«ما زلت أؤمن» حكاية حقيقية تخرج عن المألوف

  • 4/8/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

مارلين سلوم لم يحالف الحظ فيلم «ما زلت أؤمن»، إذ بالكاد شهد انطلاقة عروضه في الصالات حول العالم، حتى أغلقت دور السينما أبوابها، ليحقق نسبة إقبال زهيدة، وإيرادات لم تتجاوز العشرة ملايين ونصف المليون دولار. انتقال المشاهدة من الصالات إلى العروض المنزلية يتيح اليوم للجمهور متابعة هذا الفيلم الرومانسي، المستند إلى قصة حقيقية، فهل وباء «كوفيد 19» ظلم فيلم «ما زلت أؤمن» وسرق منه فرحة الاحتفاء بنجاح جماهيري كبير، أم أنقذه من خسارة حتمية كان سيشهدها، بسبب عدم توفر كل شروط التميز فيه؟ حين تقرأ عن قصة «ما زلت أؤمن»، تتحمس لمشاهدته، خصوصاً في ظل الأجواء الصعبة التي نعيشها، والتوتر الدائم بسبب «كورونا»، ورغبة الناس أكثر من أي وقت مضى في التوجه نحو مشاهدة الأفلام العائلية والرومانسية أو الكوميدية. وهذا العمل، يخلو من أي مشهد عنف أو شتائم أو سباق وتشويق، وكل «البهارات» التي أصبحت من أساسيات السينما الحديثة، وكأنه يخرج عن المألوف، ليقدم فيلماً رومانسياً إنسانياً، لا مكان فيه للخيال العلمي أو العالم الافتراضي. واقعي جداً، وحقيقي جداً، رغم ارتكازه على الروحانيات وتأجيج العواطف.طوال مدة المشاهدة التي تمتد نحو ساعتين، تشعر بأن الأحداث ليست غريبة، وأنك شاهدتها من قبل في أفلام رومانسية كثيرة مثل «قصة حب» و«شمس منتصف الليل». هذا لا يعني أن الأخوين جون وأندرو إروين استنسخا عملاً معروفاً، بل اختارا قصة حقيقية صادف تشابهها مع أفلام رومانسية عرفتها السينما الأمريكية سابقاً. الأخوان إروين توليا مهمة الإخراج، بينما كتب أحدهما، جون، وبالشراكة مع جون جان، السيناريو والحوار عن قصة المغني المشهور جيريمي كامب، الذي عاش مأساة حبه الأول عام 1999، حين تعرف إلى ميليسا منذ بداية دخوله الكلية، ووقع في حبها، لكن رحلتهما المفعمة بالمشاعر الجميلة، تكللت بالحزن المجبول بالأمل والإيمان.تنطلق الأحداث من مغادرة جيريمي (كي جي أبا) منزل والديه توم كامب (جاري سينيس) وتيري (شانيا توين)، للانتقال إلى الكلية. نتعرف إلى أخويه الصغيرين أحدهما جوش (روبن دود) من أصحاب الهمم، وهواية جيريمي التي اكتسبها من والده في العزف على الجيتار، والتي تلعب دوراً مهماً في حياته لاحقاً.انتقال جيريمي إلى الكلية ينقله إلى مرحلة جديدة تغيّر مجرى حياته. يتعرف هناك إلى المغني المحبوب من الشباب جان لوك لاجوا، الذي يفتح أمامه أفقاً أوسع نحو تحويل موهبة تأليف الأغاني والألحان والغناء إلى مهنة توصله لاحقاً إلى الشهرة. في حفل جان لوك يلتقي بفتاة تسحره ببراءة ملامحها، ويسرع إلى التعرف إليها بلا تردد. ميليسا (بريت روبرتسون) العفوية والجريئة، تتعلق سريعاً بجيريمي لكنها ترفض هذه العلاقة خوفاً من أن تجرح مشاعر صديقها المخلص جان لوك، الذي يأمل في أن تتبدل صداقتهما إلى حب.