تصف المذيعة السعودية إيمان الحمود، تجربتها الإعلامية الممتدة عشر سنوات، بأنها «ثرية»، قدّمت خلالها عدداً من التقارير والبرامج ونشرات الأخبار في إذاعة «مونت كارلو». وتقول لـ «الحياة»: «تجربتي ثرية على رغم قصر عمرها، بدأتها كمراسلة سياسية لصحيفة «الشرق الأوسط» في الكويت، مهتمة بشؤون مجلسي الوزراء والأمة، وانتقلت بعدها إلى باريس لإتمام دراستي العليا. والتحقت بإذاعة مونت كارلو الدولية التي فتحت لي نافذة واسعة على العالم العربي، وشاركت في إعداد التقارير من داخل الاستوديو والميدان. وكانت لي تجارب صحافية على الأرض أثناء ثورات الربيع العربي، ومن ثم بدأت تقديم نشرات الأخبار الرئيسة، وشرعت في تقديم برنامج أسبوعي ذي صبغة سياسية بعنوان: «ساعة خليجية»، وهو يشارف على إنهاء عامه الأول». وتضيف الحمود: «شعرت منذ الوهلة الأولى في تجربتي، بأنني وسط عائلة كبيرة من الصحافيين المخضرمين الذين لم يبخلوا عليّ يوماً بالمعلومة، بل ساعدوني وتعلّمت منهم كثيراً. ولا أبالغ إن قلت إنني مدلّلة وسط عائلتي الإذاعية، كوني أول سعودية تنضمّ إلى إذاعة «مونت كارلو». وكان الجميع يشعرونني دوماً بأن ذلك مكسب مهم، خصوصاً أنني أمثل أيضاً المرأة السعودية التي طالما صاحبتها صورة نمطية خاطئة في الغرب». وتذكر أن برنامجها «ساعة خليجية» يحظى بالانتشار في دول خليجية عدة، واكتسب جمهوراً واسعاً في السعودية، لجرأته في طرح المواضيع، وذلك يعود إلى سقف الحرية العالي الذي يمنحه الإعلام في فرنسا. عصر الانفتاح وعن الانتقادات التي تتعرّض لها السعودية بين الفينة والأخرى، تقول الحمود: «تطاول الانتقادات دولاً عدة بعد مرحلة ما بات يُعرف بالربيع العربي. وفي عصر الانفتاح الإعلامي الكبير، لا يمكن حجب الانتقادات، والهروب منها ليس حلاً، بل يجب مواجهتها ومحاولة فهم الإطار الذي انطلقت منه، وبالتالي يمكن التوصّل إلى حلول. ما نحتاج إليه في المملكة، هو صياغة خطاب إعلامي جديد يتواءم ومتطلبات العصر، ويستطيع مجابهة الآلة الإعلامية لدى الآخر عبر توضيح الصورة الحقيقية، من دون إغفال عملية النقد الذاتي والسعي إلى الإصلاح، وبذلك نصل إلى الهدف المنشود». وتشير إلى أن تقديمها برنامجاً سياسياً تجربة جديدة وفريدة من نوعها بالنسبة إلى المرأة السعودية، لأن هناك عدداً من المذيعات العربيات اللواتي تمرّسن في هذا المجال منذ أعوام عدة. وتقول: «أعترف بأنني قادمة من مجتمع ذكوري، وحقيقة كنت أخشى عدم تقبّل الرجل في مجتمعي لما أقدّمه من أطروحات سياسية، كما يقال إن المرأة ألدّ أعداء نجاح نظيراتها من النساء، لذلك فوجئت بعدد المهتمين بما أقدمه في برنامجي من الذكور والإناث في المجتمع السعودي، ما يدلّ على تغيّر كبير في ثقافة المجتمع». وترى الحمود أن ابتعاد الإعلاميات السعوديات عن السياسة يرجع إلى طبيعة التنشئة المجتمعية، التي تنأى بالفتاة السعودية دوماً عن شؤون السياسة، وتوجّهها نحو مناقشة قضايا المجتمع، كما أن المرأة السعودية انشغلت بالدفاع عن مكتسباتها الاجتماعية والمطالبة بحقوقها المشروعة، لذلك كان توجّه معظم الإعلاميات السعوديات نحو قضايا المجتمع وحقوق المرأة. وتشير إلى أن منزلها ساهم في تنشئتها سياسياً، وكذلك دراستها في الأردن، كون المجتمع الأردني قريباً من قضايا كبرى في المنطقة مثل قضية فلسطين. وتضيف الحمود: «قضية قيادة المرأة السيارة طال أمدها وأخذت حجماً أكبر، هناك أشخاص تنقصهم الحكمة في الردّ أحياناً على وجهة نظر أطرحها، فيسارع إلى مبادرتي بالقول: حاولي قيادة السيارة في بلدك أولاً قبل التحدّث عن هذا الموضوع أو ذاك. بصراحة، كلمات من هذا النوع لم تؤثر في مسيرتي يوماً، لكنها تجعلني أفكر كثيراً في السبب الذي يحول دون الوصول إلى قرار يحسم هذه المسألة، ويحدّد رأي المجتمع والدولة فيها، خصوصاً أن الوعي ازداد في شكل كبير». وترفض الحمود أن يخلع الإعلامي عباءة الحياد مهما كانت الظروف، لأنها السمة الوحيدة التي يجب أن يتحلّى بها ليكتسب الصدقية في نظر جميع الأطراف، وعليه أن يحاول قدر المستطاع أن يكون على مسافة واحدة من الجميع، ويستمع إلى كل الآراء ووجهات النظر، ويبقي وجهة نظره الشخصية بعيدة من المشهد قدر الإمكان، «هذا ما نفتقده في عدد كبير من وسائل الإعلام العربية، نتيجة الظروف السياسية الراهنة»، لافتةً إلى أن الإعلام الغربي يحظى بسقف حرية عالٍ نسبياً مقارنة بالإعلام العربي. وترى أن الإعلام الجديد استطاع منافسة الإعلام التقليدي، «بل قهره في بعض الأحيان، لا سيما في منطقتنا، إذ يعاني الإعلام الرسمي شحاً في المعلومة، ونقصاناً حاداً في الشفافية بين المسؤول والمواطن، فيتّجه الناس إلى مواقع التواصل الاجتماعي للحصول على تلك المعلومة». وعن نظرة الغرب إلى الإعلام السعودي، تقول الحمود: «الغرب على يقين بأن الإعلام السعودي كحال بقية الإعلام العربي لا ينقل كل الحقيقة، بل يكتفي بنقل جزء منها. هناك مسؤولية تقع على عاتق الإعلام السعودي، الذي يجب أن يعكف على بلورة خطاب جديد يتمكّن من مواكبة العصر، ويعمل على تصحيح الصورة النمطية في نظر الغرب».
مشاركة :