ترحيل العمالة الهامشية... سلاح ذو حدين

  • 4/20/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

أجمع عدد من الاقتصاديين على أن ترحيل العمالة الهامشية سلاح ذو حدين، إذ سينعكس إيجاباً على الدولة وكل قطاعاتها الصحية والأمنية والخدمية، لكنه في المقابل سينعكس سلباً على القطاع الاستثماري، الذي سترتفع فيه نسبة الشواغر، ويأتي ذلك في ظل دعوة وزارة الداخلية مخالفي الإقامة من مختلف الجنسيات إلى اغتنام مبادرة «غادروا بأمان» وتسوية أوضاعهم، ومنحهم التسهيلات كافة للرحيل دون أي التزامات مادية تجاههم. وقال هؤلاء، في تصريحات لـ«الجريدة»، إنه بالنسبة للعمالة الهامشية، التي تشكل نسبة واسعة من هؤلاء المخالفين، فإن هذه الفئة عادة ما تعتمد على الأعمال اليومية، من نقل مواد البناء، والمساح، والديكورات، والتمديدات الكهربائية، والصحية، في حين تستغل بعض شركات المقاولات وغيرها من الشركات العاملة في الأنشطة التجارية هذه الفئة، نظرا لتدني أجورها مقارنة بأجور العمالة الرسمية، فضلا عن أنها تشغل جزءاً كبيراً من العقارات الاستثمارية. وأشاروا إلى أن تأثير رحيل تلك العمالة سيقتصر على الشركات الصغيرة التي كانت تستغلهم في أعمالها، ولا تأثير يذكر على الشركات الكبيرة التي لديها عمالة رسمية، وفيما يلي التفاصيل: أكد رئيس مجلس إدارة شركة «سدير» للتجارة والمقاولات طارق المطوع أن تأثير ترحيل العمالة الهامشية على شركات المقاولات الكبيرة يكاد يكون معدوماً، في حين يقتصر على شركات المقاولات الصغيرة التي تتعاقد مع تلك العمالة باليومية. وقال المطوع، إن السوق يستطيع الاستغناء عن تلك العمالة كلياً خلال الفترة المقبلة، فوتيرة البناء والتطوير ستكون أقل بعد انجلاء أزمة فيروس كورونا المستجد، وستعود تدريجياً. وذكر أن الجميع يعلمون أن بعض شركات المقاولات الصغيرة تعتمد على العمالة الهامشية في عمليات نقل المواد والمساح والكهرباء والديكورات، وسينتج عن رحيلها ارتفاع بسيط في قيمة الأجور اليومية للعمالة الموجودة في الكويت بعد أزمة كورونا. وبين أن رحيل العمالة الهامشية سلاح ذو حدين، إذ سينعكس إيجاباً على الدولة وكل قطاعاتها الصحية والأمنية والخدمية، لكنه في المقابل سينعكس سلباً على القطاع الاستثماري، الذي سترتفع فيه نسبة الشواغر. وتوقع المطوع أن تشهد إيجارات الشقق في العقارات الاستثمارية انخفاضاً لا يقل عن 30 في المئة، فالعمالة مشغل رئيسي لجزء كبير من العقارات وترحيلها سينعكس سلباً على نسب الشَّغل، بالتالي سنشهد أيضاً انخفاضاً في أسعار العقارات أيضاً. وبين أنه مع انخفاض نسب الشَّغل في الشقق الاستثمارية ستكون هناك وفرة في المعروض، يقابلها انخفاض في الطلب، بالتالي ستكون عمليات البناء منخفضة في هذا القطاع بالتحديد. ولفت إلى أن الجميع بعد «كورونا» سيكونون في حالة ترقب لما تؤول إليه الأحداث وتداعيات هذا الفيروس، خصوصاً مع انخفاض أسعار النفط، مشيراً إلى أن وتيرة البناء لن تكون بنفس قوة ما قبل الأزمة، بالتالي الطلب على