يعرّف تليف الكبد: بأنه تراكم بروتينات النسيج خارج الخلية بما فيها الكولاجين؛ وذلك بسبب تحطيم هذه البروتينات، وزيادة تصنيعها في نفس الوقت، وهو ما يحدث في معظم أمراض الكبد المزمنة.ويحاول الكبد استعادة خلاياه؛ للعمل عقب كل مرة يتضرر فيها؛ وذلك سواء بمرض أو نتيجة الإفراط في المشروبات الكحولية أو لأي سبب آخر.يتفاقم التليف مع استمرار عملية الإصلاح؛ حيث يتكون الندب ويزيد بكثرة، مع صعوبة قيام الكبد بوظائفه، كما أن الحالات المتقدمة تهدد الحياة.ويجب الانتباه إلى أن الضرر الحادث بسبب التليف لا يمكن أن يشفى، إلا أن التشخيص المبكر وعلاج السبب يمكن أن يقلل من انتشاره.ونتناول في هذا الموضوع مرض تليف الكبد بكل تفاصيله، مع بيان العوامل والأسباب التي تؤدي إلى هذه المشكلة، وكذلك أعراضها وطرق الوقاية والعلاج الممكنة والحديثة.وظائف ضروريةيقوم الكبد بأداء عدد كبير من الوظائف الضرورية والحيوية، حتى يبقى الشخص على قيد الحياة، وتشمل هذه الوظائف إنتاج العديد من المواد المهمة، كعصارة المرارة، والتي تساعد على هضم الطعام، وينتج كذلك المواد التي تخثر الدم، وتساعد على إيقاف النزيف.وينظم الكبد ويوازن تركيز مستويات السكر والبروتين والدهن في الدم، كما يخزن الفيتامينات والمعادن المهمة بما فيها الحديد، وينقي الدم من السموم.ويحل النسيج المتليف مكان الآخر السليم عند الإصابة بالتليف، وهو ما يعيق الكبد عن القيام بوظائفه بصورة طبيعية.ويمكن أن يسبب التندب في ارتفاع ضغط الدم في الأوردة التي تنقل الدم للكبد من الأمعاء، وهو ما يعرف بفرط ضغط الدم البابي، وتؤدي كذلك هذه الحالة إلى نزيف حاد وخطر في الجهاز الهضمي، إضافة إلى مشاكل أخرى خطرة. التهاب مزمن تتعدد الأسباب والأمراض التي تؤدي إلى الإصابة بتليف الكبد، ومن ذلك الإصابة بأحد أنواع التهاب الكبد المزمن، بي وسي ودي.ويؤدي إلى هذه الحالة تراكم الدهون في الكبد، وهو ما يعرف بالكبد الدهني غير الكحولي، وأيضاً الإصابة بداء ترسب الأصبغة الدموية؛ حيث يتراكم الحديد في الجسم.ويتسبب داء ويلسون في تليف الكبد؛ بسبب تراكم النحاس فيه، وأيضاً الإصابة بالتليف الكيسي، ورتق القناة الصفراوية.وترجع الإصابة بهذه الحالة في بعض الأحيان إلى وجود اضطرابات وراثية في الجسم، مثل أيض السكر، وكذلك لو كان هناك اضطرابات هضم جينية. القنوات الصفراوية يمكن أن يكون سبب التليف، أمراض الكبد التي تنشأ من الجهاز المناعي، كما أن أمراض القنوات الصفراوية تلعب دوراً، كالتهاب الأقنية الصفراوية الأولى والتشمع الصفراوي، وأحياناً يكون نتيجة بعض الأدوية أو الإفراط في شرب المشروبات الكحولية، والتي تعد من ضمن عوامل الخطر.وتلعب بعض العوامل دوراً في الإصابة بهذه الحالة كالوزن الزائد؛ لأن السمنة بصفة عامة تزيد من فرصة أمراض الكبد، التي تتسبب في التليف كالكبد الدهني.ويزيد خطر الإصابة بالتليف للمصابين بالتهاب الكبدي الفيروسي؛ وذلك على الرغم من أن الالتهاب المزمن لا يؤدي لتليف الكبد. الإرهاق والنزيف تظهر أعراض تليف الكبد في الغأغلب بعد تضرره بشكل كبير؛ لأنه مع بداية الإصابة لا توجد أي علامات، ويعاني المريض في هذه الحالة الإرهاق ويصاب بالتكدم أو النزيف بسهولة.