لم تترك دولة الإمارات العربية المتحدة مجالاً لأي ثغرات في تشريعاتها وإجراءاتها التنفيذية في المجالات كافة، وخاصة تلك التي تتعلق بحقوق العاملين والموظفين فيها، من مواطنين ومقيمين، فضمنت لهم ظروفاً إنسانية واقتصادية واجتماعية وصحية، تتماهى مع أفضل الممارسات العالمية في هذا الخصوص، ففي «زمن كورونا» تم العمل على صياغة إجراءات واعتماد قرارات لا يمكن إلا أن توصف بأنها تراعي مصالح أطراف علاقة العمل، وتضمن للعمال العمل في ظروف تتواءم مع الإجراءات الاحترازية المتخذة، بكل دقة وشفافية ومساواة. ولأن الجميع أمام القانون سواء، اتخذت دولة الإمارات خطوات عدة للحفاظ على سوق العمل وحقوق العمال في القطاع الخاص، من مواطنين ومقيمين، تماشياً مع التغيرات التي طرأت على سوق العمل بسبب وباء كورونا، أبرزها: العمل عن بُعد، وتقليل أعداد الموظفين في أماكن العمل، وتعليق استقبال المتعاملين في مراكز الخدمة مؤقتاً، ونشر التوعية بين العاملين في القطاع الخاص بمختلف فئاتهم المهنية، إلى جانب إتاحة الإجازة المبكرة للعاملين في القطاعات الأكثر تضرراً، وهي خطوة تضمن استقرار العاملِين النفسي والأسري، وتحميهم من التعرض لمخاطر الفيروس، وتحفظ لهم في المقابل حقهم في العودة إلى أعمالهم بعد أن ينقشع المرض. وزارة الموارد البشرية والتوطين أثبتت في «هذه الظروف قدرتها على اتخاذ خطوات ملموسة لتخفيف العبء عن العاملين وأرباب عملهم، حيث أطلقت مبادرة «من أجل العمالة في الإمارات»، تتيح بموجبها لطرفي العلاقة التعاقدية، الاتفاق على مدة الإجازة المبكرة، بحيث تسلم الشركة العامل تذكرة سفر للذهاب والعودة، كما قررت الوزارة في سياقات متصلة تمديد إقامات العمال العائدين إلى دولهم تلقائياً إذا انتهت وهم خارج الدولة، إضافة إلى تعديل عقود العمل بشكل مؤقت بالتراضي، مع مراعاة الظروف الحالية، كما أتاحت للشركات تسجيل العمالة الفائضة لديها في منصة سوق العمل الافتراضي لتوفير فرص عمل لها خارج المنشأة، مع الالتزام بتوفير جميع الالتزامات التعاقدية لحين الانتقال المؤقت إلى جهة عمل أخرى. كما حصلت المدن العمالية في الدولة على حقها بحملات التعقيم على مدار الساعة لجميع المناطق التي يرتادها العمال، فضلاً عن الأنشطة الترفيهية التي تم وقفها لعدم انتشار فيروس كورونا المستجد بين العمال، وتوفير غرف للعزل الصحي في حال وجود حالات اشتباه في المدن العمالية، إلى حين نقلها إلى أماكن الحجر الصحي المعتمدة من الجهات الرسمية، فضلاً عن إقامة حملات توعوية، تتكامل مع الجهود الوقائية في مختلف أنحاء الدولة، والتي تتعلق بتوفير صناديق معقمات اليدين، وتنفيذ التباعد الاجتماعي، وارتداء الكمامات والقفازات، وغير ذلك من إجراءات تحفظ صحة وسلامة الإنسان، من خلال تطبيق اشتراطات السلامة الصحية، وخاصة للعمال في مواقع عملهم وسكنهم. هذه الإجراءات وغيرها تؤكد حرص دولة الإمارات على تقديم كل الضمانات للعاملين فيها، لذلك، وعندما تفكر الجهات المعنية بدراسة الخيارات التي تعيد بموجبها شكل التعاون والعلاقة في العمل مع الدول المرسلة للعمالة، التي ترفض استقبال رعاياها العاملين في القطاع الخاص في دولة الإمارات، والراغبين في العودة إلى بلدانهم، وضرورة أن تتحمل الدول المرسلة للعمالة، مسؤولياتها حيال رعاياها العاملين في الدولة، فإن ذلك ينسجم أولاً وأخيراً مع مراعاة دولة الإمارات للعديد من القضايا: الأولى أن عودة الإنسان لوطنه حق كفلته الدساتير وضمنته الشرعية الدولية لحقوق الإنسان، والثانية أن هذه الخيارات تنسجم مع الإجراءات الاحترازية المتخذة للوقاية من فيروس كورونا، والثالثة أن دولة الإمارات تمارس كل السلوكيات الإنسانية التي توفر الرعاية الكاملة للمواطنين والمقيمين على أراضيها من دون تمييز، والرابعة وليست الأخيرة، أن دولة الإمارات من أوائل الدول التي أسرعت إلى توفير السبل كافة لعودة مواطنيها إليها، انطلاقاً من المعايير الدستورية والحقوقية الخاصة بهذا الشأن. *عن نشرة «أخبار الساعة» الصادرة عن مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاسترالتيجية.
مشاركة :