إن حقيقة موت المسيح ودفنه وظهوراته والقبر الفارغ ، تؤكد كلّها مجتمعة قيامته. فيسوع ، ابن الله المتجسّد ، مات على الصليب فداءً عن خطايا البشرية جمعاء ، وصالح الله بدمه مع كلّ إنسان لكي نعيش المصالحة مع الله وبعضنا مع بعض ، وقام لتبريرنا (روم 4 : 25) ، وإعطائنا الحياة الجديدة ، هي الحياة الإلهيّة فينا ، هذه أبعاد إعلان الملاك للنسوة في فجر أحد القيامة: " لا تخفنَ ، أتطلبنَ يسوع الناصري الذي صُلب ؟ لقد قام وليس هو هنا " (مر 16 : 6) . ونحن بدورنا نعلن هذه البشرى للعالم أجمع بتحية العيد : المسيح قام ! حقّاً قام ّ ! ."أتطلبن يسوع الذي صُلب؟ لقد قام وليس هو هنا" هذه شهادة الملاك للنسوة . لكن القيامة في الأساس هي شهادة الله عن يسوع المسيح ، يؤكدها بطرس الرسول بقوله: " يسوع الناصري الذي قتلوه إذ علّقوه على خشبة ، أقامه الله في اليوم الثالث ، ونحن شهود على ذلك" ( أعمال 2 : 32 ، 10 : 38 – 40 ) . وبولس في أريوباغس أتينا : "أقامه الله من بين الأموات وجعله ضمانة لنا " ( أعمال 17 : 31 ) ، ضمانة لقيامتنا الروحيّة بالتوبة ، والحسّية بقيامة الأجساد ، وضمانة لحقيقة المسيح ولأصالة شخصه ورسالته. هذه الضمانة تستمر في العالم بعمل الروح القدس ألذي " يبكّت العالم على الخطيئة لأنهم لا يؤمنون بيسوع ، وعلى صلاحه لأنه مضى إلى أبيه ، وعلى الدينونة لأن سيد الشرّ في هذا العالم قد حُكم عليه " ( يو 16 : 8-11) . يعتبر القديس بولس أن قيامة المسيح هي الأساس الذي يقوم عليه بناء الإيمان المسيحي : " لو لم يقم المسيح ، لكان إيماننا باطلاً ، ولكنّا شهوداً كذبة ولحسبنا نفوسنا أشقى الناس " ( كور 16 : 14- 15 و19) . المسيح بقيامته ، أصبح سلامنا ( أف 2: 14 ) وأساس البنوّة لله والأخوّة بين الناس . فمن بعد قيامته وفي ظهوراته راح يستعمل لفظة الأخوة والبنوّة والسلام . لمريم المجدلية ألتي كانت تبكي أمام قبره صباح أحد القيامة ، وظهر لها ، قال " إذهبي إلى إخوتي ، وقولي لهم : إني صاعد إلى أبي وأبيكم ، إلهي وإلهكم " (يو20 : 17) . بالمسيح أصبح جميع الناس إخوة ، وبالمسيح إبن الله الأزلي أصبح جميع المؤمنين أبناءً لله ، بهذه الهوية نحن نؤمن ، وفي سبيلها نعمل ، وإيّاها نُعلّم . وفي كل مرّة كان يظهر لرسله ، على مدى أربعين يوماً ، كان يبادرهم بتحية : "السلام لكم " ( يو 20 : 19 و 26) ، وكان مع سلامه يعطيهم الطمأنينة والسكينة الداخلية ، وينتزع من قلوبهم الخوف ، ويُجري الآيات ، ويُشدّدهم في رسالتهم . سلام المسيح، هو ثقافتنا التي ننشرها ، وخيارنا الدائم الذي نتقيّد به ، لأنّ البنوة لله نحقّقها بأفعال ومبادرات السلام ، عملاً بقول المسيح الرب : " طوبى لفاعلي السلام ، فهؤلاء أبناء الله يُدعون " ( متى 5 : 9 ).قيامة المسيح من الموت ، هي ضمانة قيامة القلوب من موت الخطيئة والشرّ. المسيح حيّ : حاضر في الكنيسة ، وفاعلً في العالم حتى نهاية الأزمنة (متى 28: 20 ) . حاضر وفاعل بكلامه الحيّ ، وبجسده ودمه في سرّ القربان ، وبنعمة الأسرار ، وبروحه الحي القدّوس الذي يحقّق في المؤمنين ثمار الفداء والخلاص .المسيح القائم من الموت قريب من كلّ إنسان ، ومعاصر له . فهو الربّ ألذي "هو كائن وكان و سياتي" ( رؤيا 1: 4 ) . والذي تناديه الكنيسة وكلّ مؤمن ومؤمنة ، في كل يوم : " تعال ، أيها الربّ يسوع " ( رؤيا 22 :20 ) ، ولك المجد والتسبيح أبد الدهور ، آمين المسيح قام ّ حقّاً قام !وبهذه المناسبة المباركة ، نوجه الشكر والتقدير لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وللحكومة الرشيدة ، وجيشنا العظيم على المجهودات التي طالت كل أبناء الوطن ، ولا ننسى الأطباء وهيئات التمريض وكل الذين يواكبون بالخدمة والروح الإنسانية كل شرائح المجتمع المصري حفاظاً على سلامة الوطن والمواطن .سائلين الرب الإله الخلاص والسلامة لنا جميعاً وكل عام وانتم بخير † المطران جورج شيحانمطران القاهرة لمصروالسودان والزائر الرسولى على شمال افريقيا
مشاركة :