كان الكثيرون ينظرون إلى الذكاء الاصطناعي على أنه من روايات الخيال العلمي أو أفلام الفضاء ولا علاقة له بالواقع لا من قريب ولا من بعيد، ولحسن الحظ وبفضل التطور الكبير الذي تشهده التكنولوجيا الحديثة، أصبح الذكاء الاصطناعي حقيقة واقعية، وله القدرة على التأثير في جميع المجالات الحياتية للفرد، ولعل الرعاية الصحية أحد أهم المجالات التي كان لها النصيب الأكبر من ظهور الذكاء الاصطناعي، وفي هذا السؤال نطرح سؤالًا مهمًا للغاية: ماذا عن الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية؟ يُعتبر الذكاء الاصطناعي والرعاية الصحية من أبرز الاتجاهات التي شهدت تحولًا كبيرًا خلال الخمس سنوات الأخيرة، خاصة بعد انتشار تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال الطبي، ولربما شاهدنا مؤخرًا المشاريع التي يتم إنشاؤها في القطاع الطبي بالاشتراك مع كُبرى الشركات التكنولوجية بمختلف أنحاء العالم، ولعل “آي بي إم وجوجل” خير مثال على ذلك؛ حيث يُشتهر واتسون من “آي بي إم” بالظهور في برنامج المسابقات الأمريكي جيوباردي «المحك» وهزيمة الأبطال من البشر، ولكنه يُستخدم في مستشفى كليفلاند كلينك بولاية أوهايو بالولايات المتحدة الأمريكية للمساعدة في تعليم طلاب الامتياز في كليات الطب عن الفيزيولوجيا المرضية والتشخيص. اقرأ أيضًا: حلول ذكية لنجاح رواد الأعمال.. هل أنت مستعد؟خوارزميات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات في الآونة الأخيرة، أصبح الكثير من الأطباء بمختلف أنحاء العالم يعتمدون على الخوارزميات التي تم تصميمها باستخدام الذكاء الاصطناعي في تحليل مجموعات ضخمة من البيانات تضم معلومات يُمكن أن تُنقذ أرواحًا كثيرة، فهذه الخوارزميات تمتلك العديد من التطبيقات داخل العديد من المستشفيات؛ حيث تلعب دورًا كبيرًا في عمليات فحص البيانات، الأمر الذي يُمكن إخصائي الرعاية الصحية العاملين في غرف الطوارئ من الوصول إلى كميات كبيرة من المعلومات وفرزها خلال مدة زمنية قصيرة. في ظل انتشار تقنيات الذكاء الاصطناعي وتطورها يومًا تلو الآخر، أصبح بإمكان المرضى إجراء عمليات التشخيص التنبؤي واستشارات المتابعة الافتراضية وكذلك السجلات الرقمية، فالذكاء الاصطناعي لديه الكثير من الطبيقات الحديثة والمتطورة التي لديها القدرة على التنبؤ بالأمراض في البدايات وتشخيصها والتعامل مع كميات كبيرة من البيانات ليس هذا فحسب، بل بإمكانه تحقيق أكبر قدر من الكفاءة في الإدارات الطبية للحالات المرضية. وفي هذا الصدد، يتوقع بعض الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي أن القيمة السوقية لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي ستبلغ نحو أكثر من 47.5 مليار دولار بحلول عام 2030، 36.1 مليار، في ظل الحاجة المتزايدة إلى اختراع أجهزة حاسوب يمكنها تشغيل مختلِف برامج الذكاء الاصطناعي التي تتطور يومًا بعد يوم، والتعامل مع تطبيقات الرعاية الصحية الأساسية. اقرأ أيضًا: «كوفيد 19».. هل تأثرت التكنولوجيا الصينية؟ابتكارات ذكية للرعاية الصحية وفي صدد التطور، أتاح الذكاء الاصطناعي طفرةً في التقنيات الحديثة التي يعتمد عليها أطباء الباثولوجي؛ حيث أثبتت التقنية التي استخدمها الباحثون نجاحًا كبيرًا في مركز «ريكن لمشروع الذكاء المتقدم» باليابان بعد التعرُّف على بعض العلامات في صور أنسجة مرضى سرطان البروستاتا، التي ارتبطت بتطور مرض السرطان ولم يجرِ ملاحظتها من قِبل الأطباء، إذن يُمكننا القول إن الذكاء الصناعي يمتلك القدرة الكاملة على اتخاذ بعض الإجراءات وأداء الكثير من المهام في القطاع الصحي كالأطباء من البشر بالضبط، ولن نُبالغ لو قلنا أكثر قدرة من البشر في عمليات التشخيص للمرضى؛ حيث فعّل عدد من الباحثين في مستشفى John Radcliffe بمدينة «أكسفورد» بالمملكة المتحدة نظامًا جديدًا لتشخيص الأمراض بواسطة تقنيات الذكاء الصناعي، أكثر دقة من تشخيص الأطباء لأمراض القلب. في المقابل، ابتكر باحثون في جامعة «هارفارد» بالولايات المتحدة الأمريكية مجهرًا حديثًا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي يستطيع الكشف عن عدوى الدم التي ربما تكون مسببة للوفيات؛ حيث درب الباحثون المجهر الذكي على سلسلة من 100.000 صورة تم جمعها من 25.000 شريحة تم علاجها بالصبغة لجعل البكتيريا أكثر وضوحًا، ويُمكن لهذا المجهر فرز هذه البكتيريا بمعدل دقة 95%. في نهاية المطاف، ينبغي على الأطباء إدراك أهمية تقنيات الذكاء الاصطناعي، وتطويره، واعتماده، ورفع مستواه للقدرة على تشخيص الحالات المرضية وتقديم رعاية صحية أفضل للمرضى، فهذا الأمر يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود؛ لتحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي. اقرأ أيضًا: إدارة المشاريع الصغيرة في الأزمات.. 5 طرق للنجاح
مشاركة :