انتهت دراسة حديثة لمركز «تريندز» للبحوث والاستشارات في العاصمة الإماراتية أبوظبي، تحت عنوان «جماعة الإخوان المسلمين.. ظروف النشأة والتأسيس» إلى أن جماعة الإخوان المسلمين ظهرت ونشأت في ظروف خاصة من تاريخ مصر والمنطقة الإسلامية تميزت بهيمنة أجنبية بريطانية، تحديداً على مصر والمنطقة العربية الإسلامية. كما ساعد سقوط المرجعية السياسية والرمزية الإسلامية، المتمثلة في الخلافة العثمانية، على ظهور الجماعة التي ظهرت في ظل صراع فكري وسياسي بين تيارات سياسية متباعدة الرؤى والأيديولوجيا. ورأت الدراسة أن خطر فكر جماعة الإخوان المسلمين يتمثل في فرضها لنموذج سياسي ديني لا يسمح بالاختلاف وبالحريات السياسية، وفرضه رقابة اجتماعية غير متسامحة، ونوع تدين غريب على المجتمع. وخلصت الدراسة، التي أعدها الباحث والكاتب الإماراتي محمد خلفان الصوافي، إلى أن جماعة الإخوان المسلمين، وحركات الإسلام السياسي بوجه عام، تستغل أي أوضاع اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو ثقافية في التمدد والانتشار في المجتمع، وتوظفها بما يخدم مشروعها السياسي بالأساس، الذي يستهدف الوصول إلى السلطة، حتى لو كان ذلك على حساب الدولة الوطنية، وتدمير مقوماتها الرئيسية. كما تشير الدراسة إلى أن التطور التاريخي لجماعة الإخوان المسلمين، وعقيدتها الأيديولوجية، وجميع هياكلها التنظيمية توضح وتؤكد أن الجماعة حركة شمولية/ دكتاتورية سياسياً، بقدر ما هي متطرفة دينياً. وتؤكد الدراسة أن الفكرة القائلة، إن جماعة الإخوان المسلمين يمكن أن تكون قوة لدعم التعددية والانفتاح السياسي إذا تمت معالجة «الأسباب الجوهرية» التي دفعت جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الأخرى إلى التطرف، تتناقض تماماً مع التاريخ العنيف للجماعة، ولجوئها المتكرر للإرهاب. والحقيقة التي لا يمكن إنكارها، هي أن جماعة الإخوان المسلمين قد فرّخت عدداً لا يُحصى من الجماعات الإرهابية التي تواصل حالياً جلب المصائب والآلام لمصر والمنطقة بأسرها. أنموذج متطرف وترى الدراسة أن الإخوان المسلمين يستمدون أعرافهم ومبادئهم العقائدية من النموذج السياسي المتطرف الذي تبنّاه الخوارج. كما أنهم، من الناحية التنظيمية، لا يختلفون عن التنظيمات الاستبدادية المشابهة التي ظهرت تحت رايات الفاشية والنازية والشيوعية. علاوة على ما سبق، تقول الدراسة إن الانتشار العالمي لجماعة الإخوان المسلمين أعطاها القدرة على البقاء من خلال التكيف والتأقلم مع المعطيات السياسية السائدة؛ ففي مصر استطاعت انتهاز الفرص للنمو وتوسيع قاعدة انتشارها لتكون تنظيماً اجتماعياً ليبرالياً في الجانب الاقتصادي، في الوقت الذي لم تعلن الجماعة، مطلقاً، إدانتها للعنف أو للجهاد في خطابها أو أعمالها. وبحسب الدراسة، فإنه وعلى الرغم من الانفتاح السياسي الذي حدث خلال انتفاضات عام 2011 في مصر والمنطقة – حيث استغلت جماعة الإخوان المسلمين الانتفاضات بذكاء للوصول إلى قمة السلطة السياسية في البلاد – فإنها ظلت حركة دون إصلاح، ودون إعادة تنظيم هيكلها، ودون ندم على ما فعلت، وغير قادرة على المشاركة في نمط الإصلاح والتحليل والنقد الذاتي الضروري للتكيف مع متطلبات التحولات السياسية الديمقراطية. وذكرت الدراسة أنه وفي غمرة الانتشار الكبير للدراسات والكتب التي تتحدث عن الجماعات المتطرفة في مختلف أنحاء العالم، منذ اندلاع ما يسمى بــــ«الربيع العربي»، كثر الحديث عن جماعة «الإخوان المسلمين» التي صنفتها معظم دول العالم جماعة الإرهابية؛ لما تشكله من تهديد خطير على مستقبل الدول وأنظمتها. وأكدت الدراسة أنه وعلى الرغم من كم الكتابات الأكاديمية والصحافية الهائل حول موضوع جماعات الإسلام السياسي، فإنه لا يُعرف سوى القليل عن الظروف التي نشأت فيها الحركات الإسلامية والبيئة المحلية التي سهلت وتُسهل انتشارها. وبحكم تشابه ظروف نشأة الحركات الإسلامية في العالمين العربي والإسلامي، فإن الدراسة توصي بمعالجة جذور ظاهرة الإسلام السياسي من خلال تحقيق التنمية الاقتصادية والتوزيع العادل لثمارها، وإقامة نظام تعليمي حديث وفعال، ونشر قيم وممارسات تحث على العمل والتسامح، وإتاحة مجالات للنقاش وممارسة الحريات الأساسية، بالإضافة إلى ضرورة ترشيد الخطاب الديني. كشف الستار تَكمن أهمية الدراسة، التي تتألف من مقدمة وخمسة فصول وخاتمة، في بيان ورفع الستار عن الطرق التي تتخذها جماعة الإخوان المسلمين في إقناع فئات واسعة من المجتمعات العربية والإسلامية بأفكارها وأيديولوجيتها والوسائل التي تستخدمها لبث جذورها في المجتمعات، وطرق تجنيدها وتعبئتها للفئات الاجتماعية المختلفة لخدمة مشروعها السياسي. كما حرصت الدراسة على اقتفاء أثر الطرق التي تنسج بها هذ الجماعات وتبني امتداداتها العالمية في المجتمعات غير الإسلامية. ورأت الدراسة أن خطر فكر جماعة الإخوان المسلمين يتمثل في فرضها لنموذج سياسي ديني لا يسمح بالاختلاف وبالحريات السياسية، وفرضه رقابة اجتماعية غير متسامحة، ونوع تدين غريب على المجتمع.
مشاركة :