إلى هنا، تبدو القصة عادية جداً، ونستغرب إصرار إروين تأليفاً وإخراجاً، على تفريغ القصة من أي مضمون آخر غير العلاقة بين هذا الثلاثي، وتجاهل باقي الطلبة وما يدور في أرجاء الكلية، وكأن جيريمي جاء ليعيش قصة حب جميلة ويغني لا ليتعلم! وهي نقطة ضعف بارزة تضعف الفيلم في جزئه الأول.تنقلب السعادة إلى حزن مع اكتشاف إصابة ميليسا بسرطان من الدرجة الثالثة، أي أنه يتفشى وهي تعيش مرحلة خطيرة. يترك جيريمي الكلية ليتفرغ لحبيبته، ويتزوجها رغم ظروف مرضها. يسلك الفيلم طريق التشويق واللعب على عواطف الجمهور، ويزيد أداء البطلين بريت وكي جي من جرعات تعاطف الجمهور مع الشخصيتين. أجاد الأخوان إروين باختيار نجم الغناء كي جي أبا الذي تألق بدور الفنان جيريمي، بينما تشع بريت روبرتسون فرحاً وتلمس قلوب المشاهدين بملامحها الملائكية، وتشكل مع البطل ثنائياً ناجحاً.في المقابل، نستغرب اختيار النجمين شانيا توين وجاري سينيس لدوري والدي البطل، دون أن يكون لهما أي تأثير أو مساحة كافية لتقديم أي أداء، وكأنهما كومبارس موجود دائماً في خلفية المشهد!كمعظم الأفلام الرومانسية - المأساوية، تتوالى مشاهد السعادة والعلاقة المثالية الجميلة بين الحبيبين، لتزيد جرعة التأثر في نفوس المشاهدين، ويصبح فراق البطلين أكثر مرارة. ولأن الفيلم يشدد على معنى «الإيمان» واللجوء إلى الله والتسليم بمشيئته، تتماثل ميليسا للشفاء مباشرة قبل إتمام زواجها من جيريمي، ويعتبرها الجميع معجزة، تزيد من جرعة التفاؤل، لكن سريعاً ما تأتي الانتكاسة الكبرى، ليعود المرض أقوى من ذي قبل، ينتهي برحيل ميليسا وغرق زوجها في حزن وتساؤلات حول أسباب عيش الإنسان في مآسٍ رغم إيمانه الكبير، وكيفية مقاومة الحزن واليأس. وسرعان ما يأتي الرد بأن المعاناة لا تدمر الإيمان بل تصحح من مساره.لفتة جيدة أن يستعرض في ختام الفيلم أبطاله الحقيقيون، الفنان جيريمي وزوجته وأبناؤهما وصور ميليسا ودفتر مذكراتها الذي تركته لحبيبها بخط يدها.. كما أن المشاهد الجميلة كثيرة، منها مشهد القبة السماوية التي تضيء بالنجوم «السحرية»، والحفل الذي يلتف فيه الناس حول ميليسا للدعاء من أجل شفائها. رسائل مباشرة يغلفها العمل بقالب موسيقي ممتع، تدفع باتجاه التمسك بالإيمان بالله، وعدم اليأس، وتخطي الصعوبات بإرادة قوية، وتنتهي بظهور فتاة جديدة تدعى أدريان بعد عامين من رحيل ميليسا، لتعيد الأمل من جديد إلى حياة جيريمي.الفيلم جيد، لكنه يفتقد إلى التعمق أكثر في كتابة القصة والتوسع في أحداثها بدل تكرار بعض المشاهد التي تبدو كالحشو وإعادة المعاني إنما بجمل حوارية مختلفة. وربما لو أتيح للفيلم أن يبقى في صالات السينما طويلاً، لما تمكن من تحقيق مكاسب ضخمة ليصير «أسطورة» بين الأفلام الدرامية والرومانسية، مثل فيلم «قصة حب». marlynsalloum@gmail.com

مشاركة :