العمالة لن يكون بالشكل الكبير. وأكد وجوب الاستمرار في محاربة تجار الإقامات، فما نعيشه حالياً هو نتاج سنوات من التراخي، ويجب على وزارة الشؤون أن تكون أكثر تشدداً مع الشركات الوهمية غير التشغيلية، وأن تكون مرنة مع الشركات الوطنية. خطوة مستحقة من جانبه، قال الخبير الصناعي أحمد النوري، إن يومية العامل قبل حملة «بالسلامة ما نبي منك غرامة» التي أُطلقت في الربع الأول من عام 2011، كانت تقدر بـ 10 دنانير، أما بعد ترحيل جزء كبير من العمالة آنذاك، ارتفعت اليومية لتصبح 15 ديناراً. وأضاف النوري أن الجميع يعلمون أن معظم المقاولين أو الشركات الصغيرة تستعين بالعمالة الهامشية في أعمال المقاولات، إذ تعتبر أرخص من العمالة الرسمية ولا تتحمل رواتب ثابتة، بل يتم دفع الأجرة باليومية. ولفت إلى أن الخطوة التي تقوم بها الحكومة بترحيل العمالة السائبة والهامشية مستحقة منذ زمن بعيد، موضحاً أن الجانب الإيجابي لأزمة «كورونا» هو حل العديد من المشاكل المتراكمة بوتيرة أسرع وأكثر جدية. وأشار إلى أن المحاسبة يجب ألا تقتصر على تجار الإقامات، بل يجب أن تشمل الوزارات التي سمحت بدخول هذه الأعداد، إضافة إلى العمل على سد الثغرات بهذا الجانب، ووضع خطة تنظيمية للسنوات المقبلة. وأوضح أن ترحيل العمالة من شأنه رفع الأجور اليومية للعديد من الأنشطة ومنها المقاولات، لكن على الرغم من ارتفاع الأجور فإن التكلفة الإجمالية ستنخفض، إذ سيعمل المقاول على إنجاز أعمال البناء بأقرب وقت ممكن، خلافاً لما كان معمولاً به قبل الأزمة، لأنه في ظل انخفاض أجور العمالة يتراخى المقاولون والعمال في إنهاء العمل بالوقت المحدد. ولفت النوري إلى أن القطاع الاستثماري يقف أمام تحدٍّ كبير خلال الفترة المقبلة، وسيشهد شواغر بنسبة كبيرة في الشقق، فتلك العمالة شاغرة لجزء كبير من هذا القطاع، مبيناً أن زيادة الشواغر تعني تراجع الإيرادات، يلحقها انخفاض في الإيجارات، مما ينتج عنه في النهاية انخفاض في أسعار العقارات الاستثمارية. 110 آلاف مخالف من ناحيته، قال نائب رئيس مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي في شركة غلوبال ديفلوبرز للمقاولات المستشار يوسف شموه، إن الإدارة العامة لشؤون الإقامة كشفت في إحصائية اعدتها مطلع العام الحالي، أن عدد مخالفي قانون الإقامة بلغ 110 آلف مخالف، منهم 62 ألفاً من الذكور، و48 ألفاً من الإناث، وبلغ عدد المخالفين المسجلين على بند المادة 20 (عمالة منزلية) 49 ألفاً، وهم في المرتبة الأولى. وأوضح شموه، أن الإحصائية أظهرت أن أعداد المخالفين المسجلين على إقامات المادة 18 (العمل الأهلي)، 30 ألفاً، وعدد المخالفين وفقاً للمادة 14 (إقامة مؤقتة) 23 ألفاً، وعدد المخالفين المسجلين وفقاً للمادة 22 (التحاق بعائل) 7387 مخالفاً، وعدد المخالفين وفقاً للمادة 17 (عمل حكومي) 1100 مخالف. وأضاف أن توجه الدولة نحو ترحيل أكبر عدد من مخالفي الإقامة يعتبر خطوة جيدة ولها العديد من الإيجابيات على الدولة، لكن سيترتب على ذلك نقص في