بعيدًا عن ردة الفعل التي أحدثها حديث مدافع النصر والهلال سابقًا والفيصلي حاليًا والشباب مستقبلاً خالد الغامدي بأحد البرامج الفضائية، وما تلاها من شد وجذب بين المعسكرين الملتهبين مسبقًا جماهيريًا وإعلاميًا الأصفر والأزرق والتي يدعي من خلالها كل طرف بأنه المنتصر. حديث الغامدي كشف لكل من تابعه تلك الآلية والطريقة التي كانت تدار بها أندية كبيرة لها ثقلها ووزنها على مستوى الكرة السعودية فمسرحية الغامدي بين النصر والهلال طوال الست سنوات الماضية ليست جديدة ولن تكون الأخيرة بل سبقها مسرحيات أخرى ومن عدة أندية ولاعبين ووكلاء وسماسرة، وقبل ذلك لجان احتراف، فعندما تغيب المعايير الفنية التي على ضوئها يتم تجديد التعاقد مع اللاعب وتدخل العواطف والتحديات على شاكلة "ولدنا لا يأخذونه" ستسمع بمثل هذه القصص والمسلسلات كما حدث مع عوض خميس ومن قبله سعيد المولد. فغياب الاحترافية والعمل المؤسسي بإدارات بعض الأندية في تلك الفترة هو ما أبرز لنا مثل هذه المشاكل وما تلاها من تضخم للعقود وتراكم للديون، وسط صمت رهيب ومستغرب من قبل اتحاد كرة القدم ولجانه الاحترافية والقانونية، فاللاعب ينتهي عقده ويدخل الفترة الحرة التي تتيح له الانتقال من نادٍ إلى آخر ولا يجد أي اهتمام من مسؤولي ناديه بل إن البعض من اللاعبين يتم تجاهله وعدم مفاوضته من قبل ناديه حتى يقبل في الأخير بالتجديد وبالشروط التي يريدها النادي وليس وفق معايير احترافية تراعي مصالح الطرفين "اللاعب والنادي" كما يحدث في الكثير من الأندية المحترفة والمؤسسة بشكل صحيح، لكن هذا التجاهل وهذا التطنيش سرعان ما يتحول لبركان ثائر بمجرد السماع بأن لاعبهم تمت مفاوضته من قبل المنافس، تظهر هنا الاحترافية وتقدم العروض ويرفع العقد مضاعفة وبالثلاثة ليس حبًا في علي بل نكاية بمن فاوضه وسط تزمير وشيلات من المدح والتطبيل من المقربين والمحيطين كإنجاز غير مسبوق. فالمثير الغامدي في انتقالاته وتنقلاته بدءًا بانتقاله من القادسية للنصر وما أعقبها من شد وجذب بين الناديين، ومن ثم ماحدث بين النصر والهلال إعلاميًا في انتقاله الخفي كان في تلك الفترة في عز توهجه ونجوميته بشعار النصر إلا أن هذا التوهج والأداء لم يشفع له بتجديد عقده رغم أن النصر لا يملك له بديلا بل ظل معلقًا حتى وقع للهلال كما يقول لتهل بعد ذلك عليه العروض التي أحاطته بعقد ضخم كان في الحلم لو لم يدخل الهلال كطرف في المفاوضات ومن ثم التوقيع. حديث الغامدي الموثق عن أحداث تلك الفترة كشف لنا بأنه لا منتصر في تلك الأحداث إلا اللاعب نفسه وليس كما يروج له أنصار المعسكرين، فالنصر الذي كان بإمكانه تمديد عقده برضى الطرفين رضخت إدارته لمطالب اللاعب، والهلال خسرت إدارته ثقة الجمهور بها وخسرت قبل ذلك حق مشروع للنادي كونه دخل البيوت من أبوابها ووقع مع اللاعب بشكل سليم. فاصلة فترة صعبة وعصيبة تلك التي تعقب توقيع أي نجم لأي نادٍ آخر أثناء دخوله الفترة الحرة، فمن المؤكد أن كثيرا من اللاعبين مر بهذه التجربة المريرة والمؤلمة التي لا يعلم بما يتعرض له اللاعب خلالها جماهيريًا وإعلاميًا وإداريًا من ضغوطات شديدة قد تؤثر على قراره وتجعله يرتكب خطأ قد يؤثر على مستقبله وسط جهل كبير من قبل البعض بثقافة الاحتراف وتنقلات اللاعبين التي تعد في هذا العصر شيء طبيعي ومعتاد كفله لهم الاحترام لا العواطف والأهواء.
مشاركة :