لم يسلم مصابو فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) من المتنمرين على مواقع التواصل الاجتماعي، فمع انتشار الفيروس حول العالم وتحوله إلى وباء، بدء هؤلاء بالاستهزاء بالمرضى، وتزايدت وتيرة التنمر وازدراء ضحايا الفيروس، والتعامل معهم كما لو أنهم تعمدوا إصابة أنفسهم به، وتالياً تعريض حياتهم وحياة المقربين منهم للخطر. «الإمارات اليوم» رصدت تعليقات ومنشورات وتغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي، أخيراً، تنمر فيها أصحابها على المصابين بالفيروس، وتضمنت منشوراتهم المصورة والمكتوبة تجاوزات لفظية، ونكاتاً تسخر منهم وتتهكم عليهم. ووصلت الحال ببعضهم إلى المطالبة بنفي المصابين بالفيروس إلى أماكن بعيدة منعزلة كلياً، ليواجهوا مصيرهم وحدهم. واقترح آخرون العمل بنظرية «مناعة القطيع»، وترك الفيروس يتفشى بين الناس ليخرج منه من هو قوي، ويترك الضعيف ليموت. كما رصدت الصحيفة انتشار وتداول مقاطع فيديو وصور وتعليقات، على مواقع وبرامج التواصل الاجتماعي، خصوصاً «واتس أب»، تسخر من الحجر المنزلي أو الحجر الصحي للمصابين بفيروس «كورونا»، أو من الإجراءات والتدابير الوقائية التي تتخذها العديد من الدول، لوقاية أفراد المجتمع من هذا الفيروس. في المقابل، حذر المستشار القانوني، الدكتور يوسف الشريف، مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي من الانسياق وراء تعليقات التنمر وازدراء مصابي فيروس «كورونا» «التي غالباً ما تكون من أفراد خارج الدولة»، منبهاً إلى عقوبة هذه الممارسات، إذ «تطبق بحقهم العقوبات المنصوص عليها في المرسوم بقانون اتحادي رقم 5/2012 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، الذي نص على عقوبة الحبس والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تتجاوز 500 ألف درهم أو بإحدى العقوبتين، كل من سب الغير، أو أسند إليه واقعة من شأنها أن تجعله محلاً للعقاب أو الازدراء من قبل الآخرين، وذلك باستخدام شبكة معلوماتية، أو وسيلة تقنية معلومات». وأكد الشريف أن «هناك حالة غريبة في التعامل مع المرضى منذ أن بدأ فيروس (كورونا) الانتشار في معظم دول العالم، فالبعض يتعامل معهم كأنهم مجرمون، والبعض الآخر يزدريهم أو يتنمر عليهم، كأن حالهم هذه كانت وليدة إرادتهم أو بمحض اختيارهم، في حين أن الحقيقة تقول إن هؤلاء مرضى لا ذنب لهم، فما أصابهم هو مرض خطير ينتشر بالعدوى». وأضاف: «صحيح أنه يجب عزلهم، ولكن يجب ألا ننسى الجانب الإنساني للمبتلين بالمرض، وأن نقف إلى جانبهم، ونشجعهم على الخلاص من الفيروس والرجوع إلى حياتهم». كما دعا إلى «التوقف عن إرسال النكات التي تسخر من مناعتهم، حتى لا نكون سبباً في معاناتهم النفسية، التي قد تكون أسوأ بكثير من معاناتهم البدنية، فالمريض أحياناً يحتاج إلى دعم نفسي أكثر وأكبر بكثير من الدعم الجسدي». وأكد الشريف أهمية أن يعي مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي أن «المصابين بالفيروس ليسوا مجرمين أو منبوذين، فهم لم يتعمدوا إصابة أنفسهم، وعلينا أن ننظر إليهم كما تنظر إليهم الفرق الطبية، أي أنهم مصابون يحتاجون إلى عناية فائقة لاستعادة صحتهم». ولفت إلى أن «أصحاب التعليقات والمنشورات المسيئة لم يدركوا أن هذا الفيروس لا يعرف حدوداً، ويمكن أن يصل إلى الجميع، فلنظهر تعاطفنا ونقدم كل ما نستطيع من الدعم لهم، فالقاعدة الأولى لمكافحة الفيروس هي أن نعمل معاً، وأن نقف بجانب بعضنا في هذه المحنة، خصوصاً إذا ما تابعنا تصريحات قيادتنا الكريمة ونداءها المستمر بضرورة حماية الأرواح، وبالذات كبار المواطنين». وقال: «إن الإمارات وازنت بين الحزم في تطبيق الإجراءات وبين الإنسانية في بواعثها ومعطياتها الكامنة في القلوب، بل عملت لأبعد من ذلك بتوفير أشكال الدعم كافة للمرضى، مهما كانت جنسياتهم أو أصولهم العرقية أو الدينية، لأن هذه محنة للإنسانية، ومن الإنسانية أن نكون منصفين وعادلين في تعاملنا مع هذا الطارئ». حقوق المصابين بالأمراض السارية أقر القانون الاتحادي رقم 14/2014 في شأن مكافحة الأمراض السارية، حقوقاً للمرضى بالأمراض السارية، حيث حظر وضع أي قيود أو اشتراطات خاصة على المصابين بأمراض سارية تحول دون حصولهم على الحقوق المقررة لهم في التشريعات النافذة بالدولة، وذلك مع مراعاة حالتهم الصحية، ومن دون الإخلال بالتدابير اللازمة للحد من الأمراض السارية والوقاية منها. وأعطى الحق للمصابين بالأمراض السارية في تلقي الرعاية الصحية اللازمة، والعلاج في المنشآت الصحية الحكومية، طبقاً للإجراءات التي تحددها اللائحة التنفيذية للقانون. جرائم تقنية المعلومات نص المرسوم بقانون اتحادي، بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة واحدة والغرامة التي لا تقل عن 250 ألف درهم ولا تُجاوز 500 ألف درهم، أو بإحدى العقوبتين، كل من استخدم نظام معلومات إلكترونياً، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، لإجراء أي تعديل أو معالجة على تسجيل أو صورة أو مشهد، بقصد التشهير أو الإساءة إلى شخص آخر، أو الاعتداء على خصوصيته أو انتهاكها». كما نص على أنه «يعاقب بالسجن المؤقت والغرامة التي لا تقل عن 500 ألف درهم، ولا تجاوز مليون درهم، كل من أنشأ أو أدار موقعاً إلكترونياً أو أشرف عليه، أو نشر معلومات على شبكة معلوماتية، أو إحدى وسائل تقنية المعلومات، للترويج أو التحبيذ لأي برامج أو أفكار من شأنها إثارة الفتنة أو الكراهية أو العنصرية أو الطائفية، أو الإضرار بالوحدة الوطنية، أو السلم الاجتماعي، أو الإخلال بالنظام العام أو الآداب العامة». متنمرون طالبوا بنفي المصابين بالفيروس إلى أماكن بعيدة منعزلة كلياً. مقاطع فيديو تسخر من إجراء الحجر المنزلي للمصابين بفيروس «كورونا». الدكتور يوسف الشريف: «يجب ألا ننسى الجانب الإنساني للمبتلين بالمرض، وأن نقف إلى جانبهم». «قد يحتاج المريض أحياناً إلى دعم نفسي، أكبر بكثير من الدعم الجسدي».ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :