تبني الأمم سمعتها بالصورة الجيدة والقوة العسكرية والاقتصادية. وفي عالم اليوم، على الأقل في 2020، عام تفشي فيروس كورونا المستجد، أصبحت قوة الإقناع أكثر أهمية من القوة العسكرية. وليس من المستغرب أن يتحوّل الوباء بسرعة إلى حرب صور ودعاية. ويصرّ الرئيس دونالد ترامب، على سبيل المثال، على وصف الوباء بأنه «الفيروس الصيني». والدعاية الصينية، من جانبها، تعيد كتابة التاريخ وتجعل الفيروس يولد في إيطاليا. وإذا جاء علاج الوباء من الصين، فسيكون أكبر صفعة للهيمنة الأميركية منذ أن أرسل الروس أول رجل إلى الفضاء. وتبذل الصين جهوداً كبيرة من الدبلوماسية الطبية، وهي تقدّم بالفعل موارد بشرية ومادية لبقية العالم. وكانت بكين، وليس واشنطن أو أوروبا، هي التي زودت إيطاليا بالإمدادات الطبية. وستتلقّى كندا ملايين الأقنعة من الصين، وهي ردّ للجميل، بعد المساعدة الكندية لمدينة ووهان، في فبراير. وحتى أن الصين قد بذلت جهوداً لإرسال آلاف من أجهزة التنفس الصناعي إلى ولاية نيويورك، المركز الأميركي لـ«كوفيد 19». ومن أجل تلبية الاحتياجات، زادت الصين إنتاجها اليومي من الأقنعة، خمسة أضعاف، خلال الشهر الماضي. وفي قلب هذه الحرب الجديدة والباردة للغاية، ثمة سباق لقاحات. وقد ترك العلماء الصينيون انطباعاً جيداً، من خلال نشر جينوم الفيروس، بسرعة. وهي طريقة لإظهار قيادة الصين، بينما تغلق الولايات المتحدة الحدود على الأجانب. لذا فإن اكتشاف الصينيين للقاح ضد «كورونا»، من شأنه أن يمنح بكين السلاح الأقوى، في هذه الحرب الدبلوماسية. وبالإضافة إلى السمعة، يعتقد الكثيرون أن الدولة التي تكتشف العلاج أولاً، ستتحكم في المشهد على المدى القصير. وقد يكون مثل هذا الاحتمال علامة بارزة أخرى فيما يسميه الكثير بالفعل تراجع الإمبراطورية الأميركية. وستضر الأزمة الحالية بسمعة الولايات المتحدة. كما ستسلط الضوء على بعض أكبر نقاط ضعفها. العزلة المحتملة على مدى السنوات القليلة الماضية، فقد الأميركيون شهيتهم على المسرح الدولي، علمياً واقتصادياً. وعندما ظهر فيروس نقص المناعة البشرية لأول مرة، كما هي الحال خلال الأزمة الاقتصادية لعام 2008، تحولت الأنظار إلى الولايات المتحدة لتنظيم الاستجابة الدولية. واختار الأميركيون، اليوم، رئيساً ركّز خلال حملته على الهوية القومية، ووعد بوضع حد للعولمة. وتشبه أميركا تلك الإمبراطوريات المهيمنة، في الماضي، والتي أصبحت غير قادرة على السيطرة على كامل أراضيها الشاسعة. وفي الوقت نفسه، زادت الصين استثماراتها في الدبلوماسية الدولية، وعلى سبيل المثال، مساهماتها في الأمم المتحدة، واستثمارها في قوات السلام، وضاعفت وجودها الثقافي من خلال معاهد «كونفوشيوس»، في أنحاء مختلفة من العالم. غياب المساواة لا يستفيد جميع الأميركيين من الرفاهية، بالتساوي، إذ تعيش نسبة كبيرة منهم في ظروف غير مستقرة، ويحد النظام الصحي الخاص من الحصول على الرعاية. ومع وجود أغلبية الأميركيين الذين لديهم تأمين من خلال أرباب عملهم، فإن موجة التسريح من العمل المتعلقة بالحجر الصحي، مسألة تدعو للقلق. كما أن النظام الأميركي لا مركزي للغاية، ما يحد من قدرة الدولة على تطبيق توجيهات واضحة من قبل سلسلة من الهيئات المستقلة. في الواقع، يُشكل الأميركيون من أصل إفريقي، ثلث حالات دخول المستشفيات، بينما يشكلون 13٪ فقط، من مجموع السكان. وهذه الفجوة واضحة أيضاً في الوفيات، ولاتزال الولايات المتحدة واحدة من الدول الصناعية القليلة التي لا تقدم إجازة مرضية. باختصار، في مواجهة عدوى محتملة، فإن العديد من الأميركيين، الذين لا يحق لهم الحصول على إجازة مدفوعة الأجر، ويخشون فقدان وظائفهم، سيذهبون للعمل ويساعدون في نشر هذا الوباء. إدارة الموارد زاد الأميركيون إنفاقهم العسكري بشكل ملحوظ بعد الـ11 من سبتمبر 2001، وبما أن الولايات لديها ميزانيات محدودة، كانت القطاعات الأخرى تعاني نقص التمويل خلال الفترة نفسها، والعلم والبحوث هما من القطاعات التي تأثرت، وعلى سبيل المثال، تم تخفيض ميزانية مكافحة العدوى بمقدار الثلث، منذ عام 2010. وفي العام نفسه، تجاوزت الصين الولايات المتحدة في عدد الباحثين. ومن المفارقات، قامت إدارة ترامب، في مايو 2018، بإلغاء مكتب الاستعداد للطوارئ في محاولة لتقليل التكاليف. ويبدو أن أغنى دولة أخطأت العدو، وستكون المدرعات عديمة الجدوى، في وقت استنفذت فيه طاقة النظام الصحي، وقد يساعد هذا الوباء على إعادة ترتيب الأولويات الأميركية. ربما لن يكون هناك سوى فرصة للأميركيين للتشكيك في مصيرهم الواضح في مواجهة الدول التي تمكنت من إدارة الوضع بشكل أفضل، وعاملت مرضاها بشكل أفضل واصطفوا معاً وراء القادة الذين هم أكثر توحيداً لشعوبهم. إذا جاء علاج الوباء من الصين، فسيكون أكبر صفعة للهيمنة الأميركية منذ أن أرسل الروس أول رجل إلى الفضاء. زاد الأميركيون إنفاقهم العسكري بشكل ملحوظ بعد الـ11 من سبتمبر 2001، وبما أن الولايات لديها ميزانيات محدودة، كانت القطاعات الأخرى تعاني نقص التمويل خلال الفترة نفسها، والعلم والبحوث هما من القطاعات التي تأثرت، وعلى سبيل المثال، تم تخفيض ميزانية مكافحة العدوى بمقدار الثلث، منذ عام 2010. لا يستفيد جميع الأميركيين من الرفاهية، بالتساوي، إذ تعيش نسبة كبيرة منهم في ظروف غير مستقرة، ويحد النظام الصحي الخاص من الحصول على الرعاية.ShareطباعةفيسبوكتويترلينكدينPin Interestجوجل +Whats App
مشاركة :