الرباط – عجلت الأخطاء الاتصالية المتكررة بإقالة الناطق باسم الحكومة المغربية ووزير الثقافة والشباب والرياضة لحسن عبيابة من مهامه، في ظرف شديد الحساسية تحتاج فيه البلاد تظافر جميع الجهود لمواجهة وباء كورونا. وعين العاهل المغربي الملك محمد السادس وزير التربية والتكوين المهني والتعليم العالي السعيد أمزازي ناطقا باسم الحكومة، وعثمان الفردوس وزيرا للثقافة والشباب والرياضة خلفا لعبيابة. ويرى متابعون أن إقالة عبيابة من مهامه تأتي في إطار ربط المسؤولية بالمحاسبة التي شدد عليها العاهل المغربي في عدد من المناسبات، بعدما تسبب الوزير المعفى من مهامه في عدد من المشاكل التواصلية، ما خلّف إحراجا للحكومة و دفع رئيسيها سعدالدين العثماني إلى التعجيل برحيله. ويؤكد هؤلاء إلى أن ضعف إدارة الوزير لعدد من القطاعات التابعة لوزارته أثّر سلبا في دعم المجهود الحكومي لمواجهة وباء كورونا، سواء على مستوى الرؤية والمبادرات الجهوية والمحلية، أو على مستوى توسيع وعاء الاعتمادات المادية واللوجيستية الموجهة إلى هذه القطاعات للقيام بواجبها في هذه الأزمة. ويجمع خبراء في الاتصال أن الوزير عبيابة لم يكن مهيأ بشكل مهني لتولي ثلاثة مناصب وزارية دفعة واحدة، إلى جانب افتقاره للكفاءة الاتصالية والخبرة في المجالات الموكلة إليه، رغم أن حزبه الاتحاد الدستوري قدمه على أساس أنه من الكفاءات . ودخل الوزير المقال في صدام مع عدد من مهنيي الفنون المسرحية والصحافيين، بعد أن أصدر قرارا من جانب واحد أوقف من خلاله نشر الجرائد الورقية دون استشارة مجلس فيدرالية ناشري الصحف. اقتراح رئيس الحكومة المغربية سعدالدين العثماني إعفاء لحسن عبيابة بمثابة محاولة لحفظ ماء وجه حكومة وصفت بالكفؤة وكانت آخر ندوة صحافية لعبيابة، الاثنين الماضي، حيث قال فيها إن مديرية الاتصال التابعة لوزارته، رصدت أن “بعض التقارير والتغطيات الإخبارية التي جرى بثّها خلال الفترة الأخيرة من طرف منابر صحافية أجنبية، تضمنت إما أرقاما ومعطيات غير دقيقة أو جزئية، أو وقائع جرى تضخيمها وإخراجها من سياقها”، ما دفع وسائل الإعلام الأجنبية إلى شن حملة على الحكومة المغربية بعد أن اعتبرت أن تصريحات الوزير اتهام لها. وقالت الباحثة في العلوم السياسية شريفة لموير إن “التعديل الحكومي كان ضروريا خصوصا في هذه الظرفية”، مؤكدة أن “ضعف أداء لحسن عبيابة كان أهم عامل عجّل بإقالته إضافة إلى الصدامات التي فتحها مع العديد من الجبهات”. واعتبرت لموير، في تصريح لـ”العرب” أن اقتراح سعدالدين العثماني إعفاء الوزير عبيابة بمثابة محاولة لحفظ ماء الوجه لحكومة وصفت بالكفؤة، خصوصا وأن البلاد تعيش على وقع الاستعداد لانتخابات تشريعية العام المقبل. وأشارت الباحثة في العلوم السياسية إلى أن السؤال الذي يبقى مطروحا في كل نسخة حكومية هو أزمة الكفاءات داخل الأحزاب السياسية، حيث يتمّ ترجيح المصالح الشخصية لقادة أحزاب في اختيار من يمثّلها داخل الحكومة على حساب تغييب الكوادر الحزبية ذات كفاءة خصوصا الشباب والنساء. وسبق للعاهل المغربي أن كلّف رئيس الحكومة بتقديم مقترحات لتدعيم القطاعات الإدارية، بكفاءات وطنية، مشددا في خطاب العرش الماضي، على “توفير أسباب النجاح لهذه المرحلة الجديدة، بعقليات جديدة، قادرة على الارتقاء بمستوى العمل، وعلى تحقيق التحول الجوهري الذي نريده”. وفي أكتوبر 2019، أدخل العاهل المغربي تعديلاً وزاريا واسعا على حكومة سعدالدين العثماني، التي أصبحت تضم 23 وزيراً بالإضافة إلى رئيس الحكومة، عوض 39 وزيرا، بينهم 6 وزراء جُدد، كما تم إلغاء 15 منصباً وزارياً.
مشاركة :