عالم قدّم دواء للبشرية.. فاز بنوبل واعتقله هتلر

  • 4/7/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

منذ صعود الحزب النازي وتولي أدولف هتلر منصب المستشار يوم 30 يناير 1933 ودمجه لصلاحيات المستشار والرئيس خلال العام التالي، مارست ألمانيا سياسة عدائية ضد دول الجوار فعمدت لنقض بنود اتفاقية فرساي لعام 1919 وأعادت تسليح نفسها واتجهت لضم النمسا لممتلكاتها سنة 1938 وانتزعت مناطق من تشيكوسلوفاكيا قبل أن تباشر بغزو بولندا مطلع سبتمبر 1939 متسببة بذلك في بداية الحرب العالمية الثانية. وامتدت هذه السياسات النازية لتشمل مجالات أخرى كالعلوم. فبموجب قوانين صارمة، حرّم النازيون على الألمان قبول جوائز نوبل، وأجبروا الباحثين والعلماء على رفض هذه الجائزة، متوعدينهم بعقوبات قاسية في حال مخالفتهم لذلك. وفي حدود أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، مرّ عالم الأمراض والباكتريولوجيا الألماني، غرهارد دوماك (Gerhard Domagk)، بوضعية مشابهة، حيث اضطهد من قبل النازيين على الرغم من تقديمه لخدمة هامة للبشرية. ولد غرهارد دوماك في 30 أكتوبر 1895 بمنطقة لاغو (Łagów) بمقاطعة براندنبورغ (Brandenburg). درس الطب بجامعة كيل (Kiel) وشارك كجندي متطوع بالحرب العالمية الأولى. أنهى دراسته بجامعة غرايفسفالد (Greifswald) بعد أبحاث ودراسات أجراها في مجال العدوى والبكتيريا. وعام 1925، التحق بجامعة مونستر (Münster) وعمل كأستاذ بها. كما قاد بداية من العام 1927 أبحاثاً بمختبرات مؤسسة إي جي فاربن (IG Farben) للصناعات الكيميائية بمدينة فوبرتال (Wuppertal). لاحقاً، حصل دوماك على منصب مدير معهد باير لعلم الأمراض والبكتريولوجيا، فاستكمل دراسات عدد من العلماء من أمثال جوزيف كلارر وفريتز ميتش، التي كانت مبنية على أبحاث الطبيب الألماني المختص في علم المناعة والدم، باول إرليش (Paul Ehrlich)، حول استخدام الأصباغ كمضادات حيوية ليكتشف الخاصيات المضادة للمكورات العقدية التي تمتّع بها البرونتوسيل (prontosil) المصنّف كأحد مركبات السلفوناميد (Sulfonamide). أثناء تجربته، قدّم دوماك جرعات قاتلة من بكتيريا عنقودية حالة الدم والمكورات العنقودية لعدد من الفئران والأرانب ليكتشف دور البرونتوسيل في حماية هذه الحيوانات من الموت. وعلى الرغم من هذا النجاح الباهر، رفض إجراء تجارب على البشر للتأكد من مدى فاعلية البرونتوسيل على الإنسان حيث تخوّف من آثار سلبية تؤدي لوفاته. إلا أن موقفه تغير عقب إصابة ابنته بعدوى مكورات عقدية، حيث عالجها باستخدام البرونتوسيل وأنقذها من بتر محتمل لذراعها. ومع نجاح التجربة، حبّذ دوماك إخفاء النتائج والحديث عنها، مفضلاً انتظار التجارب السريرية التي أجراها العلماء منتصف الثلاثينيات للتأكد من مدى فاعلية البرونتوسيل على البشر. بفضل أبحاثه التي أثبتت الدور المضاد للبكتيريا للبرونتوسيل وأدت لاكتشاف أول عقار فعال ضد العدوى البكتيرية، حصل غرهارد دوماك على جائزة نوبل للطب عام 1939. إلى ذلك ساهمت مجهوداته في ابتكار أدوية مضادة للسل أنقذت أوروبا ما بعد الحرب العالمية الثانية. من جهة ثانية، سنت ألمانيا النازية قوانين منعت الألمان من استلام جوائز نوبل، حيث أثار منح الصحافي وناشط السلام الألماني، المعارض للنازية، كارل فون أوسيتزكي (Carl von Ossietzky)، جائزة نوبل للسلام عام 1935 غضب المسؤولين النازيين. ومع حصوله على جائزة نوبل للطب عام 1939، منع غرهارد دوماك من السفر لاستلام الجائزة كما عمدت قوات الغيستابو (Gestapo)، الشرطة السرية، النازية لاعتقاله أسبوعاً كاملاً للتحقيق معه.

مشاركة :