ويفقد شهيته للطعام، وهو ما يترتب عليه فقدان الوزن، ويصاب بالغثيان، مع تورم الساقين أو القدمين أو الكاحلين، كما يصاب بحكة في الجلد.ويكون لون الجلد والعينين أصفر، وهو ما يعرف باليرقان، مع تجمع السوائل في تجويف البطن، الاستسقاء، وتصاب راحتا اليد بالاحمرار، وتشبه الأوعية الدموية على جلد المصاب العنكبوت.ويصاب أيضاً مريض تليف الكبد من الاعتلال الدماغي الكبدي، وهو ما يؤدي إلى ثقل اللسان والنعاس والتشوش.وتشكو النساء المصابة بهذه الحالة من عدم انتظام الحيض أو انقطاعه، وبالنسبة للرجال فربما يصابون بتضخم الثدي. فرط ضغط البابي يمكن أن يتسبب تليف الكبد في بعض المضاعفات، والتي تشمل فرط ضغط الدم البابي؛ حيث يتدفق الدم الطبيعي من الكبد ببطء نتيجة التليف، وبالتالي يزداد الضغط في الوريد الذي يجلب الدم من الأمعاء والطحال إلى الكبد.ويتسبب زيادة الضغط في الوريد البابي في العديد من المشاكل، فيؤدي إلى تجمع السوائل في الساقين والبطن، وذمة واستسقاء.ويمكن أن يكون سبب الوذمة والاستسقاء عدم قدرة الكبد على تصنيع ما يكفي من بعض البروتينات في الدم، كالألبومين.ويؤدي كذلك إلى تورم الطحال، وحصر الصفائح الدموية وخلايا الدم البيضاء، وربما كان هذا الأمر أول علامات الإصابة بالتليف، كما أنه أحياناً يتسبب في إعادة توجيه الدم للأوردة الأصغر، وبالتالي يؤدي إلى انفجارها، وحدوث نزيف خطر. دوالي المريء يحدث في بعض الحالات تضخم أوردة المريء أو المعدة، وهو ما يعرف باسم دوالي المريء أو دوالي المعدة، ومن الممكن أن يسبب نزيفاً قاتلاً، وربما ساهم عجز الكبد عن تصنيع كمية كافية من عوامل تجلط الدم في استمرار النزيف.وتشمل المضاعفات التي يتعرض لها المصاب بتليف الكبد: صعوبة مكافحة الجسم للعدوى، كما أن الاستسقاء يتسبب في التهاب الصفاق الجرثومي، وهي عدوى خطرة.ويجعل التليف معالجة بعض الأغذية في بعض الحالات صعبة، وهو السبب وراء شعور المصاب بالضعف وكذلك فقدان الوزن.ويكون المصاب بتليف الكبد عرضة لتراكم السموم في المخ؛ لأن الكبد لا يتمكن من تنقية الدم من السموم، وتعرف هذه الحالة باعتلال الدماغ الكبدي، وبالتالي تتراكم في المخ مسببة التشوش الذهني وضعف التركيز، وتتطور هذه الحالة بمرور الوقت إلى الغيبوبة.ويصاب البعض بسبب التليف بأمراض العظام؛ حيث تفقد قوتها وتصبح عرضة بشكل أكبر للكسر، كما أن هناك نسبة كبيرة من المصابين بتليف الكبد عرضة للإصابة بالسرطان. اختبار الدم يتم اكتشاف الإصابة بتليف الكبد في الأغلب من خلال إجراء فحص دوري أو اختبار الدم؛ وذلك لأن المراحل الأولى للمرض لا يكون لها أية أعراض واضحة.ويطلب الطبيب المعالج مجموعة من التحاليل والاختبارات، وتبدأ بتحليل دم؛ للبحث عن أية علامات على اضطراب وظائف الكبد، كارتفاع نسبة البليروبين، أو بعض الأنزيمات، ويتمكن من خلال نتائج هذا التحليل في معرفة السبب وراء التليف، كما أنه يساعد في تحديد مدى الإصابة.