«تغول» سوق السندات فسارع الاحتياطي الفيدرالي لكبحه (1ـ 2)

  • 4/14/2020
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

ليز كابو ماكورميك* حذّر المستثمرون على مدى سنوات من المخاطر الكامنة في تداول سندات الخزانة. فقد كانت عمليات العرض والطلب وفيرة دائماً، وتحولت المخاوف فجأة إلى كابوس عندما تراجعت قدرتهم على تداول سندات الخزانة إلى أدنى مستوياتها منذ 2008. في منتصف فبراير/شباط الماضي تراجع تداول سندات الخزانة الأمريكية التي تعتبر أهم الأصول في النظام المالي العالمي بشكل متسارع، ما أجبر الاحتياطي الفيدرالي على قرع أجراس الإنذار فوراً. فقد هوت معدلات العائد على السندات القياسية بسرعة فائقة أفقدتها نقطة مئوية كاملة خلال خمسة عشر يوماً حتى أوائل مارس/آذار. وسارع المستثمرون إلى بيع سندات الخزانة القديمة، وهي الأوراق المالية الصادرة قبل موجة الإصدارات الأخيرة، والتي تم تسعيرها بمعدلات عائد قياسية. ومع اختفاء السيولة ازدادت حدة التذبذبات، ما أجبر المتداولين على زيادة حجم المضاربات والتداول على المكشوف إلى مستويات لم يسبق لهم أن لجأوا إليها. وفي حين أن الجولات السابقة من شراء السندات الفيدرالية كانت تهدف إلى تحفيز الاقتصاد، فإن الدافع وراء عمليات الشراء هذه المرة كان الحاجة الملحة لإصلاح هذا السوق الحرج الذي وجد نفسه فجأة وسط حالة من الفوضى. لقد كانت عملياً مسألة وجود بالنسبة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي. وبدون سوق سندات خزانة معافى تصاب قدرة البنك المركزي على تنفيذ السياسة النقدية بالشلل. وقد حذر المستثمرون على مدى سنوات من المخاطر الكامنة في تداول سندات الخزانة. فقد كانت عمليات العرض والطلب وفيرة دائماً، إلا عندما تكون في أشد الحاجة إليها. وتحولت تلك المخاوف التي تشغل بال كثيرين فجأة إلى كابوس حقيقي عندما تراجعت قدرتهم على تداول سندات الخزانة إلى أدنى مستوياتها منذ عام 2008، ولم تعد تلك الأوراق المالية تنفع كملاذ آمن وأداة تحوط. وسرعان ما لفت الاضطراب انتباه كافة الأطراف في البنك المركزي، بدءاً من مكتب عمليات السوق المفتوح في نيويورك، ورئيسه المخضرم لوري لوجان، إلى محافظ بنك واشنطن ورئيس المجلس جيروم باول نفسه. وجاء في محضر اجتماع لجنة الأسواق المفتوحة التابعة للمجلس، الذي عقد في 15 مارس: «بعد عدة أيام متتالية من الظروف المتدهورة في سوق سندات الخزانة، اشتكى المتداولون في السوق من انخفاض حاد في السيولة. ومن الصعب على كبار المتداولين صناعة السوق في شريحة السندات القديمة الصادرة قبل موجة الإصدارات الأحدث، حيث أكد هؤلاء أن هذا القسم من سوق السندات لا يعمل كما ينبغي». لم يكن الاحتياطي الفيدرالي، وكذلك المستثمرون، غافلين عن المخاطر التي تتفاقم في السوق، خاصة منذ 15 أكتوبر 2014، عندما اضطربت سندات الخزانة دون أي سبب واضح. وتذرع باحثو الاحتياطي الفيدرالي عام 2015 بالمشكلات المتعلقة بضخ السيولة المتزايدة من قبل الجهات الفاعلة في السوق، مثل الشركات التجارية الرئيسية، وصناديق التحوط التي يدير كثير منها استراتيجيات مدروسة سريعة الحركة. هذه المرة، كان أداء السوق مهدداً بصدمة اقتصادية لا مثيل لها في التاريخ الحديث. وقد نشأ عن ذلك مستوى غير مسبوق من عدم اليقين بشأن مسار السياسة المالية وتوقعات التضخم التي تعتبر بالغة الأهمية في عمليات تسعير السندات. وتابع مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي بكل دقة، الأسواق التي تضررت بفعل خفض المديونية والمبيعات على نطاق واسع في مختلف أنواع الأصول. وأظهرت التدفقات الضخمة على الصناديق الحكومية في أسواق المال، أن المستثمرين كانوا يفرون إلى ملاذات النقد والأوعية الشبيهة به. جزء من الرافعة المالية تلاشى وسط موجة «التداولات الأساسية» الشائعة التي تستخدمها صناديق التحوط، والتي عادة ما تكون استراتيجية منخفضة التكلفة نسبياً لجني الأموال التي تراهن على الفرق بين أسعار سندات الخزانة وأسعار العقود الآجلة. وشكلت الصعوبات في تداول سندات الخزانة القديمة، نقطة محورية رئيسية أخرى، حيث تشكل هذه الأوراق المالية حوالي 90% من سوق حجمه 17 تريليون دولار. وتابع مراقبو الأسواق في الاحتياطي الفيدرالي مؤشر «موف» المشترك بين «أي سي إي»، و«بانك أوف أمريكا»، وهو مقياس تذبذب يعتمد الخيارات الضمنية في سندات الخزانة، حيث ارتفع إلى المستويات التي شوهدت آخر مرة في أعقاب الأزمة المالية العالمية منذ أكثر من عقد من الزمان. * بلومبيرج

مشاركة :