رغم الانخفاض الذي يعيشه القطاع العقاري السعودي من ناحية نقص إطلاق المشروعات الجديدة، إلا أن ذلك لم يكن عائقا في إضافة الأعباء على قطاع الإنشاءات، خصوصا في العمالة التي تشهد نقصا حادا فيها أثرت بشكل مباشر على ارتفاع أسعار العمالة الموجودة التي لامست مستويات كبيرة تجاوزت الثلث، الأمر الذي انعكس على ارتفاع التكلفة العامة للبناء، حيث تتصدر أزمة العمالة المتخصصة في مشروعات الإنشاء في السعودية أبرز التحديات التي يواجهها القطاع العقاري المحلي. ADVERTISING وأكد مستثمرون مهتمون أن عددا من المشروعات قد توقف أو على الأقل تضرر من شح أعداد العمالة النادرة، وزادت مدة تسليم العقارات قيد الإنشاء، الأمر الذي يعيق التنمية بشكل كامل، كما أن هناك صعوبة بالغة في توفير شركات المقاولات في الوقت الحالي، نتيجة انشغال معظمها بعقود المشروعات الضخمة التي أضرت بشكل مباشر بمشروعات الأفراد، بغض الطرف عن أسعارها المتزايدة نتيجة الطلب المتنامي الذي تعجز الشركات المحلية عن تلبيته. وقال سلطان اللويحق رئيس مجلس إدارة شركة عقارية «إن القطاع العقاري ما زال يعاني من فترة تصحيح الأوضاع رغم مضي أكثر من سنة على انتهائها، حيث فرط السوق في خدمات كثير من العمالة المتخصصة التي أفنت عمرها في خدمة القطاع العقاري بعد أن أتت جاهلة ورحلت وهي تعلم وتتفنن في الإنشاءات التي افتقدت هذه العينات قسرا بسبب فترة تصحيح الأوضاع»، مضيفًا أن قطاع العقار له أولويات تميزه عن سائر القطاعات، حيث إن الأمر انعكس بشكل كبير على نقص العمالة إلى حد كبير أثر في توقف المشروعات وارتفاع أسعار خدمات المتبقين منهم. وحول نسبة هذا الارتفاع، أكد اللويحق أن قيمة خدمات العمالة ارتفعت إلى حد كبير يلامس الـ35 في المائة من السعر المستحق، كما أن أكثر من نصف المشروعات كأقل تقدير أصبحت متوقفة وأنه يعاني شخصيا من ذلك، موضحا أن البلد يعيش فترة طفرة كبيرة، خصوصا في القطاع العمراني، وأن من الواجب زيادة أعداد العمالة وليس التضييق عليهم، مؤكدا أن واقع السعودية يحتم مضاعفة أعداد العمالة وليس تفريقهم، مبينا أن نقص العمالة وندرتهم ولّد تعطيلا في الوفاء بعقود البناء، حيث ألقى الأمر بظلاله على ارتفاع الأسعار وحمل بعض المشروعات شروطا جزائية بسبب نقص العمالة الذي أثر على الالتزام بالعقود. وفي الاتجاه نفسه، أوضح معتق القحطاني، الذي يمتلك شركة للاستشارات العقارية، أن هناك سحبا كبيرا من قبل الشركات العقارية الكبرى في السعودية على العمالة المتخصصة في القطاع العقاري وإن لم تكن محترفة، التي تفضل العمل مع تلك الشركات لأسباب مختلفة، أهمها سرعة تسديد المرتبات وتوفير سكن مناسب، إضافة إلى استمرار الشركات في إغراق العروض المغرية على تلك العمالة، ناهيك باحتكاك تلك العمالة ببيئات عمل أرقى وأرفع مستوى، مما يلقي بظلاله على توسيع الخبرات الإنشائية لدى الفني العامل، وهو الأمر الذي يؤهله وبسرعة إلى تولي المشروعات الكبيرة وتمكنه خبرته من العمل مستقبلا برواتب ومميزات أفضل نظير خبرته العملية. وأضاف: «أكثر ما نخشاه أن يستمر الوضع على ما هو عليه من ناحية خلو السوق من العمالة الماهرة، مما يعني مشكلة إضافية تنضم إلى مشكلات ارتفاع أسعار العقار وأسعار مواد البناء، والقادم هو ارتفاع كبير في قيمة خدمات العمالة الإنشائية، لافتا إلى أن السوق تعاني حلقة مفرغة من التنسيق بين توفير العمالة المحترفة التي يجري استقبالها على أنها تحمل مؤهلات هندسية، وبين الواقع المحلي الذي يشتهر باستقدام العمالة الجديدة لتدريبها وتعليمها على منشآتنا ومن ثم يهاجرون إلى الخارج، خصوصا إلى دول الخليج للاستفادة من ارتفاع قيمة عقود الإنشاء هناك». وفي صلب الموضوع، أكد علي التميمي الذي يمتلك مؤسسة متخصصة في المقاولات، أن هناك أزمة حقيقية في توفير العمالة المتخصصة في قطاع الإنشاءات، وأن هذه المشكلة تمثل أبرز التحديات التي تواجهها السوق العقارية السعودية، إذ يلاحظ توقف كثير من المشروعات أو بناؤها بشكل بطيء بعد تسرب معظم عمالتها نحو العروض الأفضل، لافتًا إلى أن المهلة التصحيحية عصفت بقطاع المقاولات، خصوصا المؤسسات الصغرى والمتوسطة التي تعتمد عليها السوق بأكثر من 80 في المائة الذي تضرر كثيرا من ترحيل العمالة دون وجود بديل جاهز يحل محلهم، خصوصا أن السعودية دولة تنمو بشكل مهول وتحتاج بذلك إلى أعداد أكبر من العمالة، وليس القضاء على العمالة الموجودة التي تعاني أساسا من النقص. وتطرق التميمي إلى ضعف أعداد العمالة الوافدة العاملة في المشروعات الإنشائية، ملقيا باللوم على الجهات المسؤولة بالاشتراك مع شركات الاستقدام، متسائلاً: «هل يجب على العمالة أن تجرب على منازلنا عدة مرات حتى تتقن العمل؟»، مبينًا أن ترك المجال للعمالة المبتدئة يتسبب في هدر أكبر من المبلغ المدفوع للعامل الماهر، حيث سيتسبب في هدر مواد البناء التي تعتبر غالية الثمن، وذلك عن طريق الغلط ومن ثم الهدم، أو عن طريق عدم تقدير الكميات المناسبة عند البناء. وزاد: «يضاف إلى ذلك الجهد والوقت اللذان سيضيعان عند الاعتماد عليهم، ناهيك بالتصدعات والشقوق التي قد تحدث للمبنى، وأن هناك عدة حالات أشرفت عليها عمالة غير مدربة انتهى الأمر بها إلى حالات لا تحمد عقباها»، موضحًا أنه يجب وضع قوانين أشد صرامة للعمالة العاملة في مشروعات البناء.
مشاركة :