الخرطوم - (أ ف ب): لا يزال السودان يبحث عن مخرج لأزماته وخصوصا الاقتصادية بعد عام من سقوط الرئيس عمر البشير إثر تظاهرات شعبية استمرت أربعة أشهر. وبعد ثلاثة عقود حكم فيها البلاد بيد من حديد، أطاح الجيش السوداني في 11 ابريل 2019 بالبشير (76 عاما)، مستجيبا لمطالب السودانيين الغاضبين الذين نزلوا إلى الشوارع واعتصموا أمام مقر قيادة الجيش مطالبين برحيله. وتم توقيف البشير وإيداعه سجن كوبر في الخرطوم. وفي ديسمبر الماضي، صدر حكم بحبسه عامين بعد إدانته بالفساد. ومنذ أغسطس الماضي، يتولى مجلس سيادي انتقالي يضم عسكريين ومدنيين مقاليد الحكم في البلاد. ولكن الأوضاع لا تزال هشة فالاقتصاد ضعيف للغاية وهو مهدد بالانهيار ما قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية جديدة. واندلعت التظاهرات ضد نظام البشير في ديسمبر 2018 بعد قرار حكومي برفع سعر الخبز ثلاثة أضعاف قيمته. وأعلنت السلطات السودانية الأربعاء زيادة طفيفة على أسعار الخبز في العاصمة الخرطوم من جنيه واحد لقطعة الخبز وزن 45-50 غراما إلى جنيهين لقطعة الخبز وزن 80-90 غراما. ويقول مجدي الجزولي من معهد ريفت فالي للأبحاث ومقره ألمانيا، إن «التحدي الرئيسي الذي يواجه الفترة الانتقالية هي مجموعة العوامل المتشابكة نفسها التي تسببت في سقوط حكم البشير». وتشمل هذه العوامل «إعادة هيكلة النظام السياسي.. الأزمة الاقتصادية الخانقة والكلفة المتزايدة للحفاظ على السلم الاجتماعي».وتشكلت في أغسطس حكومة تكنوقراط في إطار اتفاق لتقاسم السلطة بين العسكريين الذين تولوا السلطة بعد سقوط البشير وقادة التظاهرات الشعبية. ويقع على عاتق هذه الحكومة التي يترأسها الخبير الاقتصادي عبدالله حمدوك إدارة أمور البلاد خلال فترة انتقالية مدتها ثلاث سنوات، وبالتالي مواجهة العديد من المشكلات الموروثة من عهد البشير. ومن بين تلك التحديات ارتفاع التضخم والديون الحكومية الضخمة والجهود اللازمة للتوصل إلى سلام مع حركات التمرد. وإضافة إلى المعاناة الطويلة من العقوبات الأمريكية، تلقى الاقتصاد السوداني ضربة كبيرة في العام 2011 عندما استقل جنوب السودان عنه، ومعه حقول النفط التي تقع داخل أراضيه وكانت تشكل 70 في المئة من إنتاج النفط السوداني. وفي 2017 أعلنت الولايات المتحدة إنهاء العقوبات الاقتصادية التي فرضتها على السودان لمدة 20 عاما، ولكنها أبقته على لائحة الدول الداعمة للإرهاب، ما يحرم البلاد من الاستثمارات الخارجية. وتأمل حكومة حمدوك الآن أن يسهم قرار الولايات المتحدة في مارس برفع العقوبات المفروضة على 157 شركة سودانية، في جذب هذه الاستثمارات. غير أن المستقبل ما زال ضبابيا. ويشكو السكان من انقطاع الكهرباء كثيرا وغالبيتهم لا يزالون ينتظرون في طوابير لساعات كي يتمكنوا من تزويد سياراتهم بالوقود والحصول على الخبز. ويعتقد جوناس هورنر من مجموعة الأزمات الدولية أن «تعافي الاقتصاد في السودان سيكون عبر مسيرة طويلة، وسيتطلب الدعم المستمر والمنسق والمدروس من المانحين التقليديين مثل الاتحاد الأوروبي وبريطانيا واليابان والولايات المتحدة وكذلك دول الخليج».
مشاركة :