د. نصار عبدالله يكتب: مدبولي يواجه الكورونا بالكورونا

  • 4/18/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

فى أحد تصريحات الدكتور مدبولى رئيس الوزراء (سمعتها بنفسى عبر وسائل الإعلام وهو يقولها بصوته وليس من خلال متحدث رسمى)، قال سيادته إن كل من سيخالف التدابير الاحترازية المقررة لمواجهة وباء الكورونا سوف يتعرض للعقوبة وهى الغرامة، وقد تصل العقوبة إلى الحبس...الجزء الأول من الكلام معقول، ومطلوب، وواجب، أما الجزء الثانى فهو أقرب ما يكون إلى الهزل، لأن السجون المصرية فى حالتها الراهنة هى البيئة المثلى لنشر الكورونا، بل لنشر سائر الأمراض المعدية بلا استثناء، اللهم إلا إذا كان الدكتور مدبولى لا يعلم شيئا على الإطلاق عن أحوال السجون فى مجملها كما هى فى الطبيعة وليس تلك العينة الوردية التى يتم إعدادها كلما طلب زيارتها وفد دولى أو جمعية من جمعيات حقوق الإنسان، حيث تختفى بقدرة قادر العنابر القذرة ودورات المياه المنتنة، وتطلى حوائط العنابر بطلاء مشرق وتستجلب الملاءات النظيفة التى سوف تستخدم لمدة 24ساعة أو 48ساعة تبعا لمدة الزيارة، ويلقن المسجونون ما ينبغى عليهم أن يقولوه وما يتعين عليهم أن يتجنبوا ذكره، وذلك كله مقابل وعود بتحسين المعاملة والتعيين وظروف السجن عموما بل العمل على استصدار عفو رئاسى وإخلاء السبيل قبل نهاية المدة (وهى وعود لا يتحقق منها عادة أى شىء!! وتتبخر بمجرد انتهاء الزيارة وتحقيق المراد)..هل يعلم الدكتور مدبولى أن عدد السجناء فى مصر يبلغ حاليا 115000 (مائة وخمسة عشر ألف سجين ما بين سياسى وجنائى؟، والكورونا بالمناسبة لا تفرق بين النوعين، (وإن كانت وزارة الداخلية تفرق، حيث يلقى المسجون الجنائى معاملة أفضل فى معظم الحالات).. أفهم جيدا أن يتكلم الدكتور مدبولى عن الغرامة وأن يذكر أنها 4000 جنيه، وإن كنت أفضل أن يكون هذا المبلغ هو الحد الأدنى وحبذا لو كان الحد الأدنى أكبر من ذلك مع النص على أنها عقوبة لا تسقط بالتقادم وأنها سوف تحصل ولو بعد عشرين عاما مع حساب فروق التضخم.. أفهم ذلك كله لأن المسألة هى مسألة حياة أو موت.. لكن مالم أستطع فهمه هو التهديد بالحبس أى ببساطة التهديد بتعريض المخالف لبيئة قد يتعرض فيها هو نفسه للإصابة بالكورونا!!، وكأن لسان حال مدبولى يقول: لا يفل الكورونا إلا الكورونا..كنت أتمنى من رئيس الوزراء أن يعمل على استصدار عفو رئاسى عن جميع السجناء ما عدا الخطرين جدا، وبذلك يقل أو ينعدم التكدس فى السجون فيصبح مثلا زنزانة واحدة أو حتى عنبر كامل لكل سجين من هؤلاء الخطرين، على أن تحدد إقامة المفرج عنهم فى منازلهم ولا يغادرونها لأى سبب من الأسباب سوى العلاج فى مستشفى ما إذا استلزم الأمر.. وعلى أن تتولى الجهات الأمنية التتميم فى زيارات مفاجئة على عينات عشوائية من بيوت المفرج عنهم فإذا تبين أن واحدا منهم قد غادر منزله فى غير الحالات المسموح فيها بالمغادرة يحال إلى محاكمة عسكرية فورية وتكون العقوبة الواجبة هى الإعدام، وينفذ الحكم فور تصديق رئيس الجمهورية عليه، حتى لو كانت العقوبة المحكوم بها عليه قبل الإفراج الرئاسى هى مجرد الحبس البسيط، ونظرا لفداحة هذه العقوبة الأخيرة، يتعين أن يكون من حق السجين أن يخير قبل الإفراج عنه بعفو رئاسى بين أن يكمل مدته المحكوم بها عليه أو أن يفرج عنه بالشروط سالفة الذكر، ويظل محبوسا فى بيته إلى أن تنتهى أزمة الكورونا أو أن تنتهى مدة حبسه أوسجنه الأصلى فتطبق عليه فى هذه الحالة ما يطبق على سائر المواطنين وهى الغرامة إذا ما خالف شروط الحظر المفروض على سائر المواطنين.. وتبقى بعد ذلك بعض التفاصيل لبعض الحالات التى ينبغى أن يضعها المشرع فى حسبانه وأن يضع لها الحلول المناسبة، مثلا ألا يكون للمسجون محل إقامة، كأن يكون واحدا من المشردين، وقد يكون الحل المناسب لمثل هذه الحالة أن تعمل دولة على توفير ملجأ كريم يؤويه مع التكفل بنفقات حياته إلى أن تنجلى المحنة، فإذا كانت إمكاناتها لا تسمح بذلك فإن الحل الوحيد المتاح هو أن يبقى للأسف فى السجن، ومع هذا ورغم أمثال هذه الحالات فإن التكدس فى السجون سوف يقل إلى الحد الذى تتطلبه منظمة الصحة العالمية وربما أقل. أما أن نضيف إلى المسجونين أعدادا جديدة فهذا يا دكتور مدبولى هو اللا معقول بعينه.[email protected]

مشاركة :