ويخضع المصاب كذلك لفحص فيروسات الكبد الوبائي، ومن الممكن أن يأخذ الطبيب خزعة من الأنسجة؛ لتحديد مدى فشل الكبد، وإن كان لا يلجأ لهذا الإجراء كثيراً.ويحتاج المصاب بهذه الحالة إلى إجراء تحاليل دورية؛ لمراقبة علامات التليف ومدى تطوره، وهل هناك مضاعفات بسببه؟، وبالذات دوالي المريء وسرطان الكبد. التحكم في التندب يهدف علاج المصابين إلى التحكم في تندب نسيج الكبد، والوقاية من مضاعفات التليف أو علاجها؛ من خلال علاج الأمراض المزمنة.ويمكن أن يقلل العلاج الأولي للتليف في تقليل الضرر إلى أقل حد، وتشمل الخيارات إلى تقليل الوزن؛ وذلك لأنه يساعد في التحكم في مستويات السكر في الدم للمصابين بتليف الكبد الدهني.وتساعد الأدوية في الحد من تليف خلايا الكبد، الذي يكون بسبب التهاب الكبد بي أو سي، كما أن هناك أنواعاً تبطئ من التليف،؛ وذلك للمصابين بتليف الكبد الصفراوي الأولي.ويمكن أن تساعد أدوية أخرى في تخفيف بعض الأعراض، كالحكة والإرهاق والألم، كما أن الطبيب ربما يصف بعض المكملات؛ لعلاج سوء التغذية. علاج المضاعفات يعمل الطبيب على علاج أي مضاعفات؛ بسبب تليف الكبد، ومن ذلك زيادة السوائل في الجسم، وربما ساعد اتباع نظام غذائي منخفض الصوديوم، وأدوية منع تراكم السوائل، في السيطرة على الانتفاخ والاستسقاء، ومن الممكن أن يحتاج الأمر إلى إجراءات لتصريف السائل أو جراحة لتخفيف الضغط.وتتحكم بعض أدوية ضغط الدم في ارتفاع الضغط في الأوردة التي تغذي الكبد، وتمنع حدوث النزيف الشديد، كما يقوم بإجراء تنظير داخلي علوي على فترات منتظمة؛ بهدف البحث عن الأوردة المتضخمة في المريء أو المعدة، والتي من الممكن أن تنزف. زراعة الكبد يحتاج من يعاني الدوالي إلى دواء يقلل خطر النزيف، ومن المحتمل أن يحتاج المصاب بهذه الحالة إلى إجراء ربط الدوالي؛ لإيقاف النزيف أو تقليل خطر حدوثه في المستقبل.ويمكن أن يصف الطبيب للمصاب بالعدوى مضادات حيوية؛ للتخلص منها، كما يوصي بالتطعيمات ضد الإنفلونزا والتهاب الرئة والكبد، وكذلك في حالة المعاناة من تراكم السموم يتم وصف أدوية؛ للمساعدة في تقليله.ويجب على المريض إجراء فحوص دورية للدم، وبالموجات فوق الصوتية؛ بهدف البحث عن علامات الإصابة بسرطان الكبد.ويبقى خيار زراعة كبد بالنسبة للمراحل المتقدمة من التليف، وكذلك عند توقفه عن القيام بوظيفته، ويتم الاستعاضة عن الكبد بآخر سليم من متبرع متوفى، أو جزء من كبد متبرع حي. إجراءات مساعدة تساعد بعض الإجراءات في الحد من تليف الكبد، من ذلك التقليل من الملح في الطعام؛ لأن زيادته تساعد الجسم على الاحتفاظ بالسوائل، وزيادة تورم البطن والساقين، ويمكن استخدام الأعشاب بدلاً من الملح، أو اختيار الأغذية منخفضة الملح.ويجب على المصابين بالتليف اتباع نظام غذائي صحي؛ لأنهم يعانون سوء التغذية، ويجب أن يعتمدوا في الغذاء على النباتات (الفواكه والخضراوات)، والبروتين الخالي من الدهون كالأسماك والدواجن والبقوليات.وينبغي تجنب الإصابة بالعدوى؛ لأن تليف الكبد يجعل مكافحة العدوى صعبة، مع الحصول على لقاحات التهاب الكبد الفيروسي.
مشاركة :