ما زال هاجس عدم القدرة على استكمال موسم كرة القدم 2019- 2020 في إنجلترا بسبب تفشي فيروس «كورونا» المستجد، يثير قلق المسؤولين عن اللعبة الذين بعثوا برسالات تحذر من خسائر مالية خطيرة، قد تؤدي إلى تدمير أندية وتوقف نشاط بطولات بالدرجات الدنيا. وفي الوقت الذي أشار فيه ريتشارد ماسترز، الرئيس التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز، إلى أن عدم استكمال منافسات الموسم الحالي قد يسفر عن خسائر تصل إلى مليار جنيه إسترليني، وجَّه أيضاً غريغ كلارك، رئيس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم، تحذيراً أكثر خطورة، بأن التداعيات المالية لتفشي فيروس «كورونا» قد تؤدي إلى تدمير الأندية، وإلغاء بطولات، في حال لم يتكاتف الجميع لتحمل التضحيات. وفي ظل تعليق منافسات الدوري الممتاز ودوريات الدرجات الثلاث الأخرى للمحترفين إلى أجل غير مسمى، حذر كلارك من أن يكون السقوط المدوي المفاجئ في الإيرادات قاسياً جداً على أندية الدرجات الدنيا التي ربما تغلق أبوابها. وما زال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم يأمل أن تستأنف البطولات المحلية بالقارة نشاطها بحلول يونيو (حزيران)، ومحذراً من اتخاذ أي خطوات مماثلة لما حدث في الدوري البلجيكي. وأعلنت اللجنة المنظمة للدوري البلجيكي إنهاء الموسم مبكراً، بسبب تفشي وباء فيروس «كورونا»، وإعلان تتويج فريق كلوب بروج بطلاً. وكان بروج يتصدر الدوري بفارق 15 نقطة، قبل جولة واحدة من نهاية الموسم الأساسي، وقبل بدء المرحلة النهائية للدوري التي تقام بمشاركة أول ستة فرق. وتم تشكيل مجموعة عمل من خمسة أشخاص لتحديد مصير الصعود والهبوط والفرق المتأهلة للمسابقات الأوروبية الموسم المقبل. لكن الوضع في إنجلترا وأيضاً بالدوريات الكبرى بإسبانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا، يبدو أكثر تعقيداً. وأمام الموقف المتأزم، توصلت أندية إسبانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا لاتفاق على تخفيض الرواتب، بنسب تتراوح بين 20 و70 في المائة خلال فترة التوقف؛ لكن المحادثات بين رابطة الدوري الممتاز الإنجليزي ورابطة الدوري واتحاد اللاعبين المحترفين، بشأن تأخير تسديد رواتب اللاعبين، وإمكانية خصم 30 في المائة من قيمتها، لم تصل إلى أي نتيجة، في الوقت الذي وضعت فيه بعض الأندية جزءاً من موظفيها من غير اللاعبين في بطالة جزئية. وأعلن الاتحاد الإنجليزي، الاثنين، أن عدداً من كبار موظفيه ومدرب المنتخب الوطني غاريث ساوثغيت، وافقوا على خفض رواتبهم بنسبة 30 في المائة مقابل 15 في المائة لموظفين آخرين. إلا أن كلارك يعتبر أن هذه الإجراءات لن تكون كافية، في حال لم يتكاتف المعنيون في كرة القدم، من أجل حماية الأندية الأقل ثراء. وقال خلال اجتماع مع أعضاء الاتحاد الإنجليزي: «تواجه كرة القدم تحديات اقتصادية تتخطى أي توقعات لأولئك الذين يديرونها. ستكون هناك تداعيات اقتصادية لهذه الجائحة، وكل القطاعات ستعاني». وتابع: «نواجه خطر خسارة أندية وبطولات في ظل الانهيار المالي. قد يخسر عديد من الأشخاص الأندية الأحب إلى قلوبهم، والتي قد لا تقوى على العودة. في ظل هذه المحنة غير المسبوقة، على أصحاب المصالح من لاعبين، ومشجعين، وأندية، ومالكين، وإدارات، أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية، ويتشاركوا الألم من أجل إبقاء اللعبة حية». وتوقع الاتحاد الإنجليزي أن تبلغ خسائره 100 مليون جنيه إسترليني (123 مليون دولار) بسبب تأجيل الدور ربع النهائي من مسابقة الكأس والمباريات الدولية الودية فقط. من جانبه أعرب ريتشارد ماسترز، الرئيس التنفيذي للدوري الإنجليزي الممتاز، عن خشيته من التعرض لخسائر بمليار جنيه