تعد إيران واحدة من أكثر الدول تضررا بتفشي فيروس كورونا، وقد اندلعت حرب كلامية بشأن تأثير العقوبات الأمريكية في هذه الأزمة. وتقول إيران إن هذه العقوبات تعوق معركتها مع المرض، لكن الولايات المتحدة تنفي ذلك وتقول إن إيران أساءت التعامل مع الأزمة ولم تُحسن إدارتها. ومن هذا المنطلق ننظر في مزاعم كل طرف، وما إذا كان فيها شيء من الحقيقة. ما هي العقوبات الأمريكية؟ في عام 2018، سحب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الولايات المتحدة من اتفاق نووي بين إيران والقوى العالمية الكبرى، وصفه بأنه "معيب". وقد أعيد فرض العقوبات الامريكية على صناعة البترول، والقطاعات الرئيسية الأخرى في الاقتصاد الإيراني، وأوصدت أبواب النظام المالي الأمريكي بوجه إيران. كان الهدف هو حمل إيران على إعادة التفاوض على الاتفاق النووي، لكنها حتى الآن ظات ترفض القيام بذلك. وقد دفعت العقوبات الاقتصاد الإيراني إلى ركود شديد، حيث توقفت صادرات البترول إلى حد كبير، وانسحبت الشركات الأجنبية الكبرى لتجنب العقوبات الأمريكية التي تطال الشركات المتعاملة مع إيران وانخفضت قيمة العملة المحلية. ماذا تقول إيران عن العقوبات؟ وتقول القيادات الإيرانية إن العقوبات تجعل من الصعب على إيران الحصول على الإمدادات الطبية الحيوية والمعدات اللازمة لعلاج مرضى كوفيد 19. واتهم وزير الخارجية الإيراني، جواد ظريف، الولايات المتحدة بالتحول من "الإرهاب الاقتصادي" إلى "الإرهاب الطبي" من خلال رفض رفع العقوبات بعد تفشي الوباء في إيران في منتصف فبراير/شباط الماضي. لكنه قال أيضا مؤخرا إنه على الرغم من العقوبات فقد حققت إيران تقدما كبيرا في مواجهة الفيروس، وذلك بفضل مواردها الخاصة ودعمها من بعض الدول الأجنبية. ماذا تقول الولايات المتحدة؟ قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مورغان أورتاغوس، في الأول من أبريل/نيسان الجاري: "دأبنا على القول إن العقوبات الأمريكية لا تعوق تعامل النظام الإيراني مع أزمة (تفشي فيروس) كوفيد 19". وتسمح العقوبات بمبيعات الأغذية والسلع الزراعية والعقاقير والأجهزة الطبية، "شريطة ألا تشمل هذه المعاملات الأشخاص الذين لهم صلة بنشر إيران لأسلحة الدمار الشامل أو دعم الإرهاب الدولي". كما أشارت الولايات المتحدة إلى أن إيران رفضت عرضا أمريكيا بتقديم مساعدات إنسانية وطبية. وتقول واشنطن إن الحكومة الإيرانية لديها ما يكفي من الأموال لدفع ما تحتاجه، بما في ذلك مئات المليارات من الدولارات في صندوق التنمية الوطنية التابع لها. إذن هل بوسع إيران الحصول على إمدادات طبية؟ في الماضي، اعتمدت إيران بشكل كبير على استيراد العقاقير وعلاجات طبية متقدمة، وكانت دول الاتحاد الأوروبي من الموردين المهمين لها في هذا الصدد. وقد تذبذبت هذه التجارة في السنوات الأخيرة، ولكن من الواضح أن تشديد العقوبات قرب نهاية عام 2018 كان له تأثيره. وعلى المستوى الدولي تواجه إيران عددا من المشاكل في شراء الإمدادات الطبية، على الرغم من الإعفاءات المتعلقة بالسلع الإنسانية: • يمكن لعدد قليل فقط من البنوك الإيرانية الوصول إلى النظام المصرفي الدولي • الإجراءات المعقدة والطويلة زمنيا للحصول على الاعتماد القانوني بالنسبة للشركات التي تتعامل مع إيران • وضع حد قدره نصف مليون دولار على تراخيص التصدير الأمريكية للأغذية والمواد الطبية المعفاة • انخفاض حاد منذ عام 2016 في عدد تراخيص تصدير المعدات الطبية المتخصصة، والتي قد تكون هناك حاجة لبعضها لعلاج مرضى كوفيد 19 وقال نائب وزير الصحة الإيراني، علي رضا رئيسي، إن إيران تكافح لشراء أجهزة التنفس الاصطناعي وأسرة وحدات العناية الفائقة، ولا يمكنها تحويل المال لاستيراد عقاقير بعينها. هل تلقت إيران أية مساعدات من الخارج؟مصدر الصورةAFPImage caption زادت حالات الإصابة بفيروس كورونا في إيران في فبراير - شباط تطلب إيران من صندوق النقد الدولي تمويلا طارئا بقيمة 5 مليارات دولار، ولكن يتردد أن الولايات المتحدة تعارض ذلك لأن إيران، كما تقول، لديها أموال كافية. وقد أرسلت فرنسا وألمانيا وبريطانيا إمدادات طبية بموجب آلية مالية أُنشئت العام الماضي للالتفاف على العقوبات الأمريكية، ولكن يُقال إن قيمة الصفقة أقل من 500 ألف يورو (436 ألف جنيه إسترليني). وفي وقت سابق من العام الجاري، قامت سويسرا، وهى مصدر رئيسي للمنتجات الطبية، بتجربة ناجحة لبرنامج إنساني (وافقت عليه السلطات الأمريكية) لتمكين الشركات من بيع الأغذية والعقاقير والسلع الزراعية لإيران، لكن الحكومة السويسرية قالت لبي بي سي إنه لم تُجر أية معاملات منذ ذلك الحين. ومع ذلك، يُقدم عدد من البلدان، فضلا عن منظمة الصحة العالمية WHO ، والاتحاد الأوروبي، مساعدات طبية لإيران، بما في ذلك معدات الحماية الشخصية، ومعدات فحص وتشخيص الفيروس، وأجهزة التنفس الاصصناعي. كما كانت هناك دعوات لتخفيف العقوبات خلال تفشي الوباء أطلقتها ميشيل باشليه المفوضة السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة، لتمكين إيران من الحصول على المزيد من الإمدادات الطبية.هل جعلت الحكومة الإيرانية الأزمة أسوأ؟ أصرت الحكومة الايرانية على أنها اتخذت كافة الإجراءات الضرورية لاحتواء تفشى المرض. ولكن كانت هناك مزاعم بأنه على الرغم من ظهور حالات في يناير/كانون الثاني الماضي، فإن الحكومة لم تعلن عن الأمر حتى 19 فبراير/شباط الماضي لتجنب الإضرار بعملية التصويت في الانتخابات البرلمانية. وتنفي الحكومة الإيرانية حجبها معلومات عن تفشي فيروس كورونا المستجد.فيروس كورونا: ما أعراضه وكيف تقي نفسك منه؟فيروس كورونا: ما هي احتمالات الموت جراء الإصابة؟فيروس كورونا: هل النساء والأطفال أقلّ عرضة للإصابة بالمرض؟فيروس كورونا: كيف ينشر عدد قليل من الأشخاص الفيروسات؟ بيد أنها لم تفرض قيودا على الفور حتى في مدينة قم المقدسة، المركز الاول لتفشي المرض في البلاد، مما أدى لانتقادات علنية من وزير الصحة السابق. وقد بدأت الحكومة في الحد من الحركة بين بعض المدن، وطلبت من الناس تجنب السفر إلى الأماكن التي اعتادوا على قضاء عطلاتهم فيها، والتي تحظى بشعبية خلال مهرجان عيد النوروز للاحتفال بالسنة الفارسية الجديدة. ولكن بحلول ذلك الوقت، كانت إيران قد أصبحت واحدة من أكثر البلدان تضررا بتفشي الفيروس في العالم، على الرغم من أن عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس التي أعلنتها السلطات هناك تبدو مقارنة بعدد سكان البلاد قليلة جدا عند مقارنتها بالدول الأخرى.
مشاركة :