الهاتف الذكي لليو كيرس؛ كان شريان حياته في الأسابيع الأخيرة بعد إلغاء مهرجان ملبورن الدولي للكوميديا الذي ترك الكوميدي البريطاني عالقا في منتصف جولة في مدينة بيرث، في أستراليا. لكنه واجه عائقا كبيرا عندما قطعت شركة ثري، مزودة شبكة الهاتف المحمول في المملكة المتحدة، بيانات التجوال الخاصة به بعد تجاوزه الحد المسموح ولم يتمكن من الوصول إلى أي شخص على خط مساعدة الشركة الهاتفي لإصلاح المشكلة. قال غاضبا: "من الواضح أن هذا هو الوقت الذي أحتاج فيه أكثر ما يمكن إلى بيانات التجوال لأنني أحاول بشكل محموم حجز رحلات جديدة، وإعادة جدولة العروض، وإجراء ترتيبات الإقامة، وكذلك البقاء على اتصال مع عائلتي حيث يتلقى والدي علاجا للسرطان وهو عرضة للإصابة بكورونا". أضاف: "لا أحد في مركز الاتصال. يبدو أن الرسالة الآلية قد تم تسجيلها من قبل عامل النظافة في أول محاولة له". مجموعات الاتصالات تحملت أكثر من طاقتها في الأسابيع الأخيرة بسبب عدد كبير من العملاء الذين اتصلوا ليقولوا إنهم يواجهون مشكلات مع شبكات النطاق العريض واتصالات الهاتف المحمول، بعدما اضطر ملايين من الأشخاص للعمل من المنزل أثناء جائحة فيروس كورونا. لكن عندما يتعلق الأمر بتجوال البيانات ـ الرسوم الإضافية التي يتم دفعها عندما يتصل مستخدم الهاتف المحمول بشبكة مختلفة حين يكون في الخارج ـ فإنها تواجه مشكلة أكبر من ازدحام الخطوط. انهيار السفر الدولي نتيجة لتفشي كورونا يمكن أن يكلف صناعة الاتصالات العالمية 25 مليار دولار خسائر في الإيرادات هذا العام - نحو نصف ما يحققه القطاع سنويا من رسوم التجوال، بحسب محللين في شركة جونيبير للأبحاث. من هذا المبلغ، سيفقد القطاع نحو 12 مليار دولار خلال أشهر الصيف حين لا يتمكن الناس من الذهاب في عطلات، وهي إيرادات من غير المحتمل استردادها. حتى الآن، تبين أن الاتصالات تعد قطاعا مرنا في الأزمة، حيث تحمي الاشتراكات الجزء الأكبر من إيراداتها والخدمات التي تقدمها تعد ضرورية من قبل الحكومات. لكن محللين يقولون إن الجائحة ستكون إشارة إلى نهاية عصر التجوال. سام إيفانز؛ الشريك الرئيس في شركة دلتا بارتنرز الاستشارية، قال إن الصناعة لا تزال متشبثة بالتجوال والتكاليف العالية للمكالمات الدولية. "إنه أنموذج عمل من عهد سابق، وهي إيرادات كان ينبغي للصناعة أن تبتعد عنها. سواء أعجبها ذلك أم لا، فإن التجوال سيموت الآن". التجوال يعد جزءا صغيرا فقط من إجمالي إيرادات الصناعة التي من المتوقع أن تصل إلى 820 مليار دولار هذا العام، وفقا لـ"جونيبر". وكالة موديز للتصنيف الائتماني قالت إن التجوال يمثل نحو 1 في المائة من إجمالي إيرادات شركات الاتصالات الأوروبية. على الرغم من حظر المفوضية الأوروبية رسوم التجوال عبر القارة في عام 2017 لا تزال الرسوم تنطبق على المسافرين إلى أجزاء أخرى من العالم. وكثير من المشغلين يقدمون للعملاء باقات التجوال إذا سافروا إلى الخارج. لكن خسارة الإيرادات لن يتم الشعور بها على نحو متساو، إذ من المرجح أن