يقوم وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس، يومي السبت والأحد المقبلين، بجولة مكثفة وسريعة في الشرق الأوسط، تقوده تباعا إلى مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل، وتتركز بشكل أساسي على النزاع الفلسطيني - الإسرائيلي وإعادة إطلاق مفاوضات السلام، ورغبة باريس في استصدار قرار من مجلس الأمن الدولي يعيد التأكيد على محددات السلام ويطرح مهلة زمنية للمفاوضات. ADVERTISING وقالت مصادر دبلوماسية في باريس أمس، إن جولة فابيوس، على الرغم من أهميتها، ستواجه ثلاث عقبات: الأولى، استقطاب المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني، الجارية حاليا في فيينا، والوضعين السوري والعراقي بالاهتمام الدولي، مما يعني تراجع الملف الفلسطيني - الإسرائيلي إلى المواقع الخلفية. والثانية، الإنهاك الذي تعاني منه السلطة الفلسطينية، وعودة التنازع بين الضفة الغربية وغزة إلى الواجهة، وانهيار حكومة الوحدة الوطنية. أما العقبة الثالثة فتكمن في ضعف الائتلاف الإسرائيلي الذي أبقى بنيامين نتنياهو على رأس حكومة تعد الأكثر يمينية منذ عقود في إسرائيل، مما يعني أن نتنياهو سيكون مضطرا لمسايرة حلفائه، وبالتالي سيكون أقل استعدادا للسير في تسوية سلمية. بالإضافة إلى ذلك، فإن باريس الساعية إلى تحريك ما، للمياه الآسنة الشرق أوسطية، لا تعرف بالضبط ما سترسو عليه السياسة الأميركية لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي الموعود مع إيران، خصوصا أن الإدارة الأميركية، التي كانت قد طلبت من باريس «عدم التحرك» بانتظار التوصل إلى اتفاق نووي، ترسل، بحسب المصادر الفرنسية «إشارات متناقضة» حول ما ستفعله في المرحلة المقبلة. وبالنسبة لهذه النقطة بالذات، التي تعتبرها باريس «أساسية»، فإن المصادر الفرنسية تعتبر أن هناك «هامشا ضيقا للمناورة». لذا فإن باريس تسعى إلى معرفة حقيقة الموقف الأميركي وما يمكن أن تقبله واشنطن، خصوصا بعد تلميحات سابقة للرئيس الأميركي أوباما، أعلن فيها أن بلاده يمكن ألا تلجأ إلى استخدام حق النقض ضد قرار خاص بالنزاع المذكور في مجلس الأمن الدولي. وفي أي حال، يشكل إصدار قرار أممي «الإنجاز الأمثل» بالنسبة لفرنسا، لأنه يمكن أن يثبت محددات السلام وأن ينص على مهلة زمنية للمفاوضات. ولذا، فإن باريس تريد تعبئة الجهود الدولية والتشاور مع كل الأطراف ذات العلاقة في مجلس الأمن وخارجه، لتوفير توافق يسهل استصدار القرار. ولكن إذا لم يكن أمرا كهذا ممكنا، فإن باريس «تفكر» في حلول أخرى، منها إنشاء «مجموعة دعم» للمفاوضات تكون بديلا عن اللجنة الرباعية التي ثبت شللها وانعدام قدرتها على التأثير، على الرغم من أنها تضم الأمم المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية. ويمكن أن تسعى باريس لضم «أطراف إقليمية أساسية» في إشارة إلى المجموعة العربية. وأعد للوزير الفرنسي برنامج حافل. إذ سيلتقي، في القاهرة، الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره سامح شكري وأمين عام الجامعة العربية نبيل العربي. كما سيعقد اجتماعا على المستوى الوزاري مع لجنة المتابعة العربية، يحضره وزراء خارجية مصر والمغرب والأردن وفلسطين. وفي إشارة تتضمن الكثير من المعاني، أفادت المصادر الفرنسية بأن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير سينضم إلى الاجتماع، نظرا للدور الذي تلعبه الرياض، ولكونها صاحبة المبادرة العربية التي تبنتها الجامعة في عام 2002. وفي الأردن، سيجتمع بالملك عبد الله ووزير الخارجية ناصر جودة. أما في رام الله فسيعقد لقاء مع الرئيس محمود عباس، فيما يلتقي الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين، ورئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، في ختام جولته في إسرائيل. واستبق فابيوس جولته باتصال هاتفي بنظيره الأميركي جون كيري، للتعرف على مواقف واشنطن كما هي عليه اليوم. كذلك سيتابع فابيوس مشاوراته الاثنين المقبل، مع نظرائه الأوروبيين في اجتماعهم في لوكسمبورغ، والثلاثاء مع نظيره الروسي على هامش الاجتماع المقرر في العاصمة الفرنسية والمخصص للملف الأوكراني. وجاء في بيان للخارجية الفرنسية، أمس، أن الزيارة «ستوفر الفرصة لمناقشة المقترحات الفرنسية من أجل معاودة إطلاق البحث عن حل للنزاع الفلسطيني - الإسرائيلي وفق المحددات المعروفة». وأضاف البيان أن الأولوية يجب أن تركز على «إعادة توفير الشروط (الضرورية) للعودة إلى مفاوضات تتمتع بالصدقية وتؤدي إلى نتيجة، مما يعني الحاجة إلى إطار دولي متجدد يتضمن مواكبة دولية تضم (أيضا) الشركاء الإقليميين الكبار، وتوافقا حول محددات واضحة لإطلاق المفاوضات، وروزنامة زمنية (لإنهائها)، لأنه كلما مر الزمن ابتعد السلام وزادت مخاطر التوتير».
مشاركة :