تسارعت وتيرة تقليص العراق لاعتماده على إمدادات الغاز والكهرباء الإيرانية مع تزايد التكهنات بقرب إلغاء الإعفاء الأميركي لبغداد من العقوبات المفروضة على إيران، والتي مدّدتها واشنطن في نهاية مارس الماضي لشهر واحد بدل 3 أشهر في المرات السابقة. بغداد - كشفت وزارة الكهرباء العراقية عن مفاجأة كبيرة بالإعلان عن أنها خفضت استيراد الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي من إيران بنسبة 75 في المئة واقترابها من تحقيق الاكتفاء الذاتي من توليد الطاقة الكهربائية. ويقول محللون إن هذا التحرك يشير إلى أن بغداد قد تكون تلقت رسالة من واشنطن بقرب إيقاف إعفاء العراق من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران. وكانت الإدارة الأميركية قد مددت الإعفاء في نهاية مارس الماضي لمدة شهر واحد بعد أن درجت على تمديده لثلاثة أشهر بشكل شبه تلقائي من فرض تشديد العقوبات قبل عامين. وقال الناطق الرسمي باسم الوزارة أحمد العبادي إن “كميات الطاقة الكهربائية المنتجة من محطات البلاد، تغطي الحاجة المحلية حاليا بواقع تجهيز مستمر، عدا محافظتي صلاح الدين ونينوى اللتين تجهزان بمعدل 20 ساعة يوميا”. ونسب تقرير نشرته صحيفة الصباح الحكومية الاثنين، إلى العبادي قوله إن “ارتفاع التجهيز يعود إلى انخفاض الأحمال وإدخال وحدات توليد جديدة للخدمة، إضافة إلى اعتدال درجات الحرارة”. وأضاف أن “حجم الإنتاج العراقي الحالي يقدر بنحو 13400 ميغاواط، ووفق هذه المعطيات عمدت وزارة الكهرباء إلى خفض حجم الطاقة المستوردة من الجانب الإيراني عبر خطوط النقل، وكذلك استيراد الغاز المستخدم لتشغيل محطات التوليد”. وأشار إلى أن الجانب الإيراني كان يوفر للعراق ما يقارب 4500 غيغاواط من الطاقة من خلال إمدادات كهرباء تصل طاقتها إلى 1200 ميغاواط وغاز يسهم بتشغيل محطات كهربائية ترفد المنظومة الكهربائية بما يقارب 3300 ميغاواط. وأوضح أن وزارة الكهرباء تكتفي حاليا بخط واحد لنقل الكهرباء من إيران لتجهيز محافظة ديالى بنحو 350 ميغاواط، بعد أن كانت تستورد من إيران يصل إلى 1200 ميغاواط عبر أربعة خطوط. بغداد قد تكون تلقت رسالة من واشنطن بقرب إيقاف إعفاء العراق من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وكشف أن الوزارة قامت أيضا بخفض كميات استيراد الغاز الطبيعي من إيران، وأنها أوقفت الضخ باتجاه محطات توليد الكهرباء في جنوب العراق، وذلك بالاعتماد على وزارة النفط في توفير الغاز البديل. وأكد أن إمدادات الغاز الإيراني تأتي حالي عبر خط واحد فقط يغذّي محطات بسماية والمنصورية والقدس والصدر لتوليد الكهرباء. ويبدو التحوّل العراقي لإيقاف الاعتماد على إمدادات الكهرباء والغاز الإيرانية مفاجئا في ظل انقسام الأحزاب السياسية، وولاء قسم كبير منها لطهران. وكان وزير النفط العراق ثامر الغضبان قد كشف هذا الأسبوع عن أن وزارة النفط تقترب من إضافة نحو مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز المصاحب يوميا إلى الإنتاج الوطني. تشير تقارير دولية إلى أن العراق يستورد الغاز من إيران بأسعار تفوق أضعاف الأسعار العالمية، رغم أن بغداد ضاعفت استثمار الغاز المصاحب وصدّرت الكثير من الشحنات إلى الخارج. وقال الغضبان إن “وزارة النفط ملتزمة بالاستثمار الأمثل للغاز المصاحب للعمليات النفطية بهدف تغطية الحاجة المحلية، ومنها تزويد محطات توليد الطاقة الكهربائية، وإيقاف استيراد الطاقة من الخارج”. وأشار إلى أن وزارة النفط كانت قد وقّعت العام الماضي عقدين كبيرين لاستثمار الغاز بطاقة 750 مليون قدم مكعبة قياسية في حقليْ الحلفاية في محافظة ميسان وأرطاوي في محافظة البصرة. Thumbnail وأضاف، أن “الوزارة أبرمت عقداً آخر قبل تشكيل الحكومة الحالية لاستثمار الغاز في حقليْ الغراف والناصرية بمحافظة ذي قار بطاقة 200 مليون قدم مكعبة قياسية”. وأكد أن “هذه العقود تمثّل خطوة مهمة لإضافة معدلات إنتاجية جديدة لقطاع الغاز في العراق تستهدف إنتاج قرابة مليار قدم مكعبة قياسية يوميا من الغاز تزوّد بها محطات الطاقة الكهربائية وجميع الصناعات المرتبطة باستخدامات الغاز”. وأشار الغضبان إلى جدية الحكومة ووزارة النفط في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز والاستغناء عن استيرادها، إلى جانب العمل على تطوير حقليْ عكاس في الأنبار والمنصورية في ديالى لإنتاج الغاز الحر، الأمر الذي من شأنه إضافة قدرات إنتاجية إضافية من الغاز. وكانت بغداد قبل تصر على أنها لا تزال بحاجة ماسة إلى إمدادات الغاز الإيرانية لتغذية قطاع الكهرباء العراقي خصوصا في فصل الصيف، الذي تصل فيه درجات الحرارة إلى أكثر من 50 درجة مئوية. وسبق أن استبعد الغضبان في 14 أبريل الجاري إيقاف عمليات استيراد الغاز من إيران لتشغيل محطات إنتاج الطاقة الكهربائية. وبانتهاء مهلة الإعفاء الأميركي نهاية الشهر الحالي سيكون العراق على أعتاب الصيف الذي ترتفع فيه معدّلات استهلاك الكهرباء، ما سيجعله أمام امتحان عسير إذا تشدّدت واشنطن في إرغامه على الالتزام بالعقوبات على إيران. ولا توفر الحكومة العراقية تقديرا سنويا دقيقا لكمية الكهرباء أو حتى الغاز الذي تستورده لتوليد الكهرباء، ما يؤكد أن الأمر لا يتعلق بحاجة بغداد قدر تعلقه بقدرة طهران على توفير المطلوب.
مشاركة :