زوجة: تناقصت شكوكي من زوجي لأنه أصبح أمام عيني طوال الوقتأسرة كانت ماضية في مشروع الطلاق وجاء «كورونا» ليصنع هدنة عودة ابتسامة «الزوج المديون» داخل العائلة ومزاحه بسبب إيقاف استقطاع القروضمع تفشي فيروس كورونا في مختلف دول العالم، تتطلب الإجراءات الاحترازية تجنب أماكن التجمعات، وهو ما يعني قضاء الأزواج وقتًا أطول معًا في البيت، خاصة إذا كان أحدهم يعمل من المنزل بشكل مؤقت.مما لا شك فيه أن البقاء في المنزل لفترة طويلة يولّد الملل والقلق، بالإضافة إلى فرض التواصل المستمر مع شريك الحياة، ما قد يتسبب في حدوث المشاكل الزوجية، لكن يبقى في النهاية هو الملاذ الآمن لتفادي الإصابة بالعدوى من الفيروس الذي يرعب العالم.المشكلة عرضها أطبّاء صينيون خلال فترة الحجر المنزلي هناك، محلّيا تعرّضت كثير من الزيجات لذات المشاكل. إنهم البشر يتشابهون في تعاطيهم مع مشاكلهم مهما تغيّرت جغرافياتهم، إلا أن الباحثة إيمان الفلّة أكّدت أن «كورنا» لم يكن سلبيًا على كل الأزواج وعرضت حالات مختلفة استطاعت التأقلم وإظهار الانسجام وحلّ خلافات كان لايبدو لها حلّاً قبل هذه الأزمة.وحول تجربتها خلال هذه الفترة مع عدد من الأسر البحرينيّة، قالت إيمان الفلة، الباحثة والمدربة الأسرية في مركز بتلكو لرعاية حالات العنف الأسري، إن من بين الحالات التي تقوم بمتابعتها هي حالة لزوج كثير السهر والسفر، وقليل المسؤولية، ويمكن القول إنه منعدم الحب والتجاوب العاطفي، وقد عانت زوجته طوال 7 سنوات معه من المشاكل والهجران والخصام المستمر، كانت تحلم خلالها بأن يمنحها وأبناوهم القليل من الاهتمام.وأضافت الفلة: «كنت أصرّ على السيدة المذكورة في الاستشارة بأن التوازن جميل، إذ يجب ألا يعيش الزوج حالة سهر دائمة دون وضع الأسرة نصب العين، وألا تكون الأسرة وحدها هي شغله الشاغل مما سيسلبه متعة الأشياء التي يحبها وسيؤدي لنفوره من الأسرة».وأوضحت: «جاءت الكورونا لتهب لهذه الأسرة الأمل، إذ أصبح الزوج مُسخَرًا ليلاً ونهارًا لها ولأطفالها، وبعد أسبوعين من الحجر الصحي، تؤكد صاحبة الاستشارة أنها تيقنت بأن لكل زوجين سعيدين حاجة لمساحة وحدود لتكون الحياة متوازنة، إذ إن التلاصق الدائم لا يعني السعادة والبعد المستمر لا يمثل الاستقرار، وتتمنى هذه الحالة أن ترجع حياتها لما كانت عليه، مع بعض التعديلات في أسلوب حياة زوجها وتواجده معها».«كورونا» غيّر مقاييس السعادة.. وخلق جوًّا أسريًا مغايرًاوبينت الفله أن أغلب البيوت توافرت لها الآن بيئة مختلفة مع جو أسري مغاير، بدأت فيه المقاييس للسعادة الأسرية بنظر الزوجات تتغير وتنقلب الأوجاع إلى رضى وراحة بال؛ وذلك بسبب اضطرار الجميع للمكوث في البيت، وقيام الأغلبية بأداء أعمالهم من المنزل.ولفتت إلى أن هناك حالة أخرى كانت بصدد المضي في إجراءات الطلاق بسبب زواج الرجل من امرأة أخرى وتفاقم المشكلات بينهم، إلا أن أزمة كورونا اعترضت طريق الطلاق وعطلت تلك الإجراءات وكانت سببًا في وجود الزوج بشكل شبه دائم في البيت، وهو ما استغلته الزوجة واعتبرته فترة «هدنة» بحسب تعبيرها، اهتمت خلالها بالأنشطة والبرامج الترفيهية مع الأبناء، والطبخ ورعاية الأسرة، واستطاعت بذلك إيجاد الاستقرار للأسرة.زوجي ابتسم من جديد.. اهتمامنا الآن بالطبخ ورعاية الأسرةوتابعت: «لدي أيضًا حالة أخرى تردد دائمًا أنها فقدت ضحكة زوجها ومزاحه منذ شهور طويلة بسبب تراكم الديون عليه وكثرة استقطاعات الكهرباء والإسكان، ولأن البنوك تطالبه وتهدده بالسجن، كما أن الأمور تفاقمت بعد تقاعده، إذ أصبح في حالة بؤس شديد، ولا يتكلم ولا يبتسم إلا نادرًا، وتدهورت حالته الصحية وصار يعاني من ارتفاع ضغط الدم والسكري والصداع المزمن».وبينت أنه «مع الحزمة التي أطلقتها الدولة والإجراءات المرتبطة بوقف القروض وفواتير الكهرباء وغيرها، تنفس زوجي الصعداء وكذلك الأسرة، وأصبحت كورونا بالنسبة لنا (رب ضارة نافعة)».وجوده أمام عيني خفّف شكوكي.. وبقربه أشعر بالأمانوأشارت إلى أن من بين الحالات التي لا يمكن إغفالها: «الزوج الخائن، والذي تعيش زوجته حالة عدم استقرار، والقلق والشك اللامتناهي، والتي تؤكد بأن إجراء الحجر المنزلي وتواجده معها في البيت وأمام عينيها جاء كفرصة لتبديل اسلوب الحياة، إذ إنها أخيرًا استشعرت الأمان ولم تعد تشعر بالغيرة والألم».وعلقت الفلة: «خلال الأسابيع الماضية، كانت هذه أهم الحالات التي التمست منها الإيجابية والاستقرار الأسري الذي ننشده في كل البيوت البحرينية، والواقع الملحوظ أن هذه الحالات كانت تحتاج إلى هذه المساحة لتخلق التغيير وتصل إلى الاستقرار، وقد اختلفت المساحة بين الحالات التي استعرضتها فبعضها أراد القرب، وأخرى كان هاجسها الجانب المالي، في حين أرادت إحداها الشعور بالأمان».وقالت: «المساحة التي أعطتنا إياها تجربة كورونا يجب أن يتم استغلالها بشكل مميز، وعلى الزوجات أن يفهمن أزواجهن والتقرب منهم، من المهم استغلال هذا الظرف الاستثنائي لتحقيق نجاح مستقبلي للحياة الزوجية، وفي المقابل على الزوج أيضًا أن يجتهد في مساعدة زوجته أثناء وجوده الإجباري في البيت، وأن يستثمر وجوده قدر الإمكان للحفاظ على الأسرة والوصول بالعلاقات إلى بر الأمان».تقرأ أيضاً : تأجيل الأقساط و«قعدة البيت» ينعشان سوق المزادات الإلكترونيةآخر الإحصاءات :#قوية ـ بأهلها :
مشاركة :