مئتا يوم تفصل أميركا عن انتخاباتها الرئاسية في 3 نوفمبر والتي سيتواجه فيها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونائب الرئيس السابق جوزيف بايدن الذي شهدت حملته أفضل أسبوع لها حتى الآن بتوحيد الصف الديمقراطي واستقطاب دعم نجومه خلف مرشحه. بايدن، رغم تقدم سنه وقلة الكاريزما لديه، نجح تكتيكيا بلم شمل الحزب في مرحلة مبكرة من السباق، وحيث فشل أسلافه باراك أوباما وهيلاري كلينتون. ففي 2008 و2016 خاض الديمقراطيون معارك انتخابات تمهيدية ضارية لتسمية مرشح استمرت حتى الصيف بين أوباما وكلينتون، وثم بين كلينتون وبيرني ساندرز. الاقتتال الطويل يومها داخل الحزب قوض حظوظ كلينتون أمام ترامب، وأدى إلى تصويت نسبة 10 في المئة من أنصار كلينتون للجمهوري جون ماكين يومها. قلبت 2020 هذه المعادلة بداية هذا الأسبوع ويوم الاثنين تحديدا حين خرج المرشح اليساري بيرني ساندرز عن صمته وأعلن في فيديو مشترك دعمه لبايدن. الثلاثاء لحقه أوباما بفيديو شاهده حتى الآن أكثر من 10 ملايين مشاهد، والأربعاء كانت إليزابيث وارن آخر منافسي بايدن لتعلن دعمها لنائب الرئيس السابق. فامتحان بايدن الأساسي بعد توحيد صفوف حزبه هو في اختيار اسم لنائب الرئيس صورة الحزب الديمقراطي وهو يتأهب للتصويت خلال ستة أشهر معاكسة تماما لـ 2016 والسبب الأبرز في ذلك يعود لشخص واحد: دونالد ترامب. نجح ترامب بسياساته ونهجه اليميني الشعبوي حيث فشلت المؤسسة الديمقراطية الحزبية لسنوات بتوحيد جناحي الوسط واليسار خلف بايدن. فهزيمة ترامب باتت الهدف الأول للديمقراطيين بغض النظر عن اسم أو لون أو تاريخ أو عمر مرشحهم ومما سيجعل هذا السباق مختلفا عن أي سباق شهدته الولايات المتحدة في القرن الواحد والعشرين. يقف باراك أوباما في الكواليس خلف جهود رص صفوف الحزب لمواجهة ترامب، وقد لعب دور أوباما المايسترو ورعى المصالحة بين بايدن وبيرني بعيدا عن الأضواء. نيويورك تايمز نقلت أن الرئيس السابق اتصل بساندرز أربع مرات لترتيب انسحابه من السباق ودعم بايدن، كما اتصل بمنافسين سابقين للمرشح الشهر الفائت حين بات واضحا أن نائبه السابق أخذ الصدارة.إلى أين يذهب السباق من هنا؟ انتخابات 2020 أميركيا ستكون أكثر حدة من سابقاتها نظرا لعمق الانقسام بين الحزبين والتصاق مستقبل المحكمة العليا ووجهة أميركا الداخلية والخارجية بنتائجها. فالرئيس المقبل سيعيّن على الأقل قاضيين في المحكمة العليا، وسيعود له رسم مستقبل الطاقة النووية واتفاقات التبادل التجاري والتغيير المناخي مع دول آسيا، الاتحاد الأوروبي ودول أميركا اللاتينية. أما داخليا، فنظام الرعاية الصحية، وملفات الهجرة والتقاعد وهيكلية الاقتصاد الأميركي بعد ركود وباء كورونا كلها على المحك. أرقام البطالة والانتكاسة الاقتصادية التي ستدخلها الولايات المتحدة بسبب كورونا تؤذي إلى حد كبير حظوظ ترامب وهي لم تكن في حسابات الرئيس الأميركي حين كان يفاوض اتفاقا للتبادل التجاري مع الصين في يناير. في نفس الوقت فإن مستوى الانقسام الأميركي وعمقه بين اليمين واليسار يرجح أن يتم حسم الانتخابات في أقل من أربع ولايات هي بنسلفانيا وميشيغان وكارولينا الشمالية وويسكونسن. ترامب يستفيد من وجوده في موقع الرئاسة لتمرير سياسات تفيد حظوظه أو الهيمنة على الفضاء الإعلامي كما يفعل اليوم. نجح ترامب بسياساته ونهجه اليميني الشعبوي حيث فشلت المؤسسة الديمقراطية الحزبية لسنوات بتوحيد جناحي الوسط واليسار خلف في نفس الوقت تعطي الاستطلاعات الحالية فرصة ذهبية للديمقراطيين للبناء على هبوط شعبية ترامب (معدل 43 في المئة) والركود القادم ومحاولة كسب البيت الأبيض ومعه أكثرية مجلس الشيوخ. فالجمهوريون يتراجعون اليوم في عقر دارهم في أريزونا، كما تواجه وجوه مخضرمة في الحزب مثل سوزان كولينز وليندسي غراهام معارك صعبة لإعادة انتخابهما. المعركة على مجلس الشيوخ ستتمحور حول خمسة مقاعد وفوز أي من ترامب أو بايدن سيتحكم به إلى حد بعيد شكل هذا المجلس. أما بايدن فامتحانه الأساسي بعد توحيد صفوف حزبه هو في اختيار اسم لنائب الرئيس والتي أكد المرشح أنها ستكون امرأة. أي من منافسي بايدن سابقا السيناتورات كاميلا هاريس، وآيمي كلوبتشار واليزابيث وارن قد يتم اختيارهن. إنما ضعف بايدن في أوساط الشباب وكونه مدين اليوم للأقلية الافريقية الأميركية التي أهدته فوزا في كارولينا الجنوبية وقلبت السباق، هي عوامل ترجح اسم هاريس. المعركة الانتخابية بين بايدن وترامب بدأت فعليا هذا الأسبوع وهي لا تشبه بانطلاقتها على الإطلاق انتخابات 2016. أما نهايتها فستأتي بعد سيل من الفضائح والخوض في وحول كورونا وركود اقتصادي يضرب بعرض الحائط وعود ترامب وقد يكلفه ـ مع غياب المفاجآت ـ الولاية الثانية.
مشاركة :