ينتظر سكان الأرض بفارغ الصبر نتائج أبحاث تقوم بها أكثر من 50 مختبرا حول العالم لإيجاد لقاح مضاد لفيروس كورونا المستجد. فبعد تصريحات متفائلة أطلقها باحثون وسياسيون عن قرب التوصل إلى لقاح بدت الاحتمالات ضعيفة مع مرور الوقت، حيث يواصل الفيروس التسبب في وفاة أكثر من سبعة آلاف إنسان يوميا على أقل تقدير وإصابة الآلاف وتعطيل الحياة على الأرض وحشر أكثر من ثلثي السكان في منازلهم. يبدو أن الجهات الصحية في الدول الكبرى والصغرى بدأت تتعايش مع هذا الفيروس، وتحاول صد هجماته بأدوية قديمة استخدمت ضد الملاريا والإيدز والسرطان وأيضا ضد الفطريات الطفيلية، إلى أن يتوصل العلماء إلى علاج حاسم ينهي هذا الفيروس. بعض الدول حاول سياسيوها عدم الاستسلام للفيروس ومواصلة الحياة كالمعتاد بحجة أنه لا يمكن وقف الأنشطة الاقتصادية مثل رئيس البرازيل بولسونارو، الذي اعتبر الفيروس مؤامرة ضده، أو كما حاول السياسيون الإيطاليون الاستخفاف بخطر الفيروس وانتقدوا إجراءات الحجر وخرجوا إلى الشوارع والمتاجر لإقناع العامة بضرورة استمرار الحياة التجارية والصناعية، فكانت الكارثة في إيطاليا ومن ثم في إسبانيا وبقية دول أوروبا، وكذلك فعل الرئيس ترامب ونتنياهو فآتاهم الفيروس بقوة ما زالت تتفاعل وتتضاعف. رئيس وزراء بريطانيا المثير للجدل دوما بوريس جونسون اخترع مصطلح مناعة القطيع، أي ترك الفيروس ينتشر ليصيب أكبر عدد من البريطانيين فتتشكل لديهم مناعة جمعية، لكن نظريته هذه تهاوت وأصيب هو شخصيا وتفاقم الوضع في بلاده وتجاوز عدد الوفيات الخمسمائة يوميا. نظرية مناعة القطيع تبنتها حتى الآن السويد بعد أن هجرها جونسون المريض، لكن الطريقة السويدية كانت أكثر دقة، حيث أمنت كبار السن والفئات الأكثر عرضة للخطر، وسمحت للفيروس بالانتشار ببطء بين السكان الأصحاء. وحظرت التجمعات لأكثر من خمسين شخصًا، عدا ذلك، لم تفرض قيودًا موسعة، لم تلجأ للعزل الجماعي أو حظر الحركة، سمحت للشباب الأصحاء بممارسة حياتهم العادية، الحانات والمطاعم أكثر هدوءًا من المعتاد، لكنها لا تزال تستقبل مرتاديها، السينمات مفتوحة، والمقابلات الأسرية مستمرة. الحكومة أبقت المدارس مفتوحة، للسماح للآباء الذين يعملون في وظائف حيوية في قطاعات الرعاية الصحية والنقل وخطوط الإمداد الغذائي بمواصلة العمل، خصوصًا بالنظر إلى ندرة مضاعفات كوفيد-19 عند الأطفال، كما أن الإغلاق الشامل له آثار اقتصادية سلبية كبيرة قد تضر في المستقبل بالرعاية الصحية بسبب نقص الموارد، ويتسبب هذا في نهاية المطاف في المزيد من الوفيات والمعاناة أكثر من الوباء نفسه. ويرى مسؤولو الصحة في السويد أنهم سيحققون هدفهم بإصابة ستين بالمئة من السكان بالفيروس في نهاية شهر آيار، وبالتالي ستكون لديهم مناعة القطيع ولن يعود الفيروس مجددا إليهم، حيث إن البعض يتوقع موجة أخرى من الفيروس في مطلع الخريف المقبل. وبعكس بريطانيا التي عارض الكثيرون منذ البدء نظرية مناعة القطيع خاصة بعد إصابة الراعي جونسون، فإن أغلبية الشعب السويدي تؤيد خطة الحكومة فيما تقوم بهلكن الكثيرون يشكطكون في إمكانية عدم تعرض السويد لموجة ثانية. لكن السؤال هو لماذا نجح العلماء والباحثون قديما وحديثا في إيجاد لقاح لكل الفيروسات التي ضربت البشرية وعجزوا الآن رغم التقدم التكنولوجي؟ ولماذا نظرية مناعة القطيع التي قضت على الالوف يوميا؟ ولماذا استخف سياسيون بالفيروس قبل انتشاره الواسع؟ ولماذا لجأت دول إلى طب الحرب في مستشفياتها أي التركيز على علاج من هم أقل من ستين وترك كبار السن يموتون ويرفعون عنهم أجهزة التنفس الصناعي؟ فهل تدور في أذهان بعض السياسيين نظرية البقاء للأصلح والأقوى؟ أي غربلة المجتمع من كبار السن والمرضى فقط! لأن اغلب التقديرات والتنبؤات لا تشير الى التوصل لعلاج حاسم في الأفق بل إلى احتمال عودة الفيروس مجددا في أواخر العام، وهنا نتساءل ألا تظل فرضية المؤامرة عن تخليق أو تطوير الفيروس قائمة؟
مشاركة :