الموت هو أحد الأشياء التي حدوثها مؤكد، وهو واحد من أسرار الماضي، ويبقى بلا تفسير، بغض النظر عن التقدم العلمي الضخم، أما عن ماذا يشبه الموت؟فهناك نظريات حول أضواء بيضاء ورؤية أحداث حياتك أمام عينيك بشكل سينمائي.والتشبيهات القليلة التي نعرفها عن طريق أشخاص ماتوا طبيا ثم عادوا للحياة من جديد، وبعضهم استطاع أن يجيب عن السؤال الصعب "ماذا يشبه الموت"؟ والأجوبة مختلفة كثيرًا عن بعضها!_الموت.. هو اللغز الأكبر الذي شغل البشرية منذ ظهورها.. وكان الخوف مما بعد الموت هو المحك الرئيسي لنشوء المعتقدات التي تجعل من الموت بداية لحياة أخرى..فكانت هذه المعتقدات بذاتها نواة ارتكزت عليها “الأديان المنظمة” بعد ذلك.في حياة كل إنسان منا لحظة لا تعود الحياة بعدها كما كانت!_لا شك أن كل واحد منا قد جرب توديع عزيز عليه في رحلة سفر إلى مكان آخر.. ما الذي يشعر به في تلك اللحظات؟تختلط المشاعر، فقد تكون حزنًا يرافقه بعض الفرح أو كلاهما، وقد يكون حزنًا طاغيًا يجتاح الروح ويجعل الدموع مطرًا متساقطًا يحفر أخاديده على الخدين..كلنا جرب تلك اللوعة ومشاعر الاكتئاب.. وهو توديع عزيز قد نراه مرة أخرى ونجتمع به إذا طالت فسحة الحياة..لكن.. ما بالك بالموت هذا السفر الطويل الذي لا عودة منه؟أحسب أن المعادلة ستختلف في تلك اللحظة.. بل مؤكد أنها تختلف.. تاريخ من الروابط والذكريات التي تجمعنا بالميت سترحل معه ولا نستطيع الإمساك بها إلا في زوايا الذاكرة..في الحالة الأولى: تتمنى أن تكون برفقة من جئت تودعه في رحلته.. وفي الحالة الثانية: ورغم حبك لمن مات فإنك تتشبث وبكل قواك بمكانك.. وينتصب الخوف بقامته الطويلة.. الخوف – كما قال لوكريتس- أول أمهات الآلهة، وخصوصًا الخوف من الموت..فقد كانت الحياة البدائية محاطة بمئات الأخطار وقلّما جاءتها المنية عن طريق الشيخوخة الطبيعية، فقبل أن تدب الشيخوخة في الأجسام بزمن طويل كان كثرة الناس تقضي بعامل من عوامل الاعتداء العنيف أو بمرض غريب يفتك بها فتكًا، وهنا لم يصدق الإنسان البدائي أن الموت ظاهرة طبيعية وعزاه إلى فعل الكائنات الخارقة للطبيعة..لقد كانت أهم ما تعلقت به أنظار الإنسان البدائي – إضافة إلى الموت – وما استوقف أنظاره بسره العجيب هو الأحلام.."كم هالني شبح الظلام وراعني صمت القبور"وأراني بعد هذه الروح الثائرة على عتبات الدنيا ومشارف الآخرة أردد قائلًا:"لا أخاف من الموت وإنما أخاف أن أموت قبل أن أحيا".
مشاركة :