الأنباريون يستقبلون «رمضان» بالترحاب الممزوج بالدموع

  • 6/21/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

استقبل النازحون من أبناء الأنبار شهر رمضان المبارك، بالترحاب الممزوج بالدموع حزنا على واقع لا يجدون فيه قطعة خبز ولا كأس ماء بارد، وعلى أيام رمضانية كانت جميلة جدا يصفها النازح الحاج محمد حسين أنها نكهة رمضان الفلوجية بين مساجد تنبعث منها أصوات الرحمن حين يطلق مدفع الإفطار نداء الله أكبر إيذانا ببدء الإفطار. ويروي الحاج محمد حسين البالغ من العمر 80/عاما/ النازح إلى منطقة أبوغريب غربي بغداد: لا تسألني عن رمضان في دار النزوح وتقارنه مع رمضان في بيتي مع أفراد عائلتي وأحفادي وجيراني وكل أحبابي الذين غابوا اليوم عني وأصبحت وحيدا غريبا في هذه الدار التي لجأت إليها منذ ثمانية أشهر. ويمضي الحاج حسين وعيونه حديثه، وعلامات الحزن بادية على وجهه، قائلا: لدي سبعة من الأولاد والبنات لم أرهم منذ سنة، بعد أن أصبحوا مشردين في مناطق إقليم كردستان وبعض المناطق الآمنة، بينما كان رمضان في منزلي وديواني يجمعنا وقت الإفطار بالألفة والمحبة، والتي تعتبر لمة العائلة واحدة من أجمل طقوس رمضان التي أشعر بلذتها، وهي من تقاليد العائلة التي عشتها مع والدي وجدي. وحين تذهب إلى مناطق /بزيبز/ واليوسفية وأبو غريب ومخيمات إقليم كردستان ومخيمات عديدة وسط بغداد، لا تعرف إلا المعاناة ولا ترى عيناك سوى اليأس في عيون النازحين، ولا تسمع من الأم والطفل والرجل إلا كثرة الاحتياجات الإنسانية من دواء وغذاء، فضلا عن المسكن الذي هو عبارة عن خيمة لا تليق بأناس كان يسميهم المجتمع العراقي أكابر القوم فبيوتهم التي تركوها في مناطقهم سواء في مناطق الفلوجة والرمادي أو هيت أو عنه أو القائم والرطبة والبغدادي والخالدية وغيرها، هي قصور فخمة تمتاز بفنها العمراني الراقي، حتى إن الصحفي البريطاني المشهور روبرت فسك عند زيارته للأنبار خلال عمل صحفي وصف قصورها بأنها قصور ملوك وأمراء. وتكلمت امرأة أربعينية تدعى أم طارق بحسرة واختزلت حزنها وألمها قائلة: رمضان ليس بالمائدة الغنية ولا بالقصر الفخم ولكنه بالرأفة والمغفرة وذكر لله سبحانه وتعالى. وتساءلت: أين هؤلاء المسؤولون الذين يظهرون على الشاشات التلفزيونية وهم يتخاصمون بأفكار طائفية؟ وكأننا في العراق أصبحنا أكثر من دولة، لا أحد يشعر منهم بأن العراق واحد لا فرق بين سني وشيعي وكردي وتركماني ومسيحي، وحالنا اليوم لا يسر صديقا ولا يغيظ عدوا. وتتخوف الحكومة العراقية من خطط تنظيم داعش حيث اعتادت الجماعات المتطرفة القيام بصولات خاصة في شهر رمضان تسمى غزوة رمضان ما دفع الحكومة إلى وضع الخطط العسكرية والأمنية في العاصمة بغداد وحزامها، ما أثر ذلك كثيرا على حركة النازحين، وبالتالي أصبحت حياتهم في رمضان أشبه بالسجن الواسع الذي يفتقر إلى خدمات التغذية والصحة سوى ما يأتي من الخيرين والميسورين. زيد عمره 23/عاما/ ينفق على عائلة من 10 أشخاص ويقيم في أحد مخيمات العاصمة بغداد يقول: استنفدنا كل ما نملك من الأموال، والآن لا نملك أن نشتري حبة الأسبرين، فماذا أفعل مع هذه العائلة التي تحتاج إلى الأكل اليومي خاصة في شهر رمضان، وأغلب أفراد العائلة صائمون سوى طفلة صغيرة. وكانت آخر وجبة نزوح من الأنبار في منتصف أبريل الماضي، وبلغ عدد النازحين فيها حوالي 15 ألف عائلة نازحة، عشية سيطرة تنظيم داعش على مدينة الرمادي عاصمة الأنبار وبعض المناطق والقرى المحاذية لها، حيث سكنت تلك العوائل في مخيمات بمناطق متفرقة في العاصمة بغداد وحزامها، والنصف الآخر قطن في مناطق كردستان العراق. وكان الأنباريون يحرصون خلال شهر رمضان المبارك على اللقاءات الاجتماعية العائلية أو جلسات خارج نطاق العائلة، ومزاولة لعبة المحيبس الشهيرة التي تتنافس فيها مناطق المحافظة من خلال بطولات متنوعة، ولا ننسى أطباق الحلويات تكون حاضرة مثل الكنافة أو الزلابية والبقلاوة أو الدهينة أو المحلبي، فيما تعقبها العودة لذكريات الماضي وحكايات الآباء والأجداد التي تقص جانبا من تراثهم الاجتماعي الأصيل.

مشاركة :