تكون مجموعات الاتصالات الموجودة جنوبي أوروبا هي الأكثر تضررا. الشبكات يجب أن تدفع لبعضها بعضا للتواصل مع المستخدمين عندما يكونون في الخارج، وهذا يعطي ميزة للمشغلين في دول البحر المتوسط بسبب تدفق السياح سنويا على تلك المنطقة. على العكس من ذلك، تميل الشركات في ألمانيا والدول الاسكندنافية إلى أن تكون "دافعا صافيا" لأن مواطنيها يسافرون إلى الخارج في أشهر الصيف؛ ما يعني أن الإغلاق بسبب فيروس كورونا يمكن أن يقلل من تكاليف بعض الشبكات. قال موريس باتريك؛ المحلل في مصرف باركليز: "اليونان والبرتغال وإسبانيا معرضة بشدة للسياحة، بالتالي المشغلون في هذه الدول سيعانون أكثر من غيرهم". عدد من المشغلين أشاروا إلى أن التجوال يمثل ما بين 1 في المائة و4 في المائة من عائدات خدمة الهاتف المحمول، مع كون شركة أو تي إي (المشغل اليوناني) الأكثر عرضة. "أو تي إي" رفضت التعليق. "باركليز" يجادل بأن قطاع الاتصالات الأوروبي ليس محصنا من الآثار التي يخلفها فيروس كورونا. المصرف خفض توقعاته للأرباح في جميع أنحاء القطاع بنسبة تراوح بين 2 و4 في المائة، عادا انتشار المرض وانهيار عائدات التجوال، أحد العوامل "المباشرة" قصيرة الأجل، إلى جانب انخفاض الإنفاق على الدفع المسبق. شركات الاتصالات في مناطق الجذب السياحي الأخرى مثل منطقة البحر الكاريبي ستكون أكثر هشاشة لأنها تعتمد على رسوم التجوال من الزوار لتحقيق جزء كبير من إيراداتها. أحد الرؤساء التنفيذيين لشركة اتصالات في جزيرة صغيرة قال إن التأثير قد يكون كارثيا بالنسبة لبعض المشغلين الذين انخفض التجوال لديهم إلى النصف بالفعل في الأسابيع الأخيرة. "سيكون مآلهم السقوط في الهاوية". التأثير سيتفاقم بسبب مغادرة السكان حيث العمال المهاجرون ـ مثل عمال أوروبا الشرقية في جزر القنال أو المحاسبين في جزر كايمان ـ يهرعون للعودة إلى ديارهم. إيفانز يجادل بأن شركات الاتصالات يجب أن تتخلى عن التجوال للتركيز على التأثير الإيجابي لضمان بقاء الناس على اتصال. "ما يلغي هذا كله هو أن تعود قصص عن ’صدمة الفاتورة‘ في الوقت من الأزمة". مجموعة فودافون تنبهت فعليا لهذا الأمر. ألغت اعتبارا من أيار (مايو) قرارا يفرض على العملاء الذين يزورون تركيا رسوما تبلغ ستة جنيهات استرلينية مقابل استخدامهم هواتفهم. قال متحدث باسم المجموعة إنها اتصلت بمشتركين عالقين في تركيا، بعد إلغاء الرحلات الجوية، لإخبارهم أنهم سيحصلون على وصول مجاني وغير محدود إلى بيانات الإنترنت في أعقاب ردود فعل عنيفة. شركات الهاتف المحمول ستلعب دورا حاسما في تحديد الأشخاص الذين يحتاجون إلى العودة إلى المملكة المتحدة، لكن شبكة تضم 25 ألف عميل في الخارج قالت من الصعب معرفة من تقطعت بهم السبل ومن هم المستخدمون الذين انتقلوا للعيش بشكل دائم في الخارج. قال ناطق باسم شركة ثري: "نتفهم أن بعض عملائنا عالقون في الخارج وهم قلقون بشأن البقاء على اتصال مع أصدقائهم وعائلاتهم، ونحن نبحث عن طرق لمساعدتهم على أساس كل حالة على حدة".
مشاركة :