يرى مراقبون سياسيون، أن جلّ الكتل السياسية في العراق كانت مضطرة إلى اختيار رئيس جهاز الاستخبارات مصطفى الكاظمي، الذي سبق أن رفضته، لقطع الطريق أمام إنجاز المكلف السابق عدنان الزرفي، مهمته في تشكيل الحكومة، وأن الأمر كله لا يعدو كونه تحدياً لإرادة الشارع العراقي، بنزع أي ثقة عن النظام الحاكم، لكسب الوقت، من أجل إنضاج مشروع الإبقاء على الحكومة الحالية المستقيلة بقيادة عادل عبد المهدي. وبحسب المحللين، تكتسب فكرة ترشيح مصطفى الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء، المزيد من الأهمية، بسبب السجال العلني الذي يخوضه ضد أخطر ميليشيا عراقية شكلتها إيران، التي تتهمه بالوقوف وراء عملية اغتيال قائد «فيلق القدس» التابع لـ «الحرس الثوري الإيراني» قاسم سليماني. ووصفت تقارير عدة تكليف الكاظمي بأنه «حبل النجاة الأخير» للكتل السياسية التي ماطلت كثيراً في تنصيب مكلفين قبله، وهو ما أوصل الأوضاع إلى حالة من الاستعصاء السياسي، المتزامن مع أزمات محلية ودولية خانقة بلا حكومة دائمة تحل محل تصريف الأعمال التي يديرها المستقيل عادل عبد المهدي. ووفقاً لمراقبين، فإن صعود شعبية عدنان الزرفي في أوساط النواب، أقلق زعماءَ الكتل الكبيرة من إمكان تمرد ممثليهم في البرلمان، وجنوحهم نحو صفقة ما تدفع بالمكلف السابق إلى المنصب التنفيذي الأول في العراق، ولذلك سارعوا إلى تشجيع الكاظمي على الصعود، مستغلين مقبوليته في أوساط عدة، «بعدما رفعت إيران يدها عن ملف تشكيل الحكومة، إثر تلويح الولايات المتحدة بتصعيد إضافي ضدها». ويرى المحلل ساهر عبد الله، أن هناك شبه اتفاق، خلف الكواليس، بين طهران وواشنطن، ترفع إيران بموجبه يدها عن العراق «بشكل تدريجي»، مقابل خفض أمريكي للعقوبات، التي باتت تهدد وجود النظام الإيراني. وبحسب المحلل السياسي محمد صباح، فإنه بالرغم من التشابه الكبير بين برنامجي، الزرفي والكاظمي، بالعمل على تشكيل حكومة تضع تطلعات العراقيين ومطالبهم في مقدمة أولوياتها، وتصون سيادة الوطن وتحفظ الحقوق، وتعمل على حل الأزمات، وتدفع عجلة الاقتصاد، فلا يمكن لأحد من الكتل السياسية أن ينكر أن أساس كل ما يحدث من حراك، هو نتاج البداية القوية الكاسحة لاحتجاجات أكتوبر 2019. طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :