في مطلع تسعينيات القرن العشرين ، قدمت المخرجة إيناس الدغيدي للسينما المصرية فيلم " إمرأة واحدة لا تكفي" بطولة الراحل أحمد زكي، و ترتكز فكرة الفيلم علي إحتياج الرجل الدائم لأكثر من إمرأة فهو يضعف أمام المثيرة "فيفي عبده" ويحب المثقفة " سماح أنور" وتفتنه الارستقراطية " يسرا" ، وينتهي الفيلم بتأكيد احتياج البطل/الرجل للثلاثة نساء، وبعد مرور ما يقرب من ربع قرن من انتاج الفيلم ، يرى الكثيرون أن المرأة باتت في إحتياج لأكثر من رجل ( والاحتياج هنا ليس بالضرورة جنسي) بل هناك أدوار لا يمكن للزوج أن يملؤها ، ولا تستقيم الحياة (في عصر الحداثة بدونها) فهل يقبل الرجل هذا التحدي؟السؤال الذي يفرض نفسه على الجميع لماذا تبحث المرأة عن شريك على الرغم من إرتباطها بزوج/شريك partner/boyfriend/husband ؟ والإجابة عن هذا السؤال تتطلب مزيدًا من التفاصيل، هناك عدد من النظريات التي ناقشها علماء النفس والاجتماع والتي تحاول طرح تفسير لتلك الظاهرة القديمة/ الجديدة خاصة مع الارتفاع الزائد في نسبة النساء الباحثات عن other man إلى جانب الزوج/الشريك، وقبل أن أعرض تلك النظريات ، أود أن الفت النظر إلى احدى الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة والتي رصدت زيادة 40% في نسبة النساء (الباحثات عن شريك ثان) cheating wives بينما ظلت نسبة الرجال كما هي ثابته منذ التسعينيات ، فما الأسباب التي أدت إلى الزيادة وما النظريات التي تفسر ذلك السلوك القديم/الجديد؟ النظرية الأولي لداروين التي تفسر ذلك السلوك والتي يعرضها علم نفس التطور Evolutionary Psychology هي نظرية بحث الانثي في عالم الحيوان وعالم الإنسان عن الامتيازات الجينية Genetic Benefits والمنافع المادية Resource Benefits فسلوك الانثي ، كما يرى علماء النفس وعلماء الأنثروبولوجيا، متشابه سواء في عالم الحيوان أو عالم الإنسان ، فكما تبحث ملكة النحل عن أقوى الذكور لتلقيحها وتخرج في سباق لا تقبل فيه إلا أقواهم ، كذلك الأنثى في عالم البشر تبحث عن المتميز في الذكور (وهذا ما قد يفسر لمَ تميل النساء إلي الانجذاب إلى الرجل الطويل لا القصير والرياضي لا المريض )، فالأنثي ترى في القوة البدنية للذكر جينات يمكن نقلها إلي أطفالها مستقبلًا ، أما نظرية المنافع المادية فهي تفسر لنا لمَ تميل النساء إلى الزواج من الثري الذي يستطيع أن يمدها بكل احتياجاتها المادية.النظرية الثانية نظرية الحاجات needs فالاحتياجات عند الأنثي وكذلك الذكر كثيرة منها الاحتياجات المادية والنفسية والاجتماعية والذهنية ومن العسير علي الرجل بشكل عام أن يمد انثاه بكل ما تريد من احتياجات بشكل دائم خاصة في العلاقات طويلة المدى long-term relationships ، فتعدد احتياجات الأنثى يجعلها في بحث دائم عمن يشبع تلك الحاجات فوفقًا للنظرية الداروينية السابق ذكرها ترتبط الأنثى بمن يؤمن لها إمتيازات جينية أو مادية ، إلا أنها تبحث عمن يملأ باقى الفراغات داخلها وتلك الفراغات لا يمكن ملؤها إلا عن طريق تكوين صداقات مع شخصيات تستطيع ملء الفجوات النفسية داخلها وهنا يبرز دور الصديق/ الصاحب من الجنس الآخر الذي يسد فراغا لا يملاه الزوج / الحبيبالنظرية الثالثة وهي نظرية البحث عن التجديد Novelty theory والتي تفسر لماذا تلجأ النساء إلي البحث عن أصدقاء جدد بعد مرور فترة طويلة من الزواج (قدرها بعض الباحثين بعشر سنوات في المتوسط) حيث تصاب النساء بالملل ويصبح نموذج الزواج رتيبًا خانقًا حبيس فكرة المسئوليات والواجبات فالصداقة هنا نوع من انواع التنفيس وإخراج الطاقة السلبية وإدارة القلق النفسي وهي هنا (من وجهة نظر المرأة ) مثل التمرينات الرياضية أو اليوجا تزيد من تحمل الأعباء وتخفف من الضغوط النفسية أو كما أن هناك نظرية الاستكشاف Exploration theory والتي تجعل الأنثى شغوفة بمعرفة العديد من الأصدقاء الذكور كأشباع لحالة الشغف والفضول بداخلها وكتطلع لإنشاء علاقة وثيقة مع أصدقاء عدة من الجنس الآخر.النظرية الرابعة نظرية التمرد الاجتماعي Social rebellion Theory والتي ترى أن سلوك الانثى في مصادقة الذكور بجوار الشريك تعبير عن رفضها لمنظومة التميز الذكوري التي تجعل الرجل يفاخر بعلاقاته النسائية بينما تخجل المرأة من التعبير عن أي من احتياجاتها الأساسية في الحياة لذا فالمرأة تعبر عن الظلم الاجتماعي والتاريخي الذي تعرضت له من خلال إقامة صداقات ( بريئة في أغلب الأحيان) إلا أنها قد تتطور كمقدمات لعلاقات بها العديد من التجاوزات.وفي الختام ، أبرزت كثير من الأبحاث واستطلاعات الرأي أن رغبة المرأة في تكوين صداقات حميمة مع الجنس الآخر لا يتناقض مع حبها لشريكها أو رغبتها في الانفصال عنه.ويبقي السؤال الأهم والأكبر هل تعد الخيانة الزوجية خيارا شخصيا ؟ هل يتحمل مسئوليتها طرف واحد ؟ هل حقًا الطرف الذي ارتكب الخيانه هو طرف آثم جانٍ أم هو مجني عليه وضحية؟ هذا هو موضوع المقال القادم ..
مشاركة :