د. عبدالمجيد الجلاَّل: تراجع مشروع إيران الإقليمي!

  • 4/21/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لم تكن إيران ، في حالة ضعفٍ ووهن ، وافتقادٍ للرؤية الصحيحة ، كما هي عليه اليوم ، ومنذ انطلاقة الثورة الخمينية عام 1979 !الشواهد على ذلك كثيرة ، ومتعددة ، خاصة خلال الأشهر القليلة الماضية ، فقد دخلت إيران في سلسلة من الأزمات والمشكلات التي يبدو أنَّها تؤذن بانتهاء أحلام بناء امبراطورية فارسية غاشمة تهيمن على المنطقة بأكملها ! اقتصادياً ومعيشياً ، اندلعت مظاهرات واحتجاجات ، في الكثير من المدن الإيرانية ، هي الأعنف في التاريخ السياسي الإيراني الحديث ، على خلفية أزمات اقتصادية ومعيشية حادة ، كارتفاع مؤشر البطالة ، وتراجع الاقتصاد ، وانخفاض العملة. وتعاملت حكومة إيران مع هذه المظاهرات والاحتجاجات ، بقسوة ، غير مستغربة من نظامٍ تهيمن عليه عقيدة محاربة كل صوت يخرج عن تعاليم ورؤى النظام ، وولاية الفقيه المشؤومة. استراتيجياً ، وأمنياً ، تعرضت إيران ، وأحلامها ، في الهيمنة والسيطرة ، على مقدرات وموارد المنطقة ، لانتكاسة خطيرة ، باستهداف رجلها الأقوى قاسم سليماني ، من قبل مقاتلات أمريكية ، وكان هو العقل المدبر لمشروعها الإقليمي، ومن شاهد بكاء خامئني عند قبر سليماني ، يدرك الخسارة الكبرى ، التي منيت بها إيران بمصرع سليماني ، وتأثير ذلك ، الحاسم ، على مخططاتها التوسعية في المنطقة. وفي سورية ، يتراجع النفوذ الإيراني ، وبتدرج سريع الخطوات ، وهي التي أنفقت الكثير من مواردها وأموالها ورجالها ، لتكون سورية قاعدة إيرانية متقدمة لمشروعها الإقليمي ، فقد لعب الحليف الروسي التكتيكي ، لعبته ، وأدار ظهره للحليف الإيراني ، وفضَّل التنسيق والتعاون مع إسرائيل ، لتكون أداة ضرب لرجال ومنشآت إيران في سورية ، فأصبح رجالها ، وعناصرها ، وسلاحها ، تحت وطأة النيران والغارات الإسرائيلية ، وكل ذلك يتمَّ ، بدون تحرك روسي ، ولو ظاهراً ، لمساندة الحليف الإيراني ، ما جعل الإيرانيون يعتقدون بأنَّ التحالف مع روسيا لم يعد يخدم المصالح الإيرانية ، وهو مؤشر مهم على تلاشي النفوذ الإيراني في سورية ، ومؤشر مهم كذلك ، على السيادة الروسية الفعلية هناك . وفي العراق ، مركز نفوذها الرئيس في المنطقة ، ولأول مرة ، خرج الكثير من العراقيين ، للمطالبة بخروج إيران من بلادهم ، وحمَّلوها كل مآسي العراق ، والطائفية التي زرعتها بين أفراده ومؤسساته ، وكان اللافت فيها الشعارات الكبيرة، التي رددها المتظاهرون ” إيران برا برا “.في الملف النووي ، فشلت إيران في إقناع الأوروبيين بالوقوف معها ، ومساعدتها، في الالتفاف على العقوبات الأمريكية القاسية ، فقد هددت واشنطن أوروبا من مغبة الانصياع للمحاولات الإيرانية لفك الحصار عن اقتصادها ، ومواردها ، فاضطرت أوروبا الضعيفة إلى الانصياع للتهديد الأمريكي ، وترك إيران تحت طائلة العقوبات الأمريكية ، وعدم المجازفة بعلاقاتهم الاستراتيجية مع أمريكا، وهذه خسارة إيرانية كبرى ، بفشل محاولاتها لإنقاذ ما يمكن إنقاذه !وماذا بعد ، هذا غيضٌ من فيض، خلاصته أن المشروع الإقليمي الإيراني بات في غرفة الإنعاش ، وقد يموت في أية لحظة ، شريطة أن يستمر المجتمع الدولي موحداً ، في مواجهة أحلام بني فارس !

مشاركة :