عندما نتداخل مع العفوية والمرونة ونجرب الشعور الذي ينعكس على علاقاتنا مع الآخرين ومع أنفسنا جراء تطبيقهما، ندرك مدى القبول الواعي في علاقاتنا الشخصية الذي يعكس نضجنا النفسي والاجتماعي والعاطفي.. لقد وصلت في حياتي الاجتماعية إلى قناعة بأن العفوية والمرونة الاجتماعية بمثابة البوصلة التي تقود إلى العلاقات الاجتماعية الناضجة والواعية. واليوم أصبحت فلسفة حياة بالنسبة لي، وشكلت نمط حياتي الشخصية، ومكنتني من القدرة على الابتهاج ورؤية الأفضل فما كنت أحتاجه حقًا في فترة سابقة من حياتي القدرة على إدارة مشاعري وأفكاري بعفوية ومرونة وبساطة تجاه الآخرين وتجاه المواقف المختلفة. لقد اعتدت بين حين وآخر على إعادة قراءة قيمي وصفاتي الفردية ومراجعة ما ينسجم منها مع مجريات حياتي إذ إن كثيرًا من الصفات الفردية التي تمثلتها في حياتي لم تكن خيارًا لي بقدر ما كانت انبهارًا وتقليدًا ومحاكاة غير ذكية.. واليوم أريد أن أحرر نفسي من تلك الخيارات غير الفاعلة وأرفعها إلى مستوى الوعي الحضاري. كانت العفوية والمرونة الصفتان اللتان لفتتا انتباهي في المجتمع الأميركي أيام وجودي في الولايات المتحدة الأميركية، لقد كانتا مزيجًا مدهشًا من العلاقات الإنسانية المثالية وتلك كانت في نظري روح الحياة وهذا ربما يعطي فكرة دقيقة عن طبيعة البيئة الاجتماعية الأميركية. يقول د. هنري كيسنجر في كتابه سنوات التجديد: "لا يوجد مكان تجد فيه العلاقات الشخصية عفوية كالولايات المتحدة الأميركية".. لقد أوضحت الإحصاءات أن نسبة 80 % من المجتمع الأميركي أكثر ميلًا إلى المرونة والعفوية. يذكر المؤلف أنتوني روبنز أنه في إحدى الحلقات الدراسية التي كان يعقدها لطلابه في الولايات المتحدة الأميركية أنه كان يسأل طلابه عن أي القيم التي تحتل المركز الأول لديهم وبعد لحظات من التفكير يذكر أحد الطلاب التلقائية وطالب آخر العفوية وطالبة التسامح ومن ثم تتالت سلسلة القيم والخيارات. ولذلك فإنه يمكننا أن نملك سلسلة رائعة من القيم والصفات الفردية إذا ما أحسنا اختيارها لتخلق لنا نوعية الحياة التي نريدها.. لقد احتلت المرونة والعفوية مكانًا متقدمًا في قائمة أولوياتي الاجتماعية وعززت نوعية علاقاتي الشخصية. فالمرونة والعفوية تمثلان حالة انسجام وتمازج في توظيف العلاقات الشخصية بألطف الأساليب في إطار الذكاء الوجداني والشفافية والتصالح مع الذات.. فإذا كانت هذه الصفات الفردية الأقرب إلى طبائع البشر فلماذا لا نتمثلها لنعيش الحياة بصورة أفضل. إن جوهر الحياة الفاعلة أن نعيش لحظات حياتنا بالسلوكيات الإيجابية التي اخترناها والتي تساعد على ازدياد اندماجنا بالمجتمع.. فالعفوية على حد تعبير أوسكار وايلد فنٌ في حد ذاتها وقد نجد أن تطبيق هذا الفن -رغم أنه الأقرب إلى طبيعة الإنسان- لا يمثل الكثرة لدينا.. ولكن لماذا لا نخضع سلوكياتنا للتجريب؟ ولماذا لا نجرب منهجًا جديدًا في العلاقات الشخصية إن هنالك فرقًا بين أن نجرب أسلوبًا جديدًا أو نكتسب معلومة جديدة؟ فالتجربة تضيف بعدًا جديدًا ووعيًا جديدًا وتأخذنا إلى آفاق اللطف ولحظات الوعي. فعندما نتداخل مع العفوية والمرونة ونجرب الشعور الذي ينعكس على علاقاتنا مع الآخرين ومع أنفسنا جراء تطبيقهما ندرك مدى القبول الواعي في علاقاتنا الشخصية الذي يعكس نضجنا النفسي والاجتماعي والعاطفي. ماذا لو نظرنا إلى الأشياء بطريقة مختلفة وماذا لو كانت هذه الطريقة المختلفة هي الصحيحة إننا عندما نشيّد أسوارًا حول أنفسنا فإننا في هذه الحالة لا نضع للتجارب سلطانًا علينا فالتجارب تكشف لنا المزيد من الحقائق حول أنفسنا وطبيعة حياتنا فالتجارب تقدم لنا الفرص والمتغيرات على نحو لا نهائي ولتكن المرونة والعفوية تجربة جديدة نضيفهما إلى تجاربنا المختلفة فالعفوية تدفعنا إلى الاستمتاع باللحظة الراهنة إنها اللحظة الحاضرة الآن فنحن نعيش في وطن في حالة إمداد دائم يمنح بلا حدود ولا توقف يحفز فينا الوعي والإدراك في الحفاظ على نفسنا والحفاظ على الآخرين وذلك للسماح بالصحة أن تتدفق وبالحياة أن تتدفق، وعندما نعيش بهذه الطريقة سوف نرى الأمل قريباً وبإمكاننا الوصول إليه.
مشاركة :