إسترليني على الأقل، حال عدم استكمال منافسات الدوري. وقال ماسترز: «نواجه خسائر بمليار جنيه إسترليني على الأقل، إذا فشلنا في استكمال موسم 2019- 2020. وهناك خسائر أخرى تنتظرنا إذا ما زادت خطورة الجائحة في المستقبل». وفي ظل التخبط الذي تعاني منه الكرة الإنجليزية لكيفية التعامل مع الأضرار المترتبة، يأمل كلارك أن تتعاون السلطات الكروية من أجل تفادي تداعيات مالية مدمرة إلى حين احتواء الوباء. وقال: «يجب أن تكون لدينا خطة لضمان عدم انهيار كرة القدم الإنجليزية في حال استحالة إنهاء الموسم الحالي وتعثّر الموسم المقبل. نأمل ألا نلجأ إلى هذه الخطة كوننا عازمين على إنهاء الموسم المحترف، ولكن سنكون أغبياء في حال لم نضع خطة طوارئ». إلا أن كلارك اعترف أنه قد يكون من الصعب إنهاء الموسم في ظل الأزمة الصحية الراهنة. وأوضح: «نحن ملتزمون بإنهاء الموسم الكروي المحترف. مع ذلك، قد لا نتمكن من القيام بذلك كون كرة القدم ليست أولويتنا؛ بل حياة البشر، وسنقوم بما تطلبه منا الحكومة في ظل انتشار الوباء». وكان الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) قد دعا الأندية واللاعبين للتوصل إلى اتفاقات بشأن تخفيض الرواتب، في فترة توقف المنافسات بسبب فيروس «كورونا» المستجد، موصياً بتمديد عقود اللاعبين لما بعد نهاية يونيو، في انتظار نهاية الموسم الكروي، مع ما يتطلبه ذلك من تأخير فترة الانتقالات. وطرح تعليق علامات استفهام بشأن القدرة على استئناف موسم 2019- 2020 وطنياً وقارياً، ومسألة عقود اللاعبين التي تنتهي في 30 يونيو، بحال اضطرت الأندية إلى استكمال الموسم لما بعد هذا الموعد. لكن «فيفا» قدم توصية بضرورة تمديد طارئ للعقود بين الأندية واللاعبين حتى نهاية الموسم الكروي بحال استئنافه، على أن يتم تأجيل فترة الانتقالات أيضاً. وأكد الاتحاد الدولي رغبته في إظهار «مرونة» في ظل الأزمة الراهنة التي دفعت إلى تعليق مختلف النشاطات، وتأجيل أو إلغاء مواعيد كبيرة كانت مقررة في صيف 2020، لا سيما أولمبياد طوكيو ونهائيات كأس أوروبا وبطولة «كوبا أميركا» لكرة القدم، إلى صيف العام المقبل. ورأى «فيفا» أن جائحة «كوفيد- 19» تتسبب في «تأثير كبير» على عائدات الأندية، وأن على كرة القدم كما القطاعات الأخرى إيجاد حلول عادلة ومتوازنة بين الأندية واللاعبين. وأوضح في توجيهاته أنه يحض «الأندية واللاعبين على العمل معاً للتوصل إلى اتفاقات حول الرواتب والعقود خلال فترة توقف منافسات كرة القدم، وما إذا كان يجب تأجيل الدفع (الرواتب) أو خفضها، وما يمكن لشركات التأمين أن تغطيه». وتطرق «فيفا» في توجيهاته إلى نقطتين أساسيتين، تتعلقان بعقود اللاعبين والانتقالات الصيفية التي عادة ما تفصل بين موسمين، منصرم ولاحق. وفي شأن النقطة الأولى، أورد «فيفا» أن «عقود اللاعبين عادة ما تنتهي مع نهاية الموسم، وفي ظل التعليق الراهن للمنافسات في غالبية الدول، بات من الواضح أن الموسم لن ينتهي في الموعد الذي افترضه الجميع. لذلك، يقترح أن يتم تمديد العقود إلى موعد انتهاء الموسم فعلياً»؛ موضحاً أن «مبدأ مماثلاً يرتبط بالعقود التي كان من المقرر أن تدخل حيز التنفيذ مع بدء الموسم الجديد، ما يعني تأجيل تنفيذها إلى حين موعد البداية الفعلية لموسم 2020- 2021». ويطال ذلك عقود الإعارة التي تنتهي أيضاً بختام يونيو. أما فترة الانتقالات التي تفتتح بعد نهاية الموسم وتمتد بحد أقصى إلى بدايات الموسم الجديد، فرأى «فيفا» أنه من الضروري تعديل الموقف التنظيمي المعتاد، ليأخذ في الاعتبارات الظروف الراهنة. لذلك، سيظهر «فيفا» مرونة، ويفسح في المجال أمام نقل فترة الانتقالات المذكورة، لتصادف بين نهاية الموسم القديم وبداية الموسم الجديد.
مشاركة :