عندما يبلغ المرء منصباً يفوق قدراته ومؤهلاته تراه يمارس سلوكيات غير متحضرة وغير سوية سعياً لإثبات وجوده وأحقيته بالمنصب، لكن الغالبية العظمى من هؤلاء يخونهم الاسلوب الصحيح لإثبات ذلك فما بالك عن تبوأ الشخص منصباً بشكل غير قانوني بل مخالفاً لقوانين مؤسسته! أحد المدراء بإحدى المؤسسات وصل لمستوى مدير أول لا لكفاءه أو مؤهل أو مهارة مهنية بل لمهارة في فنون حياكة المؤامرات وصنع الخلافات وبث الفرقة والتجسس على الزملاء ثم نقل مايدور في المؤسسة لرئيسه التنفيذي ليحشد وده ورضاه، موهماً رئيسه بموالاته له خلافاً لبقية الزملاء فلما وجد في رئيسه أرضاً خصبة في تقبل ذلك زاد في غيّه وتطورت اساليبه لضرب أركان المؤسسة بالتخلص من أقطابها وموظفيها بتلفيق التهم لهم وتحريض رئيسهم عليهم لإبعادهم عن طريق منافسته على المناصب التنفيذية. وقد كان له ما أراد فأبعد من أبعد وأقيل من أقيل جراء مؤامراته، فما لبث رئيسه أن كافأه بترقيته لمنصب مدير أول حتى صار اضحوكة المؤسسة والعاملين والمتعاملين. وهنا صار يفخر من تعديه على زملائه وموظفيه طاعة لرئيسه حتى خسر كل من حوله، وقد استمر به الحال فترة من الزمن وفي يوم ما قدر الله تبدل الحال فتم تعيين رئيس تنفيذي جديد على رأس المؤسسة فجن جنون ذاك المدير خوفاً على مابناه بالباطل فقد كان يتمتع بإيجازات دون رقيب وكان يشارك في فعاليات خارجية في دول أوروبية وآسيوية وهو لايتقن اللغة الانجليزية بل كان يمثل المؤسسة في مؤتمرات ولا يمتلك أساسيات المشاركة بها حتى أحرج مؤسسته في عدد منها لسوء سلوكه وضعف مستواه. لذا صار يتوجس من فقدان كل ذلك بسبب تعيين رئيس جديد، فقرر أن يظهر له نفس السلوكيات ويوهمه بولائه له وخطورة الآخرين على منصبه كرئيس، الا أن رئيسه كان قد ادرك كل ممارساته السابقة فلم تنطلِ عليه تلك الامور فوضعه في حجمه الطبيعي لاعتبارات المؤهل والقدرة ولم يسمح له بحياكة المؤامرات على الزملاء للصعود على ظهورهم مجدداً بل أسس بيئة عمل تسودها الألفة والعدالة، فما كان من ذاك المدير الا ان أحبط وانهار وفقد عقله من جراء فقدان نفوذه فأصبح يحيك المؤامرات ضد رئيسه التنفيذي وزملائه المتفوقين عليه لتشويه سمعتهم جميعاً. بل الأسوأ انه اصبح يضرب موظفيه ببعضهم ويذم هذا ويعيب ذاك محاولاً تطفيشهم من المؤسسة حيث لمس قدراتهم كشباب في مقابل كهولته وتحفزهم للعمل مقابل احباطه كما رأى الفرص تمنح لهم كشباب من رئيسه لتمثيل المؤسسة والمشاركة بفعالياتها فصار يخشى ان يمكنهم ذاك من أن يكونوا البدلاء له. وقد بلغ الحال بهذا المدير ان صار يحارب موظفيه وزملائه ورئيسه ومجلس ادارته ومؤسسته كلها، فهو لا يؤمن الا بالمكتسبات الشخصية المؤسسية والولاء الشخصي لا المؤسسي وبيئة المؤامرات لا التآلف وقد بلغ به الحال أن صار يفضح نفسه بنفسه ويكشف عداه للجميع حتى صار ممقوتاً من الجميع. ] إيمان إسماعيل
مشاركة :