لم يجد محمد أبو سويرح، من خيار سوى تخصيص جزء من مدخل المشتل الزراعي وسط قطاع غزة، مقبرة للورود بعد ذبولها جراء تفشّي فيروس كورونا الذي أوقف التصدير، وتسبّب في خلو الأسواق من المشترين. يتفقد أبو سويرح مزرعة شقيقه عز أبو سويرح، كل صباح، ليجمع كمية كبيرة من الورود والأزهار الذابلة، ويحفر من ثمّ حفرة كبيرة على مدخل المشتل لدفن الورود ومعها يدفن الأحلام في جني أرباح بيعها في هذا الموسم المخصص لتجهيز الورود لبيعها في مناسبات عدة. لقد تحوّل الحلم إلى سراب، إذ لم يحصد أبو سويرح نتاج غرسه من زراعة الشتول والورود التي يبدأها مطلع سبتمبر من كل عام، تمهيداً لاكتمالها وجاهزيتها للبيع في شهر مارس، ليغطي أسواق قطاع غزة بالورود، لينتهي حلمه داخل مقبرة الورود. يعتبر مشتل أبو سويرح غرب منطقة الزوايدة وسط القطاع، أكبر مشاتل غزة، إذ أنشئ منذ 20 عاماً على مساحة 3 دونمات، ويعمل فيه عشرة عمال دائمين استغنى عنهم أبو سويرح مع تفشّي وباء كورونا، مكتفياً بالإبقاء على أربعة عمال فقط فيما تعد «بيتونيا» و«القرنفل» من أشهر الشتول في مشتله. خسائر يقول جهاد صافي، المهندس المشرف، إنّ المشتل ينتج جميع أنواع الزهور، مشيراً إلى أنّه يعمل على تسويق الزهور داخل القطاع بشكل أكبر من الخارج. ويشير إلى أنّ المشتل يمتلك كل البذور التي يتم استيرادها من شركات عالمية من الخارج التي تصل القطاع بتكاليف عالية، فضلاً عن تكاليف الإنتاج العالية. وأوضح صافي أنّ تكاليف الإنتاج عالية للغاية، لاسيّما في ظل حساسية الشتول لملوحة المياه الكبيرة التي تصل منازل وأراضي سكان القطاع، ما يضطرهم لشراء المياه المحلاة، فضلاً عن مشكلة الكهرباء في القطاع نتيجة عدم توفرها على مدار الساعة، ما يضطر المشتل لتشغيل المولدات الكهربائية للحفاظ على الزهور، فيما يعتمد على مواسم البيع لتعويض الخسائر. لقد لاحقت الخسائر المشتل هذه المرّة في موسم تسويق الورود، بعد أن فاجأه فيروس كورونا وأفسد عليه خطط الموسم الذي بدأ الاستعداد له مبكراً منذ سبتمبر أملاً في موسم حصاد استثنائي، إذ أفسد توقف المؤسسات والمدارس، وبقاء الناس في المنازل، الأمر لتنخفض القوة الشرائية وتصبح الورود من آخر اهتماماتهم. يقول صافي في أسى: «أصبحت الأزهار والورود جاهزة للبيع والتسويق، في الوقت الذي لا يوجد فيه تسويق نهائياً، جزء كبير من هذه الشتول انتهت صلاحيتها وكبرت، وهناك أفواج جديد من الزهور بحاجة للنضوج، وكان لابد من إتلاف الزهور والورود، فكان القرار الوحيد إعدامها». ويضيف صافي لـ«البيان»: «للأسف نعتني بالورود والأزهار من صغرها كما نربي أبناءنا، لنفاجأ بانعدام التسويق وضعف القوة الشرائية، لذلك كان القرار أن يتم إتلاف الورود، لم يكن من الهيّن علينا رمي الزهور الجميلة في حاويات النفايات، فأنشأنا مقبرة على مدخل المشتل، ونقوم بدفن الورود كل صباح في المقبرة للتخلص منها». مني صاحب المشتل، بأكبر الخسائر بعد إلغاء عدة معارض للورود والزهور في غزة، بعدما أفسد عليه فيروس كورونا خططه.طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :