عكس التصنيف الائتماني الأخير الصادر عن مؤسسة فيتش العالمية مرونة الاقتصاد السعودي في هذه المرحلة التي يشهد فيها العالم تهاوي اقتصادات دول كبرى جراء جائحة «كورونا»، إذ وفقاً لمختصين يؤكد التصنيف الحديث سلامة وقوة الإصلاحات التي اتخذتها السعودية في وقت سابق، وسرعة الإجراءات الاحترازية في هذه المرحلة لدعم كل القطاعات الاقتصادية لمواصلة النمو ومواجهة التحديات. ووضعت الوكالات العالمية التصنيف الائتماني طويل الأجل للسعودية عند «A» مع نظرة مستقبلية مستقرة، وهو ما يعكس القوة المالية التي تتمتع بها المملكة، بما في ذلك الاحتياطيات الأجنبية العالية بشكل استثنائي، ونسبة الدين العام المنخفضة، كما أن السعودية تمتلك أحد أكبر الأصول السيادية للدول النظيرة، مؤكدة التصنيف الائتماني طويل الأجل للسندات الأجنبية في المملكة (IDR) عند «A» مع نظرة مستقبلية مستقرة.وقال محمد الساير، عضو مجلس غرفة الرياض، رئيس لجنة الأوراق المالية والاستثمار، إن بقاء التصنيف للسعودية عند درجة «A» يعود لعوامل رئيسية، لعل في مقدمتها الإصلاحات الاقتصادية التي حصلت في الآونة الأخيرة والتي كان لها مردود إيجابي، وهذا جاء بشكل رئيسي في تعديل أسعار الطاقة (كهرباء، ماء، وقود)، كذلك الدخل الإضافي الذي جاء من ضريبة الدخل، بالإضافة إلى دخل النفط والغاز الذي ساعد في بقاء موقف السعودية الاقتصادي والمالي مستقراً.وأضاف الساير أن كل الأنشطة الاقتصادية، وتحديداً التي لها علاقة بالنفط والغاز والبتروكيماويات، تدعم وبشكل كبير استدامة النمو الاقتصادي للفترة المقبلة، إضافة الى تمتع السعودية باحتياطيات ضخمة، جعلها ثابتة في المواقف والأزمات وأبقى السعودية عن مستواها الائتماني المستقر.وعن تقديرات العجز في الميزانية، قال الساير إن العجز الوارد في وكالات التصنيف، يعد الأقل على المستوى الدولي، موضحاً أن نسبة الدين من الناتج المحلي أقل 4 دول في العالم، في وقت هناك دول اقتصادها أكبر من السعودية يتجاوز إجمالي الدين العام من الناتج المحلي لديها 20 في المائة.وبالعودة إلى تقارير وكالات التصنيف الصادرة أول من أمس، فقد رفعت تقديراتها لنمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في السعودية للعام الحالي إلى 4.9 في المائة مقارنة بـ2 في المائة في تقديراتها الأخيرة التي أجرتها في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، متوقعة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي السعودي 4.9 في المائة و4.7 في المائة خلال عامي 2020 و2021 على التوالي، لافتة في بياناتها إلى أن السعودية لديها احتياطيات كبيرة وتمتلك خبرة طويلة في استخراج النفط بأقل التكاليف، الأمر الذي يوفر للمملكة درجة عالية من الميزة التنافسية على منتجي النفط الآخرين. وهنا يرى تركي فدعق، المستشار الاقتصادي، أن هناك تحسناً نسبياً واضحاً للاقتصاد السعودي فيما أوردته وكالات التصنيف، مقارنة بالاقتصاديات العالمية الأخرى للفترة ذاتها، وأن نمو الناتج المحلي في عام 2020 مقارنة بالتغير في النمو للعديد من دول مجموعة العشرين هو الأكبر في هذا الصدد بحكم الإجراءات والخطوات التي اتخذتها السعودية، موضحاً أن ما ورد من ارتفاع طفيف بحسب التقديرات في عجز الميزانية متوقع، لأن هناك تغيرات جوهرية حدثت مع تأثيرات «كورونا»، الأمر الذي دفع بالعديد من الدول لتعديل ميزانياتها، وهذا أمر طبيعي، ولن يكون هناك له أي انعكاسات سلبية على الاقتصادي المحلي. من جهته، قال الدكتور لؤي الطيار، الخبير الاقتصادي لـ«الشرق الأوسط» إن هذه التصنيفات غير مستغربة، بحكم ما تمتلكه السعودية من قوة وتنوع اقتصادها، إضافة إلى ما تمتلك من عائد سيادي عالٍ، وهو ما مكن السعودية في ظل الظروف والمعطيات الحالية التي عصفت بدول كبرى، وظلت المملكة ثابتة بل زادت في ذلك بدعم مالي متنوع لكل قطاعات الاقتصاد لتواجه أي انعكاسات سلبية. وأضاف الطيار أنه رغم هذه الظروف، فإن هناك نمواً في اقتصاد السعودية، مقارنة بدول كبرى تسعى للحصول على قروض لمواجهة الأزمات، وهذا ما جعل تصنيف السعودية ثابتاً رغم الأزمة الاستثنائية الناجمة عن الفيروس، موضحاً أن كل الوكالات شددت على أن السعودية تتمتع بقوة مالية كبيرة، بما في ذلك الاحتياطيات الأجنبية ونسبة الدين العام، ما يدل على سلامة الإجراءات المتخذة في الإصلاحات وسرعة مواجهة الأحداث، وأن الاقتصاد السعودي ذو عائد كبير.
مشاركة :