اكتشفت رسميا، أول حالة إصابة بفيروس كورونا، في إيران، بتاريخ 19 فبراير الماضي، لتنتقل في أقل من أسبوع إلى واحدة من أكبر دول الشرق الأوسط تضررا من الوباء. أمام شكوك حول صحة أرقام الإصابات المعلنة لديها، بعد إشراف الحرس الثوري على إحصاء المصابين في المستشفيات. لكن في الدفة أخرى، يرى مراقبون للشأن الإيراني ان البلد سارع إلى إنقاذ اقتصاده من "سكتة قلبية" جراء الأزمة الصحية لوباء كورونا، أكثر من سرعته لاتخاذ إجراءات حازمة تحد من تفشي الوباء إلى كل المحافظات الإيرانية. ويرى آخرون، ان البنية الاقتصادية "غير المنتظمة" في البلد، تجعل أكثر من ثلث الأسر الإيرانية يخرجون للعمل خارج البيت. وبالتالي ازدياد مخاطر استمرار تفشي العدوى. جوناثان بيرون، محلل سياسي ومستشار لدى مركز "إيتوبيا"، يرى في حديث لصحيفة "لاكغوا" الفرنسية، إن إدارة الأزمة الصحية في إيران كانت "فوضوية وغير منتظمة"، حيث كانت أولوية النظام والحكومة عي إنقاذ الوضع الاقتصادي للبلد من الانهيار الوشيك، أكثر من وضع قرارات تحد من تفشي الفيروس. وقال الخبير إن النظام الإيراني، تخوف من أزمة اقتصادية واجتماعية حادة، أكثر من توجسه من تفشي الوباء، الأمر الذي جعل الفيروس يضرب كل المحافظات، حيث بدت كل القرارات عقب ذلك متأخرة. وأضاف: "لم تكن هناك بالفعل سياسة صحية واضحة للحد من انتشار الفيروس، بقدر ما كانت الحكومة الإيرانية منكبة على تنفيذ استراتيجية استمرار الحياة الاقتصادية في ظل الأزمة". وما تزال الحكومة الإيرانية حتى اليوم منكبة على العمل لعودة الحياة الاقتصادية، رغم استمرار حالات العدوى، إذ أعلن الرئيس، حسن روحاني، الأربعاء، إعادة فتح الشركات ابتداء من يوم السبت 11 أبريل في طهران. وإزاء ذلك، يرى تييري كوفيل، الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (IRIS)، ان الاقتصاد الإيراني يعاني من صعوبات اقتصادية كبيرة، ومن تضخم بنسبة 40 في المائة. وأشار إلى إن اغلاق الشركات والمصانع التي أعلن عنها مضطرا النظام الإيراني، بسبب الأزمة، لن يسمح باستمرارها لمدة أطول، نظرا للحالة الاقتصادية الخانقة التي يعيشيها منذ قبل الوباء. وأفاد ان انخفاض الأسعار الدولية للنفط والعقوبات الأميركية على النفط الإيراني الذي يمثل 40 في المائة من عائدات الدولة، كلها أسباب كانت قبل الوباء بمثابة ضربة قاضية لاقتصاد البلد. وبالتالي، بحسب الخبير، فلن يطاوع النظام الإيراني سياسات الإغلاق المفروضة بحكم تفشي الفيروس، بل سيعمد إلى تجاوزها رغم المخاطر الصحية من عودة الفيروس إلى الانتشار. وتخشى الحكومة الإيرانية، من أزمة اجتماعية إذا تفاقم الوضع الاقتصادي أكثر، وهنا تقول الأستاذة الجامعية في الاقتصاد، مهناز شيرالي "إن سياسات الإغلاق الاقتصادي، يمكن ان تنجح بشكل كبير في الدول الأوروبية والغربية والمنظمة اقتصاديا، حيث يسهل على الموظفين العمل من البيوت، لكن هذا الأمر يصعب في إيران". وفسرت ذلك الخبيرة، بأن "أكثر من 35 في المائة من الاقتصاد الإيراني الحالي، هو غير منظم، أي لا يمكن لصاحبه العيش دون أن يخرج من البيت". وتشير الخبيرة الاقتصادية، ذات الأصول الإيرانية وتعيش في فرنسا، إلى أن جملة شهيرة لدى الإيرانيين، تدور هذه الأيام على مواقع التواصل الاجتماعي، تقول :"إذا بقينا في المنزل نموت جوعا، وإذا خرجنا، فإننا نموت من فيروس كورونا".
مشاركة :