يفشل أكثر من 90% من الشركات الناشئة خلال مراحلها الأولى، أما النسبة الباقية والتي يُكتب لها النجاح فهي تلك التي قررت العبور من قناة النار (الفشل)، وتحملت عبء التكرار لآلاف المرات، والتغيير والتطوير والتبديل حتى تنجح، وتخلصت من أوهام ريادة الأعمال التي لا أساس لها سوى أنها منتشرة وذائعة فحسب. إن ما يقوله Howard Love في كتابه “The Start-Up J Curve” بسيط للغاية، لكنه مربك في ذات الوقت، ويدعو إلى إعادة النظر في كل ما يفعله رواد الأعمال المبتدئين _الذين يتوجه إليهم رأسًا بكتابه_ فهو مثلًا يذهب إلى أن معظم الشركات تفشل بسبب أخطاء المالك وليس بسبب ضعف في التمويل، أو ضغط السوق التنافسي، ما المطلوب إذًا؟ أن نتخلص من أوهام ريادة الأعمال، وأن نكون مستعدين لدفع ثمن النجاح، بذلك يمكننا العبور إلى شاطئ النجاح أما بخلاف ذلك فسيكون مصير مشروعنا الناشئ وشركتنا الصغيرة الفشل والزوال. اقرأ أيضًا: البيع في زمن الكورونا يقول Howard Love: “لبدء العمل، من الأفضل أن تكون جادًا بشأن ذلك ولديك أفق زمني طويل جدًا”. إنه يعني أن الوصول إلى النجاح لن يأتي هكذا خبط عشواء، ولن يتحقق بين عشية أو ضحاها، وإنما سيتطلب الأمر عملًا شاقًا ومضنيًا، ووقتًا طويلًا كذلك، قبل أن تمسي الشركة الناشئة ناجحة وتتحول إلى الربحية. وعلى أي حال، فإن الملاحظة الواقعية تقول إن عدد الشركات التي تحقق طفرات وتصنع فارقًا في العالم بالفعل قليل، لكن السر وراء نجاح هذه الشركات هو أنها قررت تحمل ضريبة النجاح، ودفع ثمن ريادة الأعمال، والذي لولاه لما تمكنت من العبور إلى الجانب الآخر، ولما استطاعت أن تنضم إلى القلة الناجحة. “لا يجب أن تكون في شركة ناشئة إذا كنت لا تستطيع تحمل احتمال عدم نجاح الأشياء”. اقرأ أيضًا: الإذن بالتسويق.. علاقة تفاعلية طويلة الأمد جدوى التكرار ووهم الخطة الأولية المحاجة الأساسية التي يقدمها Howard Love لرواد الأعمال في كتابه هذا هو أنه من الواجب عليهم أن يمزقوا خطتهم الأولية وأن يطوحوا بها خلف ظهورهم طالما فرضت عليهم الوقائع ذلك، إنه، ببساطة، يقول إنك _كرائد أعمال_ إذا أردت النجاح حقًا فتخلص من أوهامك، وأبرز هذه الأوهام هو خطة العمل الأولية وحتمية التقيد بها. إن رائد الأعمال المحنك هو الذي يميل مع السوق ومعطياته حيث مال، ويتأقلم مع كل حادثة، ويصنع من قلب كل تغير فرصة، بذلك سيعبر إلى الشاطئ الآخر، وسيكون من الـ 10% الناجحين. اقرأ أيضًا: فن إحداث الفرق.. كيف يُغيّر المسوقون العالم؟ وإذا كانت الخطة الأولية وهم فإن المنتج الأصلي وهم هو الآخر، إن خضوع هذا المنتج الأصلي لعمليات التغيير والتطوير الدائمتين يعني أن من المتوقع أن يؤدي بنا المطاف إلى منتج جديد آخر مغاير تمامًا عما كنا ننوي إطلاقه في السوق. والحاكم الأساسي في عمليات تغيير المنتجات وتطويره هو تعليقات العملاء؛ فهي أهم من المنتج الأصلي، فإذا كنت تنوي تقديم منتج ما لبعض العملاء فلتقدمه لهم بشروطهم الخاصة ووفقًا لهواهم الشخصي.التنفيذ أهم من الفكرة! إذا تصورت أن ريادة الأعمال هي مجرد فكرة فريدة فحسب، فهذا محض وهم، فالتنفيذ، في كثير من الأحوال أهم بكثير من مجرد الحصول على الفكرة اللافتة. وعلى الرغم من ذلك، فإن الخطأ الجوهري _من بين أخطاء شتى_ الذي يقع فيه رواد الأعمال هو تصورهم أن الفكرة هي الأهم، في حين أن الفكرة الجوهرية، بحسب Howard Love؛ لا تمثّل أكثر من 5% فقط من نجاح المشروع وفكرته الأساسية. اقرأ أيضًا: التسويق والثروة.. التخطيط كحلقة وصل يقول: “90 % من الشركات الناشئة تحتاج إلى إجراء تغييرات جوهرية وكبيرة في الغالب على خطتها الأصلية”. فهل كانت فكرة شركة أوبر، على سبيل المثال، فكرة رائدة؟ بالقطع لا؛ فشركات سيارة الأجرة كانت موجودة _في الولايات المتحدة الأمريكية على الأقل_ منذ أمد طويل، ومن ثم فإن الذي أحدث الطفرة لدى هذه الشركة هو التنفيذ الجيد وليست الفكرة الرائدة. صحيح أن الفكرة الجيدة أمر مهم، وأنها تسبق ميلاد المشروع، لكن يجب أن تخضع هذه الفكرة ذاتها إلى تغيير جوهري كي نتمكن من تحويلها إلى مشروع مربح. “تُعد التكرارات أكثر من الفكرة الأصلية، وتحتسب الملاحظات أكثر من أرقام المبيعات، والمرونة وخفة الحركة أكثر أهمية من الالتزام بالفكرة الأصلية”. اقرأ أيضًا: عدوى التأثير.. 6 أسباب وراء انتشار منتجاتكإطلاق المنتج بين التسويف والكمال من بين أبرز أوهام ريادة الأعمال تأجيل إطلاق المنتج لحين وصوله إلى مرحلة الكمال، لكن كيف يصل المنتج إلى الكمال أصلًا بدون إطلاقه في السوق؟! إن الآلية الوحيدة التي يمكن للمنتج أن يكون كاملًا ومثاليًا بها هي أن يتم إطلاقه في السوق، وملاحظة تعليقات العملاء عليه _سواءً كانت إيجابية أو سلبية_ ثم محاولة إجراء التعديل اللازم على المنتج. وليكن منا على بال، أن المنتج الأصلي سيخضع لعمليات تعديل وتطوير شتى قبل أن يصل إلى شكله النهائي، وقبل أن يكون مثاليًا، فمن الواجب أن نعجل بإطلاق المنتج في السوق وليس العكس؛ فحين نطلقه في السوق لأول مرة فإننا نضعه موضع اختبار، وسنطوره مرات ومرات حتى يصل إلى مرحلة الإشباع التام لرغبات واحتياجات العملاء. ومن ضمن أوهام ريادة الأعمال ذائعة الصيت الظن بأن هذا المنتج الأصلي يجب أن يحقق نجاحًا، في حين أن العكس هو الصحيح، فأغلب المنتجات الأصلية/ الأولية لا تحقق نجاحًا يُذكر، لكنها، في ذات الوقت، تقدم ميزة مهمة، فهي تُعلمنا الطريق الذي يجب أن نسلكه كي نصل إلى المنتج الذي يجلب الربح ويحقق الثروة. وعلى ذلك، فإن المنتج الأصلي ليس أكثر من أداة، اختبار، نعرف من خلاله ما يجب علينا فعله، وأغلب المنتجات النهائية لا تمت إلى المنتج الأصلي الذي تطورت وانبثقت عنه بصلة. اقرأ أيضًا: التسويق عن بعد.. 5 طرق لأداء ناجح “إن بدء التشغيل هو اختبار التحمل. إنه مرهق للغاية جسديًا وماليًا وعاطفيًا؛ لذلك، يحتاج رواد الأعمال إلى تسريع أنفسهم”. ذلك لأن عملية إطلاق المنتج، وتشغيل المشروع هي بداية العمل الشاق والمضني، الوصول إلى مرحلة الراحة وجني الأرباح ليس في هذه المرحلة تمامًا.إيجابية الفشل وجدواه من بين أوهام ريادة الأعمال التي يجب الخلاص منها هو أن الفشل مرهق ومحبط، في حين أنه في الحقيقة ليس كذلك، إنه آلية مثالية تُعلم رواد الأعمال ما يتوجب عليهم فعله. هذا الفشل الذي يتحدث عنه Howard Love نوعان؛ أحدهما: فشل تكتيكي أي في التسويق، المبيعات، المنتج ذاته. وهذا النوع من الفشل يجب احتضانه، والتعلم منه؛ كي لا نقع في النوع الثاني من الفشل، وهو ذاك الفشل الكارثي الذي يؤدي إلى انهيار المؤسسة بشكل عام. اقرأ أيضًا: العمل في زمن ريادة الأعمال.. تأملات فيما بعد الكورونا ما وراء خطة العمل.. مهارات يحتاجها رواد الأعمال حقًا فرضية المبدع.. دفاعٌ عن الأفكار السريعة والرخيصة
مشاركة :