وعلى الرغم من تدهور صحته في الفترة الأخيرة، إلا أنه لم ينكفئ عن التواصل مع الندوة وفعالياتها، وهذا دليلٌ آخر على شخصيته المحبة للعلم والثقافة. حقاً إنها خسارة كبيرة للساحة الثقافية الإماراتية. نسأل الله أن يتغمد الفقيد بواسع رحمته، ويلهم أهله وذويه الصبر والسلوان». من جهته، أكد الروائي علي أبو الريش أن رحيل المؤرخ عمران بن سالم العويس خسارة فادحة بالنسبة لتاريخ الإمارات، وقال: «هؤلاء السلف يذهبون لكن أرواحهم تحلق في سمائنا كأجنحة الطير، كما أن رحيله خسارة معنوية في نفوس الذين أحبوا هذا الرجل وتابعوا مسيرته وإنجازاته، ونتمنى أن يكمل الآخرون مسيرة تاريخ الإمارات، ولا يسعنا أن نقول سوى إنا لله وإنا إليه راجعون».

مشاركة :