«داعش» يستغل «كورونا» لإحياء أفكاره الإرهابية

  • 4/20/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

عاد تنظيم داعش للظهور الإعلامى من جديد، مستغلا الحالة الاستثنائية التى يعيشها العالم، في توجيه رسائل لأتباعه، ظاهرها في الرحمة وباطنها من قبله العذاب.التنظيم الإرهابى الأشهر والأكثر دموية، في السنوات العشرين الأخيرة، حاول من خلال فيديوهات ادعى أنها تهدف إلى توعية أتباعه بما يجب عليهم فعله في ظل وباء كورونا المنتشر عالميا، أن يوجه مجموعة من الرسائل إلى العالم.ويتفق الخبراء على أن التنظيم أراد أولا أن يؤكد أنه ما زال على قيد الحياة، ولديه أتباع يستحقون من حيث العدد والأهمية، أن يخاطبهم بالنصائح والإرشادات، كما أراد التنظيم جمع شتات أتباعه الذين تصوروا أن فترة التراجع الأخيرة إجبارية نتيجة خسائر التنظيم في سوريا والعراق، وحتى في ليبيا، لا سيما في ظل الانهيار الكبير داخل جماعة الإخوان، المرشد الأساسى للدواعش ولجميع الفرق الإرهابية عالميا.في الوقت ذاته وبحسب الخبراء فإن قطر وتركيا اللتين اعتادتا تمويل أى نشاط يمارسه تنظيم داعش الإرهابي، تسعيان من خلال إطلاق هذه الحملة الإعلامية للتنظيم، إلى استغلال الوباء في غسل عقول الإرهابيين، وإقناعهم بأن التوقف عن ممارسة الأعمال الإرهابية، هو مجرد هدنة بسبب ظرف دولى استثنائي، وليس نهاية لهذا التنظيم الذى أرعب العالم يوما ما. تركيا وقطر تمولان خطة داعش لاستغلال الوباء في غسل عقول الإرهابيين الإرهابيون يعتبرون «الولاء» عذابا أرسله الله للبشر خبراء: الإرهاب يريد تأكيد أنه على قيد الحياة وتراجعه يأتى بإرادته طه على: فيديوهات الإرهابيين نصائح دينية في ظاهرها رسائل مبطنة لأتباع التنظيم.ماذا فعل التنظيم؟تنظيم داعشى الإرهابي، أصدر فيديوهات يحث فيها عناصره على وقف عملياتهم الإرهابية بأوروبا، بل وعدم السفر إليها، كما نشر إرشادات دينية بشأن تجنب العدوى. إرشادات التنظيم شملت أن الأمراض لا تأتى من تلقاء نفسها، وأن الأصحاء لا يجب أن يدخلوا أرض الوباء، كما حث التنظيم أنصاره على غسل أياديهم، وتغطية أفواههم عند التثاؤب والعطس، مؤكدا أن الوباء عذاب أرسله الله. التنظيم أصدر بيانات بعنوان: «إن بطش ربك لشديد»، مستهدفا إقناع أتباعه بأن العالم الذى غضب عليه الله بهذا الوباء، يستحق إنزال العقاب والانتقام منه، ما يراه الخبراء محاولة جديدة لشرعنة وجود هذا التنظيم، وما يرتكبه من جرائم بحق البشر، هذا ما أوضحه عمرو فاروق الباحث في شئون التطرف والإرهاب.فاروق أشار إلى أن التنظيم أكد ضرورة أن يستمر عناصره في الجهاد، ولو بأبسط الوسائل المتاحة أمامهم، حتى يبقوا في دائرة رضوان الله التى تحميهم من الوباء من جهة، وكذلك تضعهم في منازل الشهداء إن قدر لهم الإصابة والموت، فضلا عن فكرة أخرى يريد التنظيم تأكيدها، وهى أنه ما زال على قيد الحياة.تغيير جذريويبدو أن وباء كورونا الذى يسيطر على حياة جميع دول العالم حاليا، لن يكون سببا في تغيير نمط حياة البشر كأفراد فقط، وإنما سيفرض عليهم العيش تحت وطأة نوع جديد من التوجيه الإعلامى فطن إليه من يديرون تنظيم داعش ويمولونه، وقرروا غزو العقول بمئات الآلاف من المعلومات الدينية مجهولة المصدر، والضغط بشكل يفشل معه المتابعون وحتى بعض المختصين منهم، في تحديد مصدر هذه المعلومات أو مدى صحتها، هذا ما أكده طه على الباحث في شئون الجماعات المتطرفة.وأوضح على أن العالم هذه الأيام يواجه تحديا استثنائيا، في ظل جائحة وبائية تهدد العالم، وهو ما تلقفته تركيا وقطر لإعادة الحياة لتنظيم داعش، ولو صوريا، حتى يمكن جمع العناصر الإرهابية التى أصيبت بالإحباط جراء الخسائر الفادحة التى يتكبدونها في كل مكان ولا سيما في الأراضى الأكثر اشتعالا هذه الأيام وهى ليبيا.وقال على إن الأمور التى بدأت تفلت من أيدى قادة الإرهاب في العاصمة الليبية طرابلس جراء الخسائر الفادحة التى يتعرضون لها بجميع محاور القتال، وهو ما أصاب قادتهم باليأس واستدعى بالتالى تدخل قطر وتركيا لتمويل فيديوهات تبدو في ظاهرها نصائح دينية، لكنها في الحقيقة رسائل مبطنة لأتباع التنظيم.وأضاف: «الخسائر الفادحة التى تتكبدها ميليشيات السراج المدعومة بالإرهابيين الدواعش الذين جلبهم الرئيس التركى أردوغان بجميع محاور القتال في ليبيا، أدت إلى تصاعد حالة تمرد غير مسبوقة بين المقاتلين، أجبرت قيادات هذه الميليشيات على التخلى عن الحذر والظهور في فيديوهات يحاولون من خلالها شحن طاقة أتباعهم وإعادة استقطابهم على طريقة داعش أثناء الخسائر التى تكبدها في أواخر أيامه بسوريا». ولفت إلى أن مدير المرصد السورى لحقوق الإنسان، رامى عبدالرحمن، أكد أن المقاتلين السوريين الذين دفعت بهم أنقرة إلى ليبيا يواجهون الموت، وهو ما أدى إلى حالة تمرد غير مسبوقة في صفوفهم، بعد أن شعروا بأنه تم التخلى عنهم، مشيرا إلى أن حديث مدير المرصد السورى لحقوق الإنسان، يؤكد أن الظهور المتزامن للفيديوهات الداعشية مع فيديوهات أخرى ظهر فيها قادة الإرهاب داخل ليبيا، وبخاصة سيف أبوبكر بولاد، السورى الجنسية، وأحد القادة الدواعش الذين انشقوا عن الجيش السوري، لقيادة ميليشيا «فرقة الحمزة»، التى تأسست في أبريل ٢٠١٦م، والموالية كليًا لتركيا، ليس مصادفة.وقال طه على: «هذا التغير في سلوك قادة الإرهاب الموجودين ضمن صفوف ميليشيات السراج، يكشف بجلاء عن حالة الارتباك التى يعانون منها نتيجة الخسائر التى يتعرضون لها، بشكل يوحى بقرب انهيارهم، وهو ما أدركته أنقرة والدوحة وتسعيان لوقفه».الإعلام سلاح العصرمن جانبه أكد وصف الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية، الإعلام بأنه سلاح العصر، مشيرا إلى أن هذا ما فطن إليه جميع القوى الدولية، ومنها بالطبع تنظيم داعش والجهات التى تقف وراءه.وقال: «رغم الحالة الاستثنائية التى يعيشها العالم فإن دولة ما زالت منقسمة فيما بينها، حول الجهود المطلوبة للقضاء على فيروس كورونا، الذى أصبح شبحا قادرا على اختراق أعتى الحصون والدفاعات البشرية، حتى وصل إلى كبار قادة دول العالم المتقدم».وأضاف: «الحروب السياسية المترتبة على اختلاف المصالح بين القوى الكبرى، لم تتوقف وإن اتخذت منحى غير معتاد، فشاهدنا الولايات المتحدة والصين تتبادلان الاتهامات حول المسئولية عن انتشار هذا الوباء، ووجدنا الدولتين تشاركان أيضا في صراع شرس لكن هذه المرة مع عدد آخر من الدول، يستهدف فيه كل منها إقناع العالم بأنه القادرة على توفير العلاج الناجع وإنقاذ الموقف، وفى الوقت ذاته تسفيه أى محاولة يبذلها الآخرون».وتابع: «الحرب السياسية التى أشعلها وباء كورونا، تعتمد على سلاح واحد فقط هو الشحن الإعلامي، بإطلاق آلاف المعلومات يوميا، إما بغرض اختبار رد فعل الرأى العام، أو لتوجيه العقول نحو أفكار بعينها، تحقق أهدافا خاصة للقوى التى اعتادت تحقيق أقصى استفادة ممكنة، من كل شيء ولو كان كارثة يمكن أن تقضى على حياة أعداد لا تحصى من البشر».الحروب الإعلامية والسياسية التى يشاهدها العالم هذه الأيام تعتمد بشكل واضح في قدرتها المؤثرة على مواقع التواصل الاجتماعي، التى تعد مرتعا لنشر عشرات الآلاف من المعلومات التى تجوب العالم في لحظات دون التعرف على مصدرها، أو حتى السؤال عن ماهيته، هذا ما أكده الدكتور طارق فهمى مضيفا: «كارثة وباء كورونا الحالية، ألقت الضوء على خطورة الضغط الإعلامي، الذى لم يعد قادرا فقط على تشكيل صورة تخالف الواقع، وإنما يمكنه أيضا إقناع الجميع بها، دون أن يفكر أحد في مدى صحة ومنطقية ما يغزو عقله من معلومات، وهو ما يستغله تنظيم داعش في محاولة صناعة واقع جديد، يقنع العالم بأنه ما زال قوة دولية مؤثرة، تشبه الدول، التى توجه إرشادات لشعوبها».وأتمّ فهمى تصريحه بالقول: «اللافت أن تنظيم داعش الإرهابى استطاع بفضل الدعم الموجه له من قبل قطر وتركيا سريعا أن يتكيف مع المعطيات الجديدة التى فرضها الوضع الاستثنائى لوباء كورونا».محاولة إلهاءفي غضون ذلك أكد محمد ربيع الديهي، الباحث في الشأن الدولي، أن تركيا وقطر قررتا إطلاق عناصر تنظيم داعش إعلاميا من جديد، بغرض إلهاء الرأى العام عما ترتكبانه من جرائم تتعلق بتفشى فيروس كورونا داخل البلدين، وعدم اتخاذهما أى إجراءات لحماية شعبيهما، فضلا عن تورط أنقرة في نقل المرض إلى ليبيا عبر المرتزقة الذين يتم شحنهم إلى هناك يوميا، وكذلك تورط قطر في قتل العمالة الأجنبية العاملة لديها في مشروعات كأس العالم ٢٠٢٢، عن طريق عدم توفير أى تدابير تحميهم من انتشار الوباء.وقال: «أنقرة والدوحة، تحولان أموالهما إلى ملفات دعم الإرهاب، وتغذية الصراعات في المنطقة العربية والعالم»، مضيفا: «وبرغم تفشى الفيروس في البلدين فإنهما دعمتا الإرهاب والعنف في ليبيا وسوريا بل وجدتا الفرصة سانحة من أجل إعادة تدريب وتأهيل العناصر الإرهابية في المنطقة، ليتم إطلاقهم من جديد بهدف نشر الإرهاب». وتابع: «من الواضح أن تركيا وقطر استثمرتا في أزمة انشغال العالم بكورونا، لتحقيق طموحيهما في تهديد أمن واستقرار العديد من الدول حول العالم»، لافتا إلى وجود محاولة لاستخدام العناصر الإرهابية مثل داعش للانتقام من الدول العربية.فتاوى شاذةبينما قال مصطفى زهران، باحث في شئون الحركات الإسلامية، إنه مع ظهور فيروس كورونا (كوفيد-١٩) انطلاقًا من مقاطعة «ووهان» سارع تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» نحو الاشتباك معه منذ ظهوره ثم بروز تأثيراته وتداعياته على العالم أجمع، ومضى في تقديم رؤيته الخاصة حول أسبابه ومسبباته، وتبلورت لديه- مع الوقت- رؤية محددة في شكل التعاطى والتفاعل الآنى- فضلًا عن المستقبلي- معه، الأمر الذى أثار تخوفات كبرى في أن يمثل خطورة موازية تضاف إلى الجائحة «الكورونية». وأضاف زاهران، أن تنظيم الدولة الإسلامية «داعش» يرقب عن بعد ما لحق بالجمهورية (الشيوعية) من تداعيات الجائحة «الكورونية»، وخَلُص إلى أنه عقوبة إلهية وبلاء سلطه الله عليها، حاثًّا أتباعه ومناصريه على التشفى بهم وبمصابهم انطلاقًا من كونه أمرًا شرعيًّا محمودا لممارساتهم تجاه أقلية «الإيجور» ومأساتهم مع الدولة الصينية.وأشار زهران، إلى أن تنظيم الدولة لم يجد حدثًا مثل هذا ليغتنمه ويوظفه لصالح أيديولوجيته الاعتقادية، خاصة في خضم سعيه نحو ترسيخ تصوراته للعالم من حوله عقب انهياراته الأخيرة، وافتقاده نقاط ارتكازه على الأرض وعواصمه القديمة في «الموصل» و«الرقة»، ومن ثم انتقاله إلى غرب أفريقيا بحثًا عن البديل، في ظل واقع مرتبك زاد من حدّته مقتل «أبى بكر البغدادي».

مشاركة :