العمالة في بعض الحرف المهنية التي تتعلق في قطاع المقاولات وهذا لا يعني أنه مؤشر إيجابي بكل المقاييس فله تبعات سلبية وأضرار على المدى القريب والمتوسط وهذا الضرر سوف يلحق القطاعين العقاري بأنواعه الاستثمارية وأيضاً التجارية وقطاع الإنشاءات والمقاولات. وأشار إلى أن كثيراً من الشركات الصغيرة والمتوسطة التي تعمل في المقاولات تعتمد في تنفيذ أعمالها على نسبة كبيرة من العمالة الهامشية لتقليل التكلفة الفعلية وهذا النظام في الحقيقة غير صحي لكنه متّبع منذ زمن بعيد والجهات المعنية متمثلة في وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تحاول جاهدة تنظيم العمالة والسيطرة على ذلك، وشكلت عدة لجان وكلفت فرقاً تفتيشية ميدانية للقضاء على ظاهرة المخالفين لكن يصعب حل هذا الأمر ولو تم القضاء على جزء منه فعلياً لكن المشكلة تكمن في عدم وجود هيئة خاصة تنظم قطاع الإنشاءات والمقاولات لعدم وجود تخصص الأنشطة في الأعمال الإنشائية والمقاولات. تكلفة الرواتب وقال شموه «إننا نجد شركة صغيرة تقوم بعدد كبير من أعمال التنفيذ، وبالمنطق والعقل لا يمكن لشركة صغيرة أو متوسطة ان تتحمل عبء عدد كبير من العمالة المتخصصة في بنود التنفيذ لذا تلجأ للعمالة الهامشية ودفع أجورها باليومية للتهرب من تكلفة الرواتب والالتزامات المترتبة على ذلك. وذكر أنه، في المقابل، «نجد أيضاً أن العمالة تفضل العمل بحرية مطلقة لتحقيق عائد أكبر وأفضل من الراتب الشهري من خلال الالتزام بعقد عمل نظامي مع الشركة، وفي الوقت نفسه الشركة المنفذة ليس لديها الاستطاعة على تحمّل رواتب عالية وعدد كبير من العمالة لذلك تفضل اللجوء عن طريق العقود الباطنية. واعتبر أن ترحيل العمالة سلاح ذو حدين له سلبياته وإيجابياته «فإذا أردنا أن نسردها بشكل مختصر نجد الإيجابيات في أن عدد العمالة الهامشية سينخفض كثيراً، وأيضاً استمرارية عقود البناء والمقاولات تكون بشكل أفضل وبضمان أكثر، وأهم الأمور الإيجابية هو التخصص في الأعمال، بينما السلبيات أنه سيواجه ارتفاعاً بقيمة التكلفة المادية لأسعار البناء والإنشاءات». وطالب شموه بالبدء، بصفة الاستعجال، في تنفيذ المدن العمالية الست التي تم طرحها بنظام الـ BOT إذ استوفت الموافقات الخاصة بها، موضحاً أن المدن العمالية مشروع متكامل يشمل جميع الخدمات الضرورية والهدف الأساسي من هذه الفكرة تحديد مناطق سكن العمال في أماكن معينة بحيث يتم تقليل وجودهم في مناطق سكن العائلات كما أنها ستكون قريبة من أماكن عملهم. وذكر أن كل مدينة عمالية من بين تلك المدن سيتم إنشاؤها تستوعب 40 ألف عامل، وهذا هو المطلوب حالياً، ويجب أن تسير تلك المشاريع بخطى ثابتة دون توقف بما فيها مشروع والتي تهدف إلى توفير السكن الملائم لهم مع مراعاة جميع الضوابط والاشتراطات بحيث تتوافق مع متطلبات منظمات حقوق الإنسان، فتلك المدن تضم جميع الخدمات العامة مثل وجود الجمعية التعاونية والمخفر والطرق والمواصلات ومركز صحي وكل الخدمات التي يحتاج اليها العمالة.